بعد أقل من أسبوعين على إعدام الحكومة البحرينية ثلاثة شبان (علي السنكيس، وسامي مشميع، وعباس السميع)، وسط تحذير مستمر لمختلف القوى السياسية المعارضة من إمكان «فلتان» الوضع الأمني في البلاد في حال «تجاوزَ النظام الخطوط الحمر في الصراع السياسي القائم»، أقدمت القوى الأمنية فجر أمس على اقتحام «ساحة الفداء» في محيط منزل المرجع الديني عيسى قاسم، في بلدة الدراز، شمال غرب المملكة.
وفي حديث إلى «الأخبار»، قال مصدر معارض، على مستوى عالٍ، إنّ اقتحام الساحة على أيدي فرقة خاصة يمثّل «قرع ناقوس الخطر... واقتراب انفجار محتمل تسعى إليه المنامة والرياض».
في السياق، حمّلت «جمعية الوفاق الوطني» النظام البحريني «مسؤولية تدهور الأوضاع في البلاد»، وقال نائب أمينها العام، حسين الديهي، إن «النظام يقود إلى القطيعة التامة مع الشعب»، مطالباً المجتمع الدولي بـ«التدخل لتوفير الحماية للشعب البحريني نتيجة انفلات حال الاضطهاد الأمني والطائفي»، ومحذراً من «نتائج أي مغامرة للنظام، لأنه سيندم عليها لاحقاً».
وأوضح الديهي أنّ قوات النظام البحريني أقدمت «للمرة الأولى منذ صدور المرسوم الخاص بجهاز أمن الدولة، عام 2011، على مباغتة المعتصمين السلميين في محيط منزل قاسم، عبر مهاجمتهم بالأسلحة النارية، والانسحاب لاحقاً لأطراف البلدة حيث واصلت تشديد حصارها».
وكانت القوات الأمنية قد هاجمت الساحة (عند الساعة 2.20) فجر أمس، حيث دارت مواجهات عنيفة بين المهاجمين والمعتصمين. وأكّدت مصادر ميدانية، في حديث إلى «الأخبار»، أن «موكباً مؤلفاً من أكثر من 20 سيارة دخل الدراز، من جهتها الجنوبية، بالقرب من دار الشيخ، وسط استنفار أمني في محيط البلدة». وأضافت أن مجموعات «كوماندوس نزلت من الموكب بلبساها الأسود، وبدأت إطلاق الرصاص الحي والانشطاري باتجاه الشبّان، ما أدّى إلى إصابة عددٍ منهم، واعتقلت ستة آخرين».

دعت المعارضة إلى أوسع التفاف حول قاسم وحمايته


وذكرت المصادر نفسها أن القوى الأمنية سرعان ما غادرت المنطقة، فيما احتشدت الجماهير المؤيّدة لقاسم في محيط منزله، وسط نداءات في البلدات المجاورة دعت إلى الاستعداد للخروج في مظاهرات غضب، رفضاً للاعتداء الجديد على الساحة.
وكانت أخطر الإصابات تلك التي نالت من الشاب مصطفى حمدان (18 عاماً)، إثر استهدافه «برصاصة سددت نحوه مباشرة، وأدّت إلى إصابته بكسر في الجمجمة، ونزيف داخلي». ونقلت مواقع بحرينية، أمس، أنّ الوضع الصحي لحمدان حرج، وهو يرقد في قسم العناية المركزة في «مستشفى السلمانية الطبي».
وفيما دعت «الوفاق» قاعدتها الشعبية إلى «أوسع التفاف حول الشيخ القائد (عيسى قاسم)، والخروج في مظاهرات سلمية في مختلف مناطق البحرين، تنديداً واستنكاراً لهذه الجرائم»، فإن مصادر في ما يُسمى «الفصائل الثورية» أعلنت أنها دعت قواعدها الشعبية إلى «كسرِ الحِصار الجائر (من القوات الأمنية) عن منطقة الدراز بشتى الوسائل الممكنة، ولو تطلّب ذلك تحطيم السياج الحديدي والإسمنتي الذي شيّدهُ النظام».
وطوت الدراز أمس يومها الـ222 في ظل «الإجراءات الأمنية المشدّدة»، إثر إعلان أهلها التضامن مع قاسم بعدما أُسقطت الجنسية عنه. ووفق المصادر، فإن «الفصائل الثورية» شدّدت على «أهميّة التصدّي الحازم لأيّ اعتداءٍ آثم يتكرّر على المعتصمين في ساحة الفداء»، واضعةً «الجريمة الدمويّة» في سياق «عزم الكيان الفاسد بدعمٍ من قوات الاحتلال السعودي وأجهزة المخابرات البريطانيّة والأميركيّة على المضي في ارتكاب المزيد من الجرائم البشعة بحقّ شعب البحرين»، ومحمّلة «الإدارتين الأميركيّة والبريطانيّة مسؤولية تداعيات جرائم النظام البحريني».
وبينما لا تزال قضية إعدام الشبّان الثلاثة في واجهة المشهد السياسي البحريني، قضت محاكم البلاد، أمس، بالسجن بحق ثلاثة من آباء ضحايا قتلوا برصاص القوات الأمنية خلال الاحتجاجات المستمرة منذ 2011، وذلك بتهمة «التجمهر وإهانة ملك البلاد».