في إحدى الزوايا خلف مبنى «ويست هول» في الجامعة الأميركية في بيروت، يصدح الصوت عبر المكبرات: ندعوكم للانضمام إلى «Speaker's Corner» أو زاوية المتكلمين. يحتشد الناشطون والناشطات من طلاب الجامعة للمشاركة في مساحة نقاش تعيد جريدة أوتلوك الطلابية إحياءها بعد 43 عاماً.
بين 1969 و 1974، ولدت هذه الزاوية برعاية مجلس الطلاب لتكون منبراً للتحاور بين أهل الجامعة في القضايا الأكاديمية والاجتماعية والسياسية كزيادة الأقساط الجامعية ومشاكل الأقسام الدراسية وموضوعات القومية العربية والسورية ومواجهة العدوان الإسرائيلي والسلطات الرجعية.
المناضلة الفلسطينية ليلى خالد كانت من أبرز من احتل هذا المنبر. في إحدى المرات افتتحت كلمتها بالقول: «يمكنني أن أتكلم بطلاقة باللغة الإنكليزية، ولكن بما أنني في الجامعة الأميركية في بيروت، سوف أتحدث باللغة العربية». كذلك كانت الناشطة الفلسطينية حنان عشراوي، الطالبة في ذلك الوقت، تحمّس الطلاب للصعود والتعبير عما يريدون.
وبعد خمس سنوات من انطلاق هذه المسيرة في تعزيز الوعي السياسي، حكمت الحرب الأهلية بإيقافها. والمحاولات التي بذلتها الحكومات الطلابية المتعاقبة لإعادتها، وأبرزها بعد عام 2010، لم تنجح لجهة اختيار موضوعات النقاش، وفق شهادة أحد المنظمين، بسبب تضارب مصالح الأعضاء المنتخبين والتابعين لمجموعات متعارضة أيديولوجياً وسياسياً.

«أوتلوك» تعمل
لتأمين استمرارية هذا النقاش الذي ستنظمه كل أسبوعين


لهذا السبب أخذت "اوتلوك"، على عاتقها إعادة إحياء هذه الزاوية، علماً بأنها لا تتبنى أي خط سياسي وتضم كتاباً وكاتبات من مختلف الانتماءات السياسية، ومهمتها هي نقل صوت الجسم الطلابي كما هو. ففي 19 الجاري، أطلقت الجريدة مساحة النقاش هذه من الزاوية نفسها التي انطلقت منها منذ 48 عاماً.
وفي الحلقة الأولى التي تناولت التمثيل السياسي في حرم الجامعة جرى التأكيد على أهمية اعتراف إدارة الجامعة بالتمثيل السياسي تجنباً لاستغلال بعض الطلاب في فترة الانتخابات، حيث رأى البعض أن هذه "الأسماء المستعارة" تخوّل النوادي التابعة للأحزاب أن تجمع أصوات طلاب لا يدعمون موقفها السياسي. إلاّ أنّ قسماً آخر من الطلاب رفض هذا الخطاب، الذي يستخف بعدد الطلاب المؤيدين لأحزاب خارجية تحدد نتائج الانتخابات. وأكد البعض أنّ الجامعة ليست جزيرة منفصلة عن لبنان ولا يجب أن يكون الانتماء السياسي أمراً معيباً يخفيه الطلاب بأسماء مستعارة.
كذلك تطرق النقاش إلى الغرامة المالية الأخيرة التي فرضتها وزارة العدل الأميركية على الجامعة، فشكك الطلاب بتدخل الحكومة الأميركية بسياسة الجامعة، وأبدوا تخوفهم من الإجراءات التي يمكن أن تتخذ بحق النوادي السياسية إذا أعلنت عن نفسها، وخصوصاً النوادي التابعة لأحزاب معارضة في سياساتها الخارجية للحكومة الأميركية.
«أوتلوك» تعمل لتأمين استمرارية هذا النقاش الذي ستنظمه كل أسبوعين وستختار الموضوعات بناءً لاقتراحات الطلاب. يقول فؤاد بشراوي، رئيس مجلس الطلاب سابقاً وأحد منظري الزاوية في السبعينيات: «ليس من الضروري أن تكونوا متمردين كما كنا، ولكن تأكدوا أن أصواتكم لا تزال تحدث فرقاً».
هذا الخطاب المؤمن بقدرة الطلاب على التغيير هو بالتحديد ما يهدف منبر «زاوية المتكلمين» إلى تأمينه.
*رئيسة تحرير القسم العربي في جريدة «أوتلوك»