مناقصة الميكانيك: مجلس الشورى يقرّر وقف التنفيذ

  • 0
  • ض
  • ض

صدر عن مجلس شورى الدولة قرار إعداديّ قضى بوقف تنفيذ نتائج المناقصة العمومية لتلزيم عقد المعاينة الميكانيكية، التي رست على شركة (SGS) بسعر يفوق 440 مليون دولار على 10 سنوات. جاء هذا القرار بعد أيام قليلة على طلب المدعي العام لدى ديوان المحاسبة، القاضي فوزي خميس، من هيئة إدارة السير والمركبات الآلية، التريّث في متابعة الإجراءات الآيلة إلى وضع نتائج هذه المناقصة موضع التنفيذ. هذان الإجراءان القضائيان ملزمان لهيئة إدارة السير، إلاّ إذا قررت وزارة الداخلية (الوصية على الهيئة) أن تحذو حذو وزارة الأشغال العامة والنقل، التي سجلت سابقة برفضها الامتثال لقرار مجلس شورى الدولة بإبطال تلزيم أشغال إنشاء مرفأ عدلون (السنسول الرئيسي ــ المرحلة الأولى)

اتخذ مجلس شورى الدولة، أمس، قراراً إعدادياً بوقف تنفيذ المناقصة العمومية لتلزيم تشغيل منشآت المعاينة الميكانيكية. جاء هذا القرار بناءً على المراجعة المقدمة أمام قضاء الأساس من مجموعة شركات «جودة»، ممثلة بالمفوّض بالتوقيع المهندس يعقوب الصراف، وذلك لاستناد المراجعة الى «أسباب جدية»، بحسب ما جاء في القرار.

وكان قضاء العجلة لدى مجلس شورى الدولة قد ردّ طلب وقف التنفيذ في مرحلتيه (الاولى والاستئناف) بحجة عدم صلاحياته بعد توقيع العقد وإعطاء أمر مباشرة العمل للشركة الفائزة.
يشكّل قرار مجلس شورى الدولة تطوراً مهماً في ملف تلزيم عقد المعاينة الميكانيكية، إذ يعبّر عن اقتناع ضمني لدى القضاة بوجود أسباب جوهرية للسير في المحاكمة، ولا سيما أن المدعي العام لدى ديوان المحاسبة، القاضي فوزي خميس، عبّر عن اقتناع مماثل، في قراره منذ أيام، بفتح التحقيق في ملابسات عملية التلزيم والطلب من هيئة السير التريث في تسليم الشركة الفائزة مواقع العمل.
الجدير بالإشارة أن هيئة السير وافقت على تلزيم العقد الى شركة (SGS) بسعر يفوق 440 مليون دولار على 10 سنوات، علماً بأن 5 شركات شاركت في المناقصة، وجرى استبعاد 3 شركات في مرحلة التقييم الفني قبل فض العروض المالية، وجرى أيضاً رفع علامة شركة رابعة كي لا تُلغى المناقصة في حال بقاء شركة وحيدة. والشركة الرابعة هي شركة متعاقدة مع الهيئة بصفة استشاري في مجال محطات الفحص الفني للمركبات الآلية، وهو أمر مخالف لدفتر الشروط. وقد أدلت شركتان من الشركات الثلاث المستبعدة بأن أسعارها أقل من نصف سعر الشركة الفائزة!
انطلاقاً من هذه الوقائع، رأى مجلس شورى الدولة (محكمة إدارية) في قراره أن شروط وقف التنفيذ المنصوص عليها في المادة 77 من نظامه متحققة في المراجعة المذكورة، وهي: الضرر البالغ والارتكاز على أسباب جدية ومهمة، إذ بيّنت المراجعة عدم صلاحية هيئة إدارة السير توقيع العقد وإبرام الصفقة، وحاججت في مسألة خضوع مناقصة الميكانيك لرقابة ديوان المحاسبة المسبقة، وأظهرت أن الشركة المستدعية استوفت الشروط الفنية المفروضة في دفتر الشروط، خلافاً لما أدلت به لجنة الخبراء، بهدف استبعادها قبل فض عرضها المالي.
المديرة العامة للهيئة هدى سلوم علّقت في اتصال مع «الأخبار» بأن «المسألة ليست أن نوقف التنفيذ أو نستمر في المناقصة، فالأمور جامدة الآن، وهناك مراجعات قضائية سنرد عليها بالشكل المناسب وتحت سقف القانون».
يوضح المحامي عصام إسماعيل أن الكرة باتت الآن في ملعب هيئة إدارة السير، لكون القرار ملزماً لها تحت طائلة تطبيق المادة 371 من قانون العقوبات التي تنص على: «كل موظف يستعمل سلطته أو نفوذه مباشرة أو غير مباشرة ليعوق أو يؤخر... تنفيذ قرار قضائي أو مذكرة قضائية أو أي أمر صادر عن السلطة ذات الصلاحية يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين». ويقول إن «القرار الصادر عن مجلس شورى الدولة هو قرار تمهيدي لاستكمال المحاكمة وصدور قرار بإبطال تلزيم منشآت المعاينة الميكانيكية، وإن كان سيستغرق بعض الوقت، لكن الدعوى ماشية».


