بعد التطور الذي عرفته البشرية والذي شمل كافة الاصعدة بما فيها الجمالية، عملت المرأة على اظهار جمالها ومفاتنها اكثر فاكثر. لذلك، بات هذا الامر اليوم أساسياً بسبب القواعد التي يفرضها المجتمع، والتي باتت كثيرة في ما يتعلق بمعايير الجمال. فالعولمة والانفتاح كان لهما تأثير كبير في ظل كثرة مواقع التواصل الاجتماعي حيت بات كل شخص يسعى الى الظهور بمستوى الصورة نفسه التي يظهر فيها على هذه المواقع.
أما العلاقة بين موسم الصيف والبحر، والرغبة الشديدة في الحصول على جسم مثالي وشكل جذاب وبشرة خالية من الشوائب، فنفسية بحت بنظر الطب النفسي. غير ان هذا الامر يؤثر كثيرا على سلوكيات الكثيرين، ويدفعهم بالتالي الى اللجوء لعمليات التجميل التي تكلف مبالغ طائلة.

نقص وادمان

في هذا الصدد يشير اختصاصي السلوكيات البشرية الدكتور عصام عطالله الى انه "في الشتاء تخبئ الثياب تفاصيل الجسم، اما في الصيف فتظهر، غير ان الاساليب التي تتبعها كثيرات باتت تمثل ظاهرة خطيرة جدا حيث تتخطى موسم الصيف لتصبح دائمة، اذ ستبحث المرأة دائما عن الافضل، كما لن يعود بوسعها التخلص من هذه البدعة التي باتت ادمانا بالنسبة لعدد لا يستهان به".

الاقبال على عمليات شفط الدهون وتخفيف الوزن يزداد بنسبة 45% على أبواب موسم الصيف
ويتابع: "اصبحت لدى المرأة اليوم حاجة للتخلص مما يزعجها في شكلها الخارجي، وفي غالبية الاحيان هناك انتقاص من القيمة الذاتية حيث السعي الى تقليد المشاهير. لذلك، هناك توجه الى تعويض هذا النقص من خلال عمليات الشفط والتجميل والافراط في استخدام الكريمات". ويشرح عطالله "ان حالة الانتقاص من الذات ملازمة للمرأة. وهي تفرض عليها تغيير ما تعتبره عيبا. لذلك تلجأ الى الوسائل المختلفة لتحقيق ذلك الهدف، ولتظهر كما يريد المجتمع. من هذا المنطلق، فالسلوكيات البشرية مرتبطة بحاجات المجتمع وليس بحاجات الفرد".

الكلفة تزيد

على ذلك، تزداد المصاريف المتعلقة بمستحضرات العناية بالبشرة، فضلا عن وسائل الحصول على جسم رشيق ومثالي، وما يرافقها من دفع مبالغ اضافية، تبدأ بالاقبال الكثيف على النوادي الرياضية منذ شهر آذار، مرورا بالمنتجات والمستحضرات التي تزيل السيلوليت والترهل، وصولا الى عمليات شفط الدهون، وجلسات التدليك الخاصة باذابة الدهون... والتي يأتي فصل الصيف ليعيد كل تلك المدفوعات الاضافية "الصيفية" التي تقتطع ما لا يقل عن 30% من مرتبات حوالي 65% من السيدات بحسب بعض الدراسات.

يرى كثيرون ان في دول الخارج قد لا يمثل اهتمام المرأة هذا بنفسها نقطة تساؤلات، بما ان الثقافة الرياضية والصحية موجودة. اما في لبنان، حيث تلجأ كثيرات على ابواب فصل الصيف الى تحسين شكل اجسادهن بشتى الوسائل، ويتناسين الموضوع طيلة تسعة اشهر، ففي ذلك قلة وعي وادراك. ولو ان هذا الاهتمام موجود على مدار السنة، لما كانت هناك حاجة لدفع اموال كثيرة من أجل "موسم البحر" فقط.
في هذا الصدد يقول طبيب تجميل ان "الاقبال على عمليات شفط الدهون وتخفيف الوزن يزداد بنسبة 45% في موسم الصيف. هذا الاقبال الكثيف لم يعد حكرا على السيدات، بل هناك عدد من الرجال ايضا يسعون للحصول على جسم سليم". ويشرح الطبيب أن كلفة هذه العمليات تبدأ من 2000 دولار، وبالرغم من ذلك، نرى اشخاصاً ينتمون الى الطبقة ما دون المتوسطة، الا انهم مستعدون لفعل اي شيء للخضوع لهذه العمليات بما ان نتائجها اسرع من اتباع حمية، علما ان تقليص الوزن من خلال نظام غذائي سليم ورياضة دائمة له نتائج افضل على المدى البعيد".
اما في ما يتعلق بمستحضرات العناية بالبشرة فيفسر ان"هناك انواعا متعددة من البشرات، لذلك ينصح كل سيدة باستخدام المستحضر الذي يلائم نوعية بشرتها.

