في 28 شباط 2015 حاورت «الاخبار» الوزير السابق ميشال اده. قال: «ميشال عون رئيساً او لا احد». بعد سنة و8 اشهر، 31 تشرين الاول 2016، صح التوقع: لا رئيس للجمهورية سوى ميشال عون.مرّت انتخابات رئاسة الجمهورية من تحت منخار اده ست مرات: 1982 و1988 و1989 و1998 و2004 وصولاً الى آخر المحطات 2007، من دون ان يصل. كذلك مع الرئيس ميشال عون اكثر من مرة: 1988 ثم 2007، الا انه وصل اليها بحسب ما يقول اده: «بالعناد والارادة الصلبة الفولاذية. انتظر 28 عاماً ووصل. حفر جبل الرئاسة بالابرة. بل خيّط الرئاسة خيطاً خيطاً». لم يصنع الحظ رئاسة «الجنرال» كالرئيسين شارل حلو وسليمان فرنجيه، ولا المفارقة كالرؤساء فؤاد شهاب وامين الجميل والياس هراوي. انتظرها بصبر اطول من صبر الرئيسين الياس سركيس ورينه معوض.
ذات يوم من عام 2015 قال عون لإده في لقاء جمعهما: «إما انا رئيس او لا احد. في انتخابات 2007 ــــ 2008 اخطأت، ولم يكن من المصيب ان اقبل بسواي رئيساً للجمهورية. لن أكرر هذا الخطأ مرة اخرى، ولن ادع احداً يصل كما فعلت مع ميشال سليمان. انا او لا احد».
يقول اده: «بالتأكيد صدقته، ورددت هذه العبارة في اكثر من مكان وامام اكثر من مسؤول وشخصية. صدقته لأنني اعرفه جيداً. اقول ذلك لأنني عايشت رؤساء لبنان جميعهم منذ اولهم الشيخ بشارة الخوري حتى آخرهم. جميعهم تفاوتت فرص وصولهم الى الرئاسة. بينهم مَن كانت لديه شعبية، وبينهم مَن كانت شعبيته مقبولة، كما بينهم مَن لم تكن لديه اي شعبية على الاطلاق. لكن احداً لم يحظَ بشعبية هائلة كالرئيس عون. لا زعيم مسيحياً في تاريخ لبنان امتلك شعبيته. حتى الرئيس كميل شمعون لم يحظَ بمثل شعبيته. 28 عاماً لم يتخلّ انصاره ومؤيدوه عنه رغم كل الاوضاع الصعبة والعزل الذي مرّ فيه في لبنان، ثم انتقاله الى المنفى طوال 15 سنة، ثم بعد عودته والمحاربة التي تعرض لها. تغيرت من حول الرئيس عون كل الاوضاع، ولم يتغير هو ولا اصراره على الوصول الى الرئاسة. لا سابقة في ذلك. عندما انتخب لم اصدق رد الفعل. كلٌ من انصاره شعر بأنه هو الذي انتخب من فرط تعلقه به. اهمية انتخابه اليوم ان لبنان في حاجة الى رئيس بمواصفاته من وطأة المشكلات التي يواجهها. ليست المسألة ادارة ازمة فحسب».
لا زعيم مسيحياً في تاريخ لبنان امتلك شعبية كالرئيس عون

يعقب الوزير السابق على السجال الدائر حول الحقائب على هامش تأليف الحكومة الجديدة: «كل الحقائب اساسية. من اين يأتون بتمييز هذه عن تلك؟ صعوبة المشاكل التي نجبهها اليوم تجعل وزارات يصفونها بأنها ثانوية اكثر من اساسية. وضع الزراعة وكساد الانتاج يجعل الحقيبة اكثر من اساسية. كذلك البطالة وفقدان فرص العمل في المصانع. كذلك حال البيئة المتردية والنفايات المنتشرة في كل مكان تحيل وزارة البيئة اكثر من اساسية. هناك ايضاً حال السياحة التي يعتاش منها لبنان. كل الحقائب مهمة، وكلها سيادية على قدم المساواة. نحن نعيش بفضل تحويلات المغتربين في الخارج. في ما مضى كانت تتدفق من البرازيل والارجنتين والمكسيك، ثم انقطعت وانتقلت الى افريقيا. الآن تأتي التحويلات من الخليج العربي الذي يمر بدوره في ازمات سياسية مهمة ومقلقة. لا يتوقعن احد معجزة من الرئيس عون. الوضع سيئ، الا ان خيار الرئيس سعد الحريري جنباً الى جنب مع رئيس الجمهورية من شأنه ان يساعد على تجاوز المشكلات، خصوصاً وانهما يمثلان الاكثرية الشعبية عند المسيحيين والسنّة، من غير ان نغفل وقوف الرئيس نبيه بري معهما. الثلاثة يريدون التعاون معاً، لكن المطلوب من الافرقاء الآخرين التعاون معهم ايضاً، فكيف ونحن محاطون بدول الجوار في حال يرثى لها: سوريا في حرب، العراق صار اكثر عراقات، مصر تقترض 13 مليار دولار لتقف على قدميها، السعودية تواجه مشكلة اليمن، ايران تحاول فك الحصار عنها. في مرحلة كهذه اعتقد انه الرئيس الوحيد الملائم لمرحلة كهذه بلا اي منافس».
هل يؤيد القول الرائج عن «الرئيس القوي»؟
يقول اده: «الكلام عن رئيس قوي يجب ان يقترن بكلام عن رئيس حكيم. الرئيس شهاب كان رئيساً قوياً مقدار ما كان رئيساً حكيماً. اسلاف الرئيس عون لم يواجهوا ظروفاً سيئة كالتي نمر فيها الآن. كانت ادارة الازمات واحوال البلاد سهلة، مع ذلك انتهت ولايات عدد منهم بمشكلات كبرى واحياناً بأزمات خطيرة. امام الرئيس عون تحديات كبرى واساسية، والالتفاف من حوله يساعد على جبهها، وهو ما يجعلني متفائل بأنه لن يكتفي باتخاذ القرارات فحسب، بل فرضها ايضاً. وهو ما اتوقعه منه. قوة الرئيس في ذاته كما في صلاحيته. كانوا يقولون ان رئيس الجمهورية بلا صلاحيات بعدما انتزع اتفاق الطائف جزءاً منها. هذا صحيح. لكن بعد سنتين ونصف سنة من الشغور تبين كم ان وجود رئيس الجمهورية مهم. منذ شغرت الرئاسة دبت الفوضى والاهتراء في كل المؤسسات».