هدى سلوم: سنتابع المراجعات القضائية تحت سقف القانون


هل يترتب على الدولة مسؤوليات معينة تجاه الشركة الفائزة بالمناقصة ( SGS) بما أن المناقصة سلكت طريقها، لجهة إعطاء هيئة إدارة السير أمر مباشرة العمل للشركة الفائزة التي دفعت الكفالة؟ يقول إسماعيل: «لا مشكلة في الكفالة، إذ تستطيع الشركة أن تستردها، من دون أن تترتب أيّ مسؤوليات على الدولة؛ فالمادة 30 من قانون موازنة 1990 جاء فيها: تعتبر باطلة بطلاناً مطلقاً ويحظر على أية جهة رسمية ترتيب أي أثر قانوني عليها، جميع الاعمال والتصرفات والتدابير الحاصلة خلافاً للقواعد والاصول المقتضاة قانوناً».
من جهته، بدا القاضي فوزي خميس مقتنعاً بأن مجلس شورى الدولة هو المرجع القضائي المختص لبت هذه القضية، وأن ديوان المحاسبة ليس لديه صلاحية الرقابة المسبقة على المؤسسات العامة، ومع ذلك فهو يتابع تحقيقاته في هذا الملف، حسبما قال لـ»الأخبار».
قرار مجلس شورى الدولة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه (الموافقة على نتيجة المناقصة العمومية لتلزيم تشغيل المعاينة الميكانيكية)، تم اتخاذه بإجماع رئيس الهيئة الحاكمة القاضي نزار الزين وعضوية المستشارين طارق المجذوب وثريا الصلح. وجاء في القرار أنّ المستدعية (مجموعة شركات جودة لبنان) أدلت بعدم صلاحية المستدعى بوجهها لاتخاذ القرار المطعون فيه (تلزيم تشغيل منشآت المعاينة الميكانيكية)، باعتبار أنّ هيئة إدارة السير والمركبات الآلية التي تبلغت النتيجة فقط دون الملف لا تملك صلاحية توقيع العقد وإبرام الصفقة، فمجلس الوزراء كلف الهيئة بإعداد دفتر الشروط وبتقديم المشورة الفنية كخبراء، وهذا الإعداد لا يولي هذه الهيئة صلاحية توقيع العقد. وأشارت المستدعية إلى أنّ المرسوم الرقم 4082 تاريخ 14/10/2000 المتضمن إنشاء الهيئة العامة لإدارة السير والمركبات الآلية حدد مهماتها في المادة 55 منه، وهي وظائف تنظيمية تشغيلية، ولا يتبين أنه منحها صلاحية إنشاء مراكز معاينة أو إبرام صفقات كبرى لإدارة قطاع المعاينة بكامله.
ورأت الشركة المستدعية أنّ عدم إخضاع الصفقة لرقابة ديوان المحاسبة المسبقة هو مخالفة للأصول الجوهرية، باعتبار أن هذه الرقابة مقررة بنص تشريعي، وإلغاءها يجب أن يتم صراحة لا أن يؤخذ بالاستنتاج. وقد يكون ديوان المحاسبة حاسماً لجهة وجوب إصدار قانون لحجب رقابته المسبقة عن أعمال المؤسسات العامة، وذلك بموجب رأيه الاستشاري الرقم 14/90 تاريخ 20/9/1990.
