سادة المرج

في المرج بعضُ السادة طافون على العشب الأصفر.
وكأنهم يحومون حول البراعم فاتنة الزرقة النابتة هناك بجانب
الحجارة.
ربما أتى بهم طفوُهم من المقابر القريبة؟
تجرفهم الريح قليلاً حين تهب
والفراشات ترفرف بأجنحتها وهي تمر عبر أجسادهم.

السيرك المتنقل

مهرجة بيضاء الوجه راقدة في مزراب المجاري كأنها فردة حذاء تنس قديمة. رحل السيرك عن البلدة...
آخر مرة رحل فيها السيرك عن البلدة، ترك السيدة البدينة مرمية على الرصيف مثل كومة جبن أبيض في ملابس النساء الداخلية.
ذاهباً وعائداً، السيرك دائماً على هذا المنوال، ينسى دائماً شيئاً. حتى إنه في إحدى المرات نسي أن يرحل عن البلدة...

الخريف

كان هناك رجلٌ عثر على ورقتَي شجرٍ دخل البيت ممسكًا بهما
قائلاً لوالديه: إنني شجرة.
قالا لها: اذهبي إذاً إلى الفناء ولا تنزرعي في غرفة المعيشة؛ إذ ربما تضر جذورك السجادة.
قال: كنت أمزح. لست شجرة وأسقط الورقتين.
لكن والديه قالا إنه الخريف.

الشجرة

طَعَّموا كلباً بأجزاء من قرد.
وإذا بما حصلوا عليه، يريد أن يعيش في شجرة.
لا، بل يريد أن يرفع رجليه ويبول على شجرة.

سيقان الجرذ

قابلتُ جرذاً تحت جسرٍ. وهناك قعدنا في الوحلِ نتباحث في
حلاوة الجرذان.
قلت: ما الذي فيك يجعل الرجال يكتبون الأغاني؟
قال: سيقاني، ففيها ما يجعل الرجال يحبون أن يمروا عليها
بأيديهم من أسفلها، إلى أعلاها، وصولاً إلى أجزائي السرية، إنها الطبيعة.


الخنزير المجوف

جَوَّف جزارٌ خنزيراً ليصنع لنفسه ثوبَ خنزير. فصارت لديه
كومة من أحشاء الخنزير.
وبينما كان يزحف داخلاً الخنزير الأجوف كان يحاول أن يفكّر مثل خنزير ليكتمل له ثوبه، وفي الوقت نفسه كان يفكّر ماذا يفعل
بأحشاء الخنزير.
فكّر في أن يجوّف خنزيراً آخر ويحشوه بأحشاء الخنزير الأول.
ولكن ماذا يفعل عندئذٍ بأحشاء الخنزير الثاني، يجوف ثالثًا؟
لا، لا، فما إن يبدأ هذا حتى يصير عليه أن يجوّف كل خنازير
العالم، وأيضاً سيبقى دون أن يجد مكاناً لأحشاء الخنزير الأخير.
ما يمكن لرجل أن يرى
كان ثمة برج ورجل قال: يمكنني ها هنا أن أعيش. ولعله،
بعد حزن، أتى. فرأى الصيف بحقله وبشجرته. سمع الريح ورأى سحابة.

مغامرة سلحفاة

تحمل السلحفاة بيتها فوق ظهرها. هي البيت والشخص
ساكن البيت.
لكنّ الحقيقة، أن تحت الصدفة فراغاً فيه السلحفاة الحقيقية
جالسة ــ بملابسها الداخلية إلى منضدة صغيرة. في طرف من أطراف الغرفة سلسلة من روافع بارزة من شقوق في الأرض، كأنها أدوات قيادة جرافة بخارية. وبهذه الروافع تتحكم السلحفاة في سيقان البيت.
في أغلب الوقت تجلس السلحفاة أسفل السقف المقوّس في بيتها السلحفائي تطالع كتالوغات المنضدة الصغيرة التي من فوقها أيضاً شمعة مشتعلة. ترتكن على هذا المرفق، ثم على ذاك.
تضع هذه الساق على تلك، ثم تلك على هذه. وأخيراً تتثاءب وتدفن رأسها بين ذراعيها وتروح في النوم.
وحين تشعر أن طفلاً يرفع بيتها، تسارع إلى إطفاء الشمعة وتجري إلى مركز القيادة وتفعّل سيقان بيتها في محاولة للفرار.
إذا لم تنجح في الفرار تقوم بسحب السيقان وتسحب الرأس المزعوم وتنتظر. تعرف أن الأطفال متهورون، وأن الوقت سيجيء فتكون حرة في الانتقال ببيتها إلى مكان معزول، ثم تشعل من جديد الشمعة، وتفتح كتالوغاتها فتطالعها إلى أن تتثاءب. ثم تدفن رأسها بين ذراعيها وتروح في النوم. وهكذا إلى أن يأتي طفل آخر فيحمل بيتها.

* مقاطع من كتاب «كلنا نولد مصابين بالغثيان» لراسل إدسن («دار الكتب خان» ــ ترجمة: أحمد شافعي)