يضم برنامج «أيام بيروت» هذا العام تجارب مختلفة في عالم الوثائقي من العالم العربي كـ «زينب لا تحبّ الثلج» (19/3 ـ س:18:00 ـ متروبوليس) للتونسية كوثر بن هنية التي افتتح فيلمها الوثائقي الأخير «شلاط تونس» القسم الخاص بجمعية ACID في «مهرجان كان».
الشريط سرد قصة «الشلاط» الرجل المجهول الذي كان يتجول على دراجته النارية سنة 2003 في تونس ويضرب أرداف النساء بشفرة أو سكين، وما زال شبحه يثير الرعب في التونسيات حتى الآن. في «زينب لا تحب الثلج»، تروي المخرجة حياة طفلة بعد موت أبيها، وقرار الأم بالذهاب إلى كندا برفقة طفليها لتعيش إلى جانب شريكها الجديد. على مدى ست سنوات، تتبع المخرجة زينب وهي تكبر، وعلاقتها بالمتغيرات في حياتها ووطنها الجديد.
أما المصرية كوثر يونس، فتصوّر في «هدية من الماضي» (20/3 ـ س:18:00 ـ متروبوليس) رحلة والدها إلى روما للبحث عن حبيبته التي هجرها منذ أكثر من 30 عاماً ووعدها بالعودة. الرحلة هي هدية المخرجة لوالدها في عيد ميلاده الخامس والسبعين الذي يرفض السفر في البداية، ثم يقتنع بعد جهود المخرجة الحثيثة لإقناعه. الفيلم بأكمله مصوّر عبر كاميرا الهاتف بدون دراية من الشخصيات. رغم اللقطات الحميمية والطريفة التي يرصدها، ونقطة انطلاقه المبتكرة وأسلوب التصوير التجريبي عبر كاميرا الهاتف، والتقاط المخرجة زوايا مختلفة وغريبة أحياناً، إلا أنّها ليست بالضرورة انتقائية. ما هو واضح أن الحميمية والعفوية اللتين تلتقطهما المخرجة هما أساس الفيلم، لكن ذلك يضع المشاهد أحياناً في حالة تلصص على الخصوصية قد تشبه تلفزيون الواقع، ومن هنا الجدلية الذي يطرحها.

يعود رائد أنضوني إلى
تجربة اعتقاله في سجن المسكوبية الإسرائيلي
عبر كاميرا ابنة أخيه الصغيرة نور التي تعيش في سوريا والـ ٣٠٠ ميل التي تفصلهما، يتتبع عروة المقداد في «٣٠٠ ميل» (19/3 ـ س:21:30)، يوميات ما يحدث في سوريا منذ اشتعال الأزمة.
ثلاث شخصيات يصوّرها: الطفلة، وناشط سلمي، وقائد إحدى كتائب الجيش السوري الحرّ، مصوراً كيف قد تتلاقى رؤى هذه الشخصيات رغم مواقعها المختلفة وفهمها المتباين للأمور. وفي «سمير في الغبار» (21/3 ـ س:18:00 ـ متروبوليس)، يصوّر الجزائري محمد أوزين مقبرة «سيدي عمرو»، على أطراف الوادي الذي يفصل الجزائر عن المغرب. مقبرة يعتبرها الأهالي مقدسة لأن جثة الولي ترقد فيها، ويقصدها الكلّ ليخبر للولي قصته، أو طلباً للشفاعة، أو بحثاً عن شخص غائب. وللمخرجة اللبنانية إليان الراهب، نشاهد «ميّل يا غزيّل» (21/3 ــ س:19:30 ـ متروبوليس) الذي حاز جائزة لجنة التحكيم للفيلم الطويل في «مهرجان دبي». الفيلم يرسم بورتريهاً لرجل ستيني، يعيش في منطقة «الشمبوق» في عكار القريبة من الحدود السورية ويصارع للبقاء في أرضه حيث أسس مزرعة ومطعماً في ظل التوترات الطائفية والسياسية، وكساد المواسم الزراعية وخوفه من الهجرة. أما اللبناني كريستيان أبي عبود، فيصوّر في فيلمه الوثائقي الطويل الأول «أوبونتو» (20/3 ـ س:21:30 ــ متروبوليس)، قصة امرأة سورية تصل وأختها إلى السويد بمساعدة مهرب. يتميز الشريط بحميميته، حيث نعيش في جلد الشخصية الرئيسية، وصراعاتها وذكرياتها الأكثر إيلاماً وتساؤلاتها. علاقتها بالكاميرا أو المخرج تشابه إلى حد ما المرآة كما في عيادة الطبيب النفسي. الانتماء بالنسبة إلى البطلة بالنهاية ليس سوى الشعور بالأمان، في أي مكان، سواء كان وطناً أو إنساناً. يعرض أيضاً «نسور صغيرة» (17/3 ــ س:18:00 ـ متروبوليس) للمصري محمد رشاد عن شاب من الإسكندرية يحلم بإخراج الأفلام، ويبحث في حياته وحياة والده عن القصة التي يود سردها. يختتم المهرجان بـ «اصطياد أشباح» (23/3 ـ س: 19:30 ــ متروبوليس) للفلسطيني رائد أنضوني الذي حاز جائزة أفضل وثائقي في «مهرجان برلين». يعود المخرج إلى تجربة اعتقاله حين كان في الـ18 في سجن المسكوبية التابع للمخابرات الإسرائيلية. يحاول إعادة تركيب المكان في محاولة للتحرر من ذكرياته، تلك الأشباح التي تطارده والمكان المتخيل الذي تعيش داخله برفقة معتقلين سابقين وهم يعيدون تمثيل ما تعرضوا له أثناء فترة سجنهم.