أعلن المبعوث الدولي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، قبول أطراف الصراع في اليمن بوقف لإطلاق النار مدّة 72 ساعة، ابتداءً من يوم غد الخميس. وقال ولد الشيخ، من نيويورك، إن "الهدنة ستدخل حيّز التنفيذ الأربعاء 19 أكتوبر، عند الساعة 23:59 بالتوقيت المحلّي (لليمن)"، مشيراً إلى تلقّيه "تأكيدات من كافّة الأطراف اليمنية بالتزامها بأحكام وشروط وقف الأعمال القتالية".الشروط التي سيتمّ إيقاف وقف إطلاق النار على أساسها، وفق بيان ولد الشيخ، لن تختلف عن محدّدات اتّفاق الهدنة السابقة، بل ستكون بمثابة "استئناف للهدنة التي اتّفق عليها أطراف النزاع في اليمن، في 10 إبريل".
ودعا البيان "كافّة الأطراف اليمنية والإقليمية والمجتمع الدولي لتشجيع الاحترام الكامل لوقف الأعمال القتالية حتّى يفضي إلى نهاية دائمة للنزاع في اليمن"، مطالباً بإعادة "تفعيل فورية للجنة التهدئة والتنسيق وانتقال أعضائها إلى ظهران الجنوب، بحسب ما تمّ الاتّفاق عليه خلال مشاورات الكويت".
لوّح المجلس السياسي الأعلى بتشكيل حكومة الإنقاذ في غضون أيام

وكانت السعودية قد أبدت استعدادها "للاتّفاق على وقف لإطلاق النار في اليمن، إذا وافق الحوثيّون عليه"، وأعرب وزير خارجيتها عادل الجبير، في تصريحات صحافية خلال زيارة إلى بريطانيا، عن أمله بأن "تقنع الأمم المتّحدة أطراف الصراع بالعودة إلى مائدة المفاوضات". وقال الجبير للصحافيين "نودّ لو رأينا وقفاً لإطلاق النار أمس. الكلّ يريد وقفاً لإطلاق النار في اليمن، وفي مقدّمتهم المملكة العربية السعودية وأعضاء التحالف".
العاصمة البريطانية كانت قد استضافت الأحد الماضي حراكاً دبلوماسياً مع لقاءات وزراء خارجية كلّ من أبو ظبي والرياض وواشنطن (على هامش المؤتمر بشأن سوريا الذي دعت إليه لندن)، على خطّ الدعوة إلى هدنة بين أطراف الصراع في اليمن، دعا إليها كل من وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، ونظيره الأميركي جون كيري، وانضمّ إليها المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد. وأشار كيري عقب اللقاء إلى أن ولد الشيخ سيكون مسؤولاً عن إعلان تفاصيل اتفاق إطلاق النار المنشود وموعد دخوله حيّز التنفيذ، ودعا الأطراف إلى وقف إطلاق نار غير مشروط، وقال كيري، عرّاب المبادرة، إنه يدعو مع جونسون وولد الشيخ أحمد إلى تنفيذ وقف إطلاق النار "بأسرع ما يمكن، وهو ما يعني الاثنين أو الثلاثاء".
التحرّك الدولي عقب مجزرة صالة العزاء في العاصمة اليمنية صنعاء تلقّفته القوى اليمنية بكثير من التشكيك، واضعة الحماسة المستجدّة لدى السعودية والدول الكبرى في خانة احتواء التصعيد وامتصاص ردّ الفعل اليمني على المجزرة التي قامت بها طائرات التحالف السعودي. وفي هذا السياق، بدت لافتة عودة السعودية عن منعها الوفد التفاوضي لأنصار الله والمؤتمر الشعبي العام، الموجود في العاصمة اليمنية مسقط، من العودة إلى صنعاء، ما أوحى بإصرار الرياض على إنجاح الهدنة، من ضمن محاولاتها التخلّص من ذيول حادثة صنعاء وما تبعها من ضغوط، لا تزال تلقي بظلالها.
هذه الريبة لدى قوى صنعاء ترجمتها تجاوباً فاتراً مع الدعوة إلى الهدنة. وقال المتحدّث باسم حركة "أنصار الله" ورئيس وفدها التفاوضي، محمد عبد السلام، إن "وقف إطلاق النار الشامل برّاً وبحراً وجوّاً، وفكّ الحصار والحظر الجوّي، موقف يطالب به كل اليمنيين، والمشاورات في ظلّ استمرار العدوان مضيعة للوقت". وبالصيغة المشروطة ذاتها، ردّ أمس المجلس السياسي الأعلى في صنعاء، في اجتماعه برئاسة صالح الصماد، على إعلان ولد الشيخ للهدنة، مبدياً استعداده "للتعاطي الإيجابي مع أيّ قرارات تصدر من مجلس الأمن، من شأنها إيقاف العدوان الغاشم، دون قيد أو شرط، وفكّ حصاره على كافّة المنافذ البرّية والبحرية والجوّية".
وقالت مصادر وفد صنعاء التفاوضي لـ"الأخبار" إن الجانب اليمني يتعاطى مع مبادرة الهدنة بشيء من الحذر وعدم الثقة، ويتعامل معها على أنها تمّت "من طرف واحد"، ولا يعطيها صيغة الاتّفاق الملزم، ما لم تصدر بقرار رسمي من مجلس الأمن، وتنصّ على وقف الأعمال العدوانية وفكّ الحصار، وفي الوقت عينه لن تُرفض المبادرة بالمطلق، وستتمّ مبادلة التهدئة الميدانية بالمثل.
وأعاد المجلس السياسي الأعلى، المنبثق عن تحالف أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام، التلويح بتشكيل حكومة الإنقاذ الوطني، التي سبق أن كلّف عبد العزيز بن حبتور لتشكيلها. وأكّد المجلس في اجتماعه أن إعلان أسماء حكومة الإنقاذ الوطني سيتمّ خلال الأيّام القليلة المقبلة، وستتضمّن الحكومة "عدداً من الشخصيّات الوطنية الكفوءة والقادرة على تحمّل المسؤولية والقيام بالمهامّ على أكمل وجه، خلال المرحلة القادمة بكلّ صعوباتها وتحدّياتها، خاصّة في ظلّ العدوان السعودي الغاشم الذي استهدف ويستهدف تدمير البنى التحتية للبلاد".
في المقابل، وافقت حكومة الرئيس المستقيل، عبد ربه منصور هادي، على وقف إطلاق النار. وقال وزير خارجية حكومة هادي إن الأخير وافق على وقف إطلاق النار "إذا التزم الطرف الآخر"، وعلى "تفعيل لجنة التهدئة وفتح الحصار عن تعز".
(الأخبار)