يأتي الصيف مع مدفوعات اضافية تقتطع ما لا يقل عن 30% من مرتبات 65% من السيدات
هذا الاهتمام يجب الا يكون دوريا اي فقط في موسم الصيف، لكن الثقافة الشائعة في هذا المجال تسلط الضوء على هذا الموضوع في هذا الموسم من السنة فقط. ولو كان الاهتمام بالبشرة وبالرشاقة دائما وبطرق بسيطة لما تكبدت كثيرات مبالغ كبيرة دفعة واحدة، علما ان التعرض لاشعة الشمس عشوائيا يؤدي الى اضرار محتومة مهما كان نوع المستحضر الذي يجري استخدامه."

لكل طريقتها

في هذا الاطار تقول فيكتوار وهبي، طالبة جامعية انها تبدأ بادخار مبلغ معين كل شهر منذ الشتاء لتتمكن من شراء الكريمات اللازمة لفصل الصيف، فمع موسم البحر، "تكثر الكريمات والزيوت والمرطبات وكلها مصاريف اضافية تتكبدها كل سيدة بكل طيبة خاطر".
في المقابل تشرح رين الزين انها تخضع قبل شهرين من الصيف لجلسات تدليك خاصة مرتين في الاسبوع، من أجل اذابة الشحوم من منطقة الارداف والأفخاذ، ولا تقل كل جلسة عن 40 دولارا. هذه الجلسات تكون الى جانب تمارين رياضية ونمط غذائي محدد، "وكلها بالطبع مصاريف اضافية الا انها ضرورية ليس فقط للحصول على جسم جميل، بل وصحي خال من السموم". من جهتها تقول كارمن مسلّم انها تتبع طيلة ايام السنة نظام الديتوكس لتنقية جسمها من السموم، لذلك فهي لا تفرق بين صيف وشتاء، بل ان هذا النظام بات نمط حياة بالنسبة اليها، كما انها تمارس الرياضة يوميا. اما في ما يتعلق بالكريمات، فهي لا تستخدم سوى كريم يومي لحماية البشرة وترطيبها، سعره لا يتخطى 30 دولاراً.
بدورها تشير نوال نصر انها بين مصاريف الحمية الغذائية ونوعية الطعام الخاص الذي عليها ان تتناوله، اضافة الى المستحضرات الشهرية التي تستخدمها، كلها تقتطع حوالي 250 دولارا من مرتبها الشهري.
تختلف الاعذار والاساليب، الا ان هم كل امرأة يبقى واحدا. وبالرغم من كل الفوضى والاخطاء التي تعتري قطاع التجميل، والاكلاف الباهظة، لا يزال هناك اصرار على استخدام هذه الوسائل. فهل تنفع التوعية في بلد كلبنان؟




زيادة في الطلب مهما يكن السعر

تؤكد الصيدلية روزالي شيحا "أن اسعار الكريمات ترتفع سنة بعد سنة. وبالرغم من انها لا تعد ضرورية الا انه يصعب الاستغناء عنها، بما ان أهم شيء بالنسبة للمرأة هو شكلها ومظهرها". وتتابع: "تزداد الطلبات على الكريمات ومنتجات العناية بالبشرة في فصل الصيف. مهما كان سعرها، لا يمكن للسيدات إلا أن يستخدمن تلك المنتجات، طبعا كلّ سيدة بحسب امكاناتها المادية، اذ يراوح سعر هذه المنتجات بين 30 و150 دولار، وفقا للماركة والنوعية".
يظن البعض ان هناك مغالاة لدى ذكر بعض الارقام، غير ان الواقع يثبت ذلك، فقلة هن السيدات اللواتي لا يهتممن ببشرتهن في فصل الصيف لحمايتها من اشعة الشمس الحارقة، وقلة هن اللواتي لا يسعين ولو بطرق ونسب متفاوتة لتقليص اوزانهن.