رفع سن التقاعد الاختياري لأساتذة الجامعة اللبنانية من 64 عاماً إلى 68 يعود إلى واجهة التداول بعد استصدار اقتراح قانون معجل مكرّر قدّمه النائب مروان فارس. طرح هذا القانون يتزامن مع مشاريع أخرى في مجلس النواب تتعلق برفع سن التقاعد لأعضاء السلك الدبلوماسي وكتّاب العدل إلى 68 عاماً، ورفع سن القضاة من 68 إلى 72 عاماً.
رئيس الجامعة فؤاد أيوب رفع، أخيراً، مطالعة إلى وزير التربية مروان حمادة رأى فيها أن «للجامعة مصلحة في السير بمشروع قانون تعديل سن التقاعد، لما له من مردود على مستوى تحصين مستوى التعليم والبحث من جهة، ولكونه يوفّر على خزينة الدولة، فيما أغلب جامعات العالم لم تعد تحدد سناً لتقاعد الأستاذ الجامعي طالما أنه قادر على القيام بوظيفته».
لكن أيوب يطلب حصر الاستفادة بمن هم برتبة أستاذ، ما يثير ردود فعل مختلفة في أوساط الأساتذة، لكون القانون يجب أن يكون شاملاً، وسنّ التقاعد هو مسألة وظيفية ولا علاقة لها بالرتبة الأكاديمية. وفي هذا المجال، علقت رابطة الأساتذة المتفرغين بأن «قوانين الجامعة وأنظمتها الأكاديمية والمالية لا تفرّق في حقوق الأساتذة على اختلاف رتبهم وأوضاعهم الوظيفية (ملاكاً وتفرغاً)، وبالتالي فإن اقتراح تمديد سن الخدمة يجب أن يطال جميع أفراد الهيئة التعليمية من دون استثناء».

تعديل سن
التقاعد يحقق وفراً مالياً ويحصّن
التعليم والبحث


ومن الأسباب الموجبة لتعديل سن التقاعد أنّ تطبيق قانون الموظفين (المرسوم الاشتراعي 112/1969) يلحق إجحافاً بأساتذة الجامعة اللبنانية بسبب عدم تساوي الأوضاع القانونية بينهم وبين موظفي القطاع العام، إذ إنّ الموظفين يدخلون الوظيفة بسن الـ18عاماً، بينما لا يمكن لأساتذة الجامعة ولوج مسار التعليم الجامعي قبل سن الـ30 إلا في ما ندر. ونتيجة لذلك، يكون المعدّل العام لخدمة الأستاذ الجامعي 25 عاماً، وبالتالي يخرج من الخدمة العامّة وقد خسر بعضاً من حقه عند احتساب الراتب التقاعدي على أساس قاعدة (الراتب مضروباً بعدد سنوات الخدمة مقسوماً على 40، مضروباً بـ85%). كذلك فإنّ عدداً كبيراً من أساتذة الجامعة ممّن لا ينهي 20 سنة خدمة، يخسرون الراتب التقاعدي وضمانات أساسية لدى بلوغهم سن التقاعد.
ورغم أنّ أيوب يقول في مطالعته إن مجلس الجامعة وافق على الاقتراح في جلسته بتاريخ 9/11/2016، فإن المشروع لا يزال مثار نقاش وأخذ ورد بين الأساتذة. القضية بالنسبة إلى المؤيدين له هي أن «الأستاذ الجامعي يكتسب خبرة تربوية ونضجاً مع العمل التربوي، والأبحاث التي يقوم بها ومشاركته في المؤتمرات العلميّة، وتوجيهه لأعمال وأبحاث الطلاب وتفاعله معهم، ومع عمر النضح يأتي التقاعد القسري ويُبعِد الأستاذ عن الجامعة اللبنانية فتخسر باحثاً ومربياً، فيما تتلقّفه الجامعات الخاصة، فيستمر في عطائه هناك لسنوات عدة».
المؤيدون يسترشدون بدراسة أجراها بعض أساتذة الجامعة اللبنانية أثبتت أنّ الوفر الذي تحقّقه الدولة من رفع سن التقاعد للأستاذ الجامعي هي بمئات الملايين لكل أستاذ. ويلفت هؤلاء إلى أنّ سن التقاعد حُدّدت بـ64 عاماً عندما كان معدّل الحياة يقارب 65 عاماً، في حين تشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى ارتفاع معدل الحياة في لبنان والعالم من 61 عاماً في عام 1964، إلى 67 عاماً في عام 1976، إلى 78 عاماً في عام 2014.
في المقابل، هناك طروحات لا تتقاطع مع المشروع، إذ لا مصلحة لبعض الأساتذة في البقاء في الجامعة بعد الـ64 عاماً، لأنّ الفرص متاحة لهم في الخارج براتب إضافي إلى جانب الراتب التقاعدي.
رفع سن التقاعد لا يجد أيضاً تأييداً من بعض الأحزاب التي تتحدث عن دم جديد وضرورة التوظيف.
قد تكون الجامعة اللبنانية اليوم الاستثناء الوحيد للتقاعد المبكر في الدول العربية والغربية؛ ففي الولايات المتحدة الأميركية مثلاً، تُعتمد آلية التعاقد الوظيفي في الإدارات العامة باستثناء الجامعات، حيث يُعيّن الأستاذ لمدى الحياة. وأخيراً، اتجهت الأمم المتحدة والعديد من الدول مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليونان لرفع سن التقاعد حتى لموظفي الإدارات العامة وأساتذة الجامعات، كأحد الحلول لخفض معدلات الإنفاق وتقليص عجز موازناتها.
أما على المستوى اللبناني، فلا يوجد سن لتقاعد الأساتذة في الجامعات الخاصة؛ ففي الجامعة الأميركية مثلاً، وبموجب تعديل عام 2016، يجري تثبيت الأساتذة لمدى الحياة ما دام الأستاذ يستطيع تأدية واجباته في التعليم والبحث. وفي جامعة بيروت العربية، أسوة بمصر وسوريا، يبقى الأستاذ في ملاك الجامعة حتى بلوغه الـ72 عاماً.