تمثل القمة الثالثة لتجمع التكتلات الأفريقية الثلاثة (الكوميسا / سادك/ تكتل شرق افريقيا ) التي تستضيفها شرم الشيخ خلال الفترة من السادس حتى العاشر من يونيو الجاري نقطة تحول في مسيرة التكامل الاقتصادي والتجاري بين الدول الأفريقية، حيث من المقرر أن تتوج القمة التي تمتد حتى اليوم، خمس سنوات من المفاوضات، وأن تشهد ميلاد “منطقة التبادل للحر الثلاثية الأطراف”، أي السوق الكبيرة المشتركة التي تضم 26 دولة من أصل 54 بلدا أفريقيا، وأن تنشئ إطارا نحو تعريفات جمركية تفضيلية.
وتضم التكتلات الثلاثة المذكورة ما يزيد على 625 مليون نسمة ويصل حجم ناتجها إنتاجها المحلي الى نحو 1.2 تريليون دولار، وتستحوذ علي نحو 58% من نشاط القارة الأفريقية الاقتصادي.
لكن تجدر الإشارة إلى أن نيجيريا التي تسجل أكبر ناتج محلي إجمالي في قارة أفريقيا بفضل إنتاجها الكبير من النفط، ليست عضوا في هذه المجموعة.
وما زالت البلدان الأفريقية تعاني من التدابير البطيئة على الحدود وإجراءات الجمارك والتكاليف التجارية الباهظة التي تفوق سواها في مناطق أخرى.
وغالبا ما يؤدي النقص على صعيد الصناعات المحلية -حيث يعمل أكثر من 80% من اليد العاملة في أفريقيا في زراعة المحاصيل والقطاع غير المنظم- إلى الحد من إمكانات الاستيراد والتصدير.
وتشير البيانات إلى أن نحو 12 بالمئة فقط من التبادلات التجارية في أفريقيا، تحصل في الواقع بين بلدان القارة، فيما تصل إلى نحو 55 بالمئة بين البلدان الآسيوية وأكثر من 70 بالمئة في الاتحاد الأوروبي.
وهذه هي نتيجة ما يسميه الخبراء الاقتصاديون “سُمك” الحدود، التي تقاس بعدد الوثائق التي يتعين توافرها للاستيراد والتصدير، والتي تصل في المتوسط إلى ما بين 7 و8 أوراق جمركية في قارة أفريقيا، في مقابل 4 أو 5 في الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى الوقت الذي يستغرقه اجتياز الحدود وتكاليفها أيضا.
لذلك يحتاج تخليص البضائع الجمركية الى فترة تبلغ في المتوسط نحو 30 يوما في أفريقيا (باستثناء المغرب)، في مقابل نحو 10 أيام في الاتحاد الأوروبي، كما أفاد تقرير “آفاق اقتصادية لأفريقيا” الذي أصدرته منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية في العام الحالي.