طُويت المرحلة الثانية من التسوية الرئاسية، بهدوء تام، وبلا "أضرار جانبية". بعد انتخاب الجنرال ميشال عون رئيساً للجمهورية، تم تكليف الرئيس سعد الحريري بتأليف أولى حكومات العهد الجديد. وفيما كانت الأنظار متجهة إلى موقف الرئيس نبيه بري من تسمية الحريري، حسم رئيس المجلس الأمر، وأعلن أنه سمّى الحريري، وأنه بذلك يسدّد الدَّين الذي في ذمته لرئيس تيار المستقبل عندما قال: أنا مع الحريري ظالماً أو مظلوماً. وسيبدأ الحريري اليوم مشاوراته مع الكتل النيابية، وهي مشاورات شكلية. فالمفاوضات الجدية لتأليف الحكومة تدور في أماكن أخرى، في لقاءات الوزير جبران باسيل ونادر الحريري مثلاً، وفي اجتماعات الأخير والوزير علي حسن خليل كمثال آخر. خط الاتصال بين خليل ونادر الحريري لم ينقطع، رغم التوتر الذي شاب العلاقة بين رئيس المجلس النيابي ورئيس الجكومة المكلف. لكن هذا التواصل لا يعني أن التفاوض الجدي بين عين التينة ووادي أبو جميل على تشكيلة الحكومة قد بدأ، رغم الأجواء الإيجابية السائدة بينهما.
بري: مال النفط لإطفاء الدين ولا أريد وزارة الطاقة... اما المالية، فشأن آخر

مصادر في تيار المستقبل وصفت كلام بري بعد لقائه عون أمس بأنه "فال خير"، وهي ترى فيه "الكثير من الإيجابية". أما بالنسبة إلى ما قاله رئيس المجلس عن دَين سدّده للحريري، فقالت مصادر الأخير: "لا نعتبر أن بيننا وبين الرئيس بري حساباً في الأساس. ما قام به يحمل الكثير من الإيجابية". أما بشأن تشكيل الحكومة وتوزيع المقاعد "فحتى الساعة لا نعرف ماذا يريده بري. هناك يومان من الاستشارات على ضوئها يتضح العديد من الأمور". وبدا لافتاً أمس تأكيد الحريري نيته تأليف حكومة وحدة وطنية، فيما كان حليفه رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع قد عبّر أول من أمس عن رفضه مبدأ تشكيلة "الوحدة الوطنية"، معلناً رغبة حزبه الحصول على وزارة المال، في ما بدا محاولة منه لعرقلة تأليف الحكومة. وعلّقت مصادر رفيعة المستوى على كلام جعجع بالقول: "من الطبيعي أن يرفع كل طرف طلباته"، ولكن بالنتيجة "تأليف الحكومات يتم بالتعاون والتنسيق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وليس على شاشات التلفزيون".
من جهة أخرى، علمت «الأخبار» أن الرئيس الحريري والوزير باسيل بحثا قبل أيام في اقتراح أن تكون الحكومة من 32 وزيراً، بهدف إضافة مقعدين للأقليات (مقعد مسيحي وآخر لأحد أبناء الطائفة العلوية). لكن الحريري أصرّ على أن تكون الحكومة 30 وليس 32. وتفضّل غالبية القوى الرئيسية أن تكون التشكيلة الوزارية من 30 وزيراً. وفي حال استقرت النتيجة على ذلك، سينضم إلى الحكومة ممثلون عن كتل لم تتمثّل في حكومة الرئيس تمام سلام، كالنائب طلال أرسلان الذي سيكون مقعده الوزاري هو المقعد الدرزي الثالث، لا من حصة النائب وليد جنبلاط.
وجرى التداول أمس بمعلومات مفادها أن باسيل لن يدخل الحكومة، أو أنه سينضم إليها بصفة "وزير دولة"، بلا حقيبة، لكي يتمكن من مساعدة رئيس الجمهورية، فضلاً عن مهماته في رئاسة تكتل التغيير والإصلاح ورئاسة التيار الوطني الحر. كذلك يجري الحديث عن تعيين ابنة الرئيس ميشال عون، ميراي، في منصب استشاري رفيع في القصر الجمهوري، علماً بأنها كانت تؤدي دور مساعدة رئيسية لوالدها في الرابية.
وغير بعيد عن التشكيلة الحكومية، حُكي الكثير عن أن ملف قانون الانتخابات سيكون مدخلاً لاشتباك جديد مع الرئيس برّي، خصوصاً بعد الحديث عن اتفاق بين عون والحريري على إمكانية التمديد للمجلس أو السير بقانون الستين. إلا أن بري نفى صحة ما يُروّج، مؤكداً أنه اتفق مع الرئيسين عون والحريري خلال اجتماعهم في قصر بعبدا أمس «على ضرورة أن يكون هناك قانون جديد للانتخابات قبل موعدها المحدد»، وأنه «لمس خلال الحديث رفضهما أن تجرى على أساس قانون الستين أو أن يتم التمديد للمجلس النيابي».
ولجهة تأليف الحكومة، ردّ برّي على ما يشاع بشأن مطالبته بالحصول على وزارة الطاقة، مؤكّداً لـ«الأخبار» أنه «لم يسألني أحد عنها، لكنّهم حتى لو عرضوها عليّ، لا أريدها، أمّا وزارة المالية، فذلك موضوع آخر». وقال رئيس المجلس، إن «مسألة وزارة الطاقة وملفّ النفط ليس مسألة وزير، لو كنت في الحكومة أو كنت في المعارضة، وأنا لا أزال الآن في المعارضة، لن أقبل أن يتمّ التصرّف بملفّ الطاقة والنفط من دون هيئة وطنية تحفظ هذه الثروة وتشكيل صندوق سيادي وطني في المصرف المركزي للاستفادة من عائدات النفط لتسديد الدين العام».