assuming boycott: resistance, agency, and cultural production (kareem estefan, carin kuoni, and laura raicovich, eds.). or books, new york 2017. digital copy (304 pp).

المقاطعة سلاح مشروع وفعال في يد من يحسن استخدامه. يكفي إلقاء نظرة على حملات المقاطعة السابقة، لندرك أهمية هذا السلاح حيث يقوم الفنانون بوضع ضوابط أخلاقية بالارتباط بأعمالهم. ولنا أمثلة في مقاطعة حافلات الفصل العنصري في الولايات المتحدة، وفي حركة مقاطعة نظام بريتوريا العنصري.
كتاب «التزاماً بالمقاطعة: مقاومة، حراك فعال وإنجاز ثقافي» (مجموعة من الكتّاب) يحوي مداخلات مجموعة من الفنانين من مختلف أنحاء العالم مثل ناصر أبو رحمة، وأريلا أزولاس، ونورا بركات، وتشلسي هاينز، ونعيم مهيمن، وسفتلانا مِتشفا، وإيال وايزمن، وردهيكا سبرمَنيام، وغيرهم، اجتمعوا في مجموعة من الندوات أو الحلقات الدراسية، في «مركز فيرا لِست للفنون والسياسة في ذَ نيو سكول» إضافة إلى تعقيبات المحررين.

يهدف المؤلف إلى مناقشة المقاطعة والانسحاب كمفهوم لنشاط ثقافي في الحاضر.
تتعامل المداخلات مع حملات عديدة وتنظر إلى مسألة المقاطعة من زوايا مختلفة، كما تتعامل مع حملات محددة، وكذلك كيفية تعامل فنانين مع الدعوة للمقاطعة.
من الأمور التي تم بحثها في المؤلف: ما مدى إثمار حملة ما بالعلاقة مع مطالب سياسية؟ ما هي الشروط التي تمكن المقاطعة من الانطلاق؟ ما مدى تأثير البعد الجغرافي في رؤية الفنان وكيفية تعامله مع موضوع المقاطعة والدعوة إليها؟ ما مدى فعالية هذه المقاطعة وتأثيراتها بعيدة المدى؟ ما تأثير الخبرة التاريخية في الدعوة إلى المقاطعة؟ ما العلاقة بين المقاطعة والرقابة الذاتية وحرية التعبير؟ وكيف تؤثر هذه الممارسات في مسألة المقاطعة ككل، بصرف النظر عما إذا كان المرء يؤيدها أو يعارضها؟
قسم المحرران المداخلات إلى أربعة أجزاء أولها بحث حملة مقاطعة النظام العنصري في جنوب إفريقيا. الجزء الثاني والأطول مخصص لحملة «حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها» الفلسطينية المنشأ، عالمية العمق والانتشار. الجزء الثالث مخصص لمسألة من يسمح له بالحديث ومن وجب إسكاته، أي فرض المقاطعة عليه. الجزء الرابع مخصص لتقويم نتائج المقاطعة.

تستعين مقدمة العمل بكتابات الفيلسوف الألماني والتر بنيامين


في توضيحها لمفهوم مقاطعة الفنانين، تستعين مقدمة العمل بكتابات الفيلسوف الألماني (اليهودي) والتر بنيامين، صديق برتلد بريشت وقريب حنا أرندت، الذي سيَّس مفهوم الفنان بصفته منتجاً، وحوّله بالتالي إلى إثنوغرافي وناشط سياسي وأرشيفي ومؤرخ وشاهد وناقد ومعلم ومنظم، والقائمة تطول إن رغبنا. لذا، فمن البديهي أن الحكم في هذه الأيام على الفنان ـ أياً كان مجاله ــ ينطلق من مدى التزامه السياسي. لذا نرى في هذه الأيام أن عدداً كبيراً من الفنانين يربطون عرض منتوجهم الفني بنقد النظم القائمة والتشويش عليها.
هذا بالتالي يقودنا إلى حملات مقاطعة اشتهرت في العالم ومنها حملة مقاطعة بينالي مدينة سيدني الأسترالية التاسع عشر، بسبب ارتباطه بمراكز حجز المهاجرين. كما نشأت حملة مقاطعة بينالي مدينة غوانغجو الكورية الجنوبية بسبب قيام القائمين عليه بسحب لوحة فنية استجابة لضغوط سياسية. وتضاف إلى ذلك حملة مقاطعة بينالي مدينة ساو باولو البرازيلية الحادي والثلاثين بسبب تلقيه دعماً من قنصلية كيان العدو الصهيوني. مثل أخير في هذا العرض هو قيام تجمع «تحالف عمال الخليج» بالإعلان عن رفضهم الفنانين عرض لوحاتهم في «متحف غوغنهايم» الذي كان قيد البناء في أبوظبي ما لم تتحسن ظروف عمال البناء.
وتضاف إلى ذلك حملات المقاطعة إثر انتشار «الربيع العربي»، ومن قبل في إسبانيا والولايات المتحدة حيث اشتهرت حملة «أُكيُبَاي» (احتلوا/ occupy) وتطورت لتطالب باحتلال المتاحف وصالات العروض وغيرهما من المؤسسات الخاصة المرتبطة بها. ذلك أن هدفها هو الربح، مما يفرض بالضرورة رقابة على مواد المعارض كون المبتاعين من الرأسماليين، وما يعني بالضرورة فرض رقابة على الفن ككل. وهذا كله يبين مدى تأثير حملات المقاطعة الأولى في انتشار حملة المقاطعة الحالية حيث مارست وسائل التواصل الاجتماعي دوراً كبيراً في ذلك.
بعض المداخلات عن حملات المقاطعة الفلسطينية تأخذ في الاعتبار تجربة مقاطعة جنوب إفريقيا. الحملة الفلسطينية التي انطلقت عام 2005، تدعو إلى إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وحق العودة ومساواة الفلسطينيين داخل كيان العدو. هذه الأمور أثارت ردود فعل مختلفة في الملتقيات والندوات بين مؤيد ومعارض كلياً أو جزئياً، تحت مختلف الحجج التي نقرأها في هذا المؤلف المهم.