وشرحت الشركة المستدعية الثغر والمخالفات التي اعترت عملية التلزيم، كما ردّت على مبررات استبعادها في مرحلة التقييم الفنية، موضحة أن هذه المبررات واهية وتهدف الى إخراجها من المناقصة. ورأت في مراجعتها أن المخالفة الفاضحة التي ارتكبتها لجنة التلزيم، هي تعمّدها قبل فض العروض المالية رفع علامة تجمع شركات ضومط vivauto على الرمز N1، وهو رمز تقييم خبرة الشركات، من 1.33 إلى 3، من دون الإشارة إلى مبررات هذا التعديل وأسبابه، وهذا ثابت في كتاب إدارة المناقصات.
أما المخالفة الفاضحة الثانية، التي ارتكبتها لجنة التلزيم، بحسب المستدعية، فهي «أنّ شركة vivauto الممثلة بالسيد ناجي عويس والمتسترة بالسيد ضومط هي متعاقدة مع الدولة اللبنانية منذ نحو 14 عاماً لتقديم الاستشارات لمحطات الفحص الفني للمركبات الآلية، وهي تقدم الاستشارات للوزارة، وقد وافق مجلس الوزراء على التمديد لهذه الشركة أخيراً بتاريخ 17 كانون الثاني 2013، وجرى تمديد المهمة بموجب قرار مجلس الوزراء تاريخ 10/10/2014 ثم بموجب قرار مجلس الوزراء تاريخ 20/3/2015، ولهذا فإن قبول اشتراكها في المناقصة يخالف المادة 3 ــ 4 من دفتر الشروط».
في المقابل، ردّت هيئة إدارة السير في اللائحة الجوابية أنّ الشركة المستدعية لم تقدم البراهين على وجود مخالفات، سواء في دفتر الشروط أو في إجراءات المناقصة. وقالت الهيئة إنّ أحكام المادة 30 من قانون موازنة 1990 لا تنطبق على الحالة الحاضرة، كذلك فإنّ المؤسسات العامة تخضع، بحسب المادة 26 من النظام العام للمؤسسات العامة، للرقابة الإدارية المؤخرة، ووفقاً للمادة 53 من مرسوم إنشائها رقم 4082/2000 فهي تخضع لأحكام هذا النظام العام، أي إن رقابة ديوان المحاسبة هي رقابة مؤخرة فقط. ورأت هيئة إدارة السير أنّ لجنة التلزيم قامت بفحص جميع العروض من الناحية الإدارية بشكل علني وبصورة متساوية وأمام جميع العارضين، كما هو ثابت في محاضر التلزيم، واستغرقت الوقت نفسه في دراسة كل الملفات من دون تمييز، وأعطت الوقت الكافي لكل ملف على حدة، وفقاً لما ورد فيه من مستندات. ورأت الهيئة أنّ تقرير لجنة الخبراء استند إلى دفتر الشروط وفقاً للمعطيات الفنية التفصيلية التي أوردتها المستدعية، وأن أي عارض فني جزئي يجب رفضه، أي إن دفتر الشروط استبعد إمكانية استكمال النواقص. كذلك رأت أنّ تعديل العلامات يعود إلى اللجنة التي وحدها تقرر العلامة المناسبة لكل عرض.

  • شروط وقف التنفيذ المنصوص عليها في المادة 77 من نظام المجلس متحققة في المراجعة

    شروط وقف التنفيذ المنصوص عليها في المادة 77 من نظام المجلس متحققة في المراجعة (مروان طحطح)

0 تعليق

التعليقات