قوى الأمن سمحت بمزاولة اعمال جرف رمول الشاطىء وسحبهااستجابت الشرطة لطلب الجهة الحكومية المعنية، وعمدت الى ايقاف الاعمال الجارية على الشاطىء... ولكن، لم تجر استعادة الرمول "المشفوطة" ولا تغريم احد او ملاحقة المتورطين، بل سرعان ما استؤنفت أعمال شفط رمل الشاطىء يوم أمس... بإذن من الشرطة نفسها! تفيد معلومات "الأخبار" أن قوى الأمن الداخلي سمحت بمزاولة اعمال جرف رمول الشاطىء وسحبها مجددا شرط "ابقائها ضمن المنطقة". هكذا، بلّت شرطة بيروت كتاب القيسي بماء البحر، وبدل اعادة الرمول الى مكانها الأصلي، غطت "شفط" المزيد من الرمول، من دون ان يكون ذلك من اختصاصها وصلاحياتها، اذ إن قوى الأمن الداخلي غير مخولة القفز فوق المديرية المعنية أولا وابتداع الأذونات بما يخص الشاطىء ثانيا؛ وخصوصا أن المقاول لم يستحصل على اذن ازالة الرمول في الأساس، وهذه العملية لا تدخل ضمنا في رخصة البناء بل تحتاج الى رخصة خاصة، ولا يمكن الاعتداد بقرار محافظ بيروت، زياد شبيب، لانه ينحصر بتحرير تسعة عقارات من التجميد الذي طاولها قراره السابق بوقف التراخيص والمعاملات المتعلقة بالرملة البيضاء، ومن ضمنها تلك التي يقام عليها مشروع «إيدن روك»، فضلاً عن ان عاشور وقّع تعهداً بعدم التعدّي على الملك العام وحقوق الغير كشرط مسبق لتحرير عقاره.
ما سبق يفترض أن يكون اخبارا للنيابة العامة والتفتيش المركزي ومجلس الوزراء، علما ان القضية لم تبدأ الأسبوع الماضي، بل تعود الى عام تقريبا، عندما قام اصحاب "ايدن روك" بإنشاء حفرة كبيرة في العقار نفسه، قبل أن يعيد البحر سدّ الحفرة في الشتاء، ولكن فعليا لا دولة أو قضاء يحاسب عما حلّ بالرمول المنقولة من العقار العام الماضي ولا التي جرى نقلها الأسبوع الماضي. علما أن الرمول المسحوبة، بحسب احد الخبراء، هي من أثمن أنواع الرمال بسبب نعومتها، اذ يقدر سعر حمولة كميون العشرين مترا مكعبا منها بـ800 دولار بالحدّ الأدنى. يجري غسله وبيعه، ويُستعمل في اعمال "الورقة الاسمنتية على الجدران والاسقف او لصناعة الزجاج او لتجهيز ارض الملاعب".
نفى محامي عاشور، في مقابلة تلفزيونية، التعدّي الواقع على الاملاك العمومية البحرية ومحتوياتها من الرمول، فأشار الى أن العقار 3689 ملك علني وثابت في السجلات، طالبا مراجعة مديرية الشؤون الجغرافية في الجيش اللبناني. وقال ان عاشور حصل بتاريخ 2/9/2016 على رخصة البناء التي تتطلب ازالة الرمول للبدء بالعمل. وقد استند المحامي في كلامه الى قرار محافظ بيروت بتحرير العقار واستئناف العمل فيه بناء على مستندات تثبت أن العقار أرض صخرية وملك خاص، أي ليس جزءا من الشاطىء الرملي. علما أن الصور الجوية للجيش اللبناني تعود الى عام 1956 وما بعد، حيث كان قد جرى التلاعب بجزء من الشاطىء. تظهر خريطة 1876/1920 وصور الشؤون الجغرافية في عام 1949، اضافة الى صور الشاطىء الملونة في العام نفسه كما في أوائل القرن العشرين، أن العقار جزء من شاطىء الرملة البيضاء الذي يتوسط ما يعرف بالطريق الساحلية (شارع أم كلثوم الذي سمي قسم منه لاحقا شارع أحمد الصلح) والبحر. والصور واضحة في اظهار طبيعة الأرض الرملية التي جرى التلاعب بجزء منها بعد خروج الفرنسيين ورمي الردميات عليها عمدا من أجل تغيير طبيعتها. اشارة الى أن تحديد حدود الأملاك البحرية العمومية من مهمات مديرية النقل البري والبحري التابعة لوزارة الأشغال لا محافظ مدينة بيروت. وكان وزير الأشغال غازي زعيتر قد طلب من المحافظ رفع يده عن الموضوع قبل بضعة أشهر تحت هذا العنوان، فيما لم يحرك ساكنا حاليا عقب فتاوى شبيب الأخيرة التي أمنت الذريعة لعاشور اليوم من أجل المسّ بالشاطىء العام من جديد، من دون تبرير أو توضيح للأسباب التي دفعته لايقافه عن العمل في شهر حزيران الماضي و"تحريره" بعد شهرين.
تحرك مديرية النقل البحري والبري يوم السبت الماضي جرى بخجل ضمن منطقة صنفت في مرسوم الخطة الشاملة لترتيب الأراضي رقم 2366 / 2009 بأنها حساسة بيئيّاً لدرجة عالية، وعُدّت واحدا من المواقع الطبيعيّة الفائقة الأهميّة مع ضرورة وإلزامية ان تكون محميّة بأكملها.