شكلت فرنسا المحطة الأولى في مسار الإرهاب المتنقل، أمس؛ فقد شهدت مقتل شخص بقطع الرأس وإصابة اثنين في هجوم استهدف، صباحاً، مصنعاً للغاز الصناعي قرب ليون (شرق البلاد)، وهو ما كان يخشى حدوثه بعد اعتداءات كانون الثاني في باريس، وما سارع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى وصفه بـ«الإرهابي، بسبب العثور على جثة مقطوعة الرأس وتحمل كتابات».
وبعد الحادثة، أعلن وزير الداخلية بيرنار كازنوف أنه تمّ توقيف أحد المشتبه فيهم بالهجوم، ويدعى ياسين صالحي ويبلغ 35 من العمر، متحدر من المنطقة نفسها، مضيفاً إن الاستخبارات رصدته بين عامي 2006 و2008. وأكد أن صالحي «على علاقة بالتيار السلفي»، لكن سجله القضائي فارغ. ووفقاً لمصادر قريبة من الملف، فقد تبيّن أن الرجل الذي قطع رأسه هو مدير الشركة التي كان ياسين صالحي يعمل فيها. وعثر على رأسه معلقاً على سياج قرب الموقع في منطقة سان كانتان فالافييه، تحيط به رايتان إسلاميتان، في حين أفادت مصادر أخرى بأن كتابات بالعربية بدت على الرأس، أما الجثة فقد وجدت داخل المصنع.

وبحسب ما أفادت به مصادر أخرى، فقد تمكن صالحي من دخول حرم الموقع، عبر إحدى السيارات التابعة للشركة، في حين أفاد مصدر آخر بأنه كان يرفع علماً جهادياً، لدى دخوله، وقام بتفجير عدد من قوارير الغاز، إلا أنه يرجح أن تكون السيارة قد احتوت أكثر من شخص، بحسب مصادر أخرى. وفور معرفته بالحادثة، أثناء مشاركته في القمة الأوروبية في بروكسل، قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إن الهجوم «اعتبر إرهابياً ما إن عثر على جثة مقطوعة الرأس وتحمل كتابات» في المكان، ثمّ قطع رحلته وعاد إلى فرنسا.
ودعا هولاند الفرنسيين إلى «عدم الخضوع للخوف»، واعداً مواطنيه «بالقضاء على المجموعات والأفراد المسؤولين عن أعمال مماثلة»، من أجل «حمايتهم وكشف الحقيقة».
وبعد عودته إلى باريس، أعلن هولاند رفع حالة التأهب الأمني في مواجهة الإرهاب إلى أقصاها، لمدة ثلاثة أيام، في المنطقة حيث جرت الحادثة. وقال في ختام اجتماع أمني طارئ في قصر الإليزيه: «أردت أن يتم استخلاص العبر، فرفعنا خطة فيجيبرات إلى المستوى الأعلى في منطقة رون ــ الب لمدة ثلاثة أيام». كما أضاف إنه «في مثل هذه الأوقات أمام هذه المحن وفي مواجهة هذه المخاطر، فإن قدرة الأمة على المواجهة هي التي ستتيح الوقوف بوجه الإرهاب بأكبر فعالية ممكنة».
بدورها، دعت رئيسة «الجبهة الوطنية» المعارضة، مارين لو بان، إلى اتخاذ «إجراءات صارمة وقاسية فوراً للقضاء على الإسلاميين المتطرفين»، في حين طالب رئيس حزب «الجمهوريين» نيكولا ساركوزي بمزيد من اليقظة.
وكان للهجوم تردّدات في الفضاء الأوروبي، حيث أعلنت دول عدة حالة التأهب على أثره. وفيما دانته كل من ألمانيا وأسبانيا، أعلن وزير الداخلية الإسباني رفع مستوى التحذير من هجمات إرهابية في بلاده إلى الدرجة الرابعة على سلّم من خمس درجات. كما عقد وزراء داخلية الولايات الألمانية اجتماعاً مشتركاً مع وزير الداخلية الاتحادي توماس دي ميزير، أكدوا خلاله «استمرار وجود خطر الإرهاب في ألمانيا أيضاً». وقال دي ميزير، عقب الاجتماع، إن «هناك وضعاً خطيرا للغاية يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار»، ولكنه اعتبر أنه «ليس هناك أي سبب لرفع حالة التوتر».
من جهتها، أعلنت إيطاليا رفع مستوى التحذير، بعد اعتداءات يوم أمس التي شهدتها ــ إلى جانب فرنسا ــ كل من الكويت وتونس. وقال وزير الداخلية الإيطالي أنجيلينو الفانو إنه «ليس هناك أي بلد في منأى، لقد رفعنا مستوى التحذير لدينا لإعادة تعبئة الوحدات المكلّفة مراقبة المناطق الحساسة». وأضاف: «اليوم، خلفت ثلاث هجمات عشرات القتلى في ثلاثة أماكن مختلفة في العالم يربطها أمر واحد: العنف والرعب».
إسرائيل سارعت، كعادتها، إلى تلقف الحدث لدعوة يهود فرنسا للتوجه إليها. وقال وزير الهجرة زئيف الكين الذي ينتمي إلى حزب الـ«ليكود» اليميني، بزعامة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو: «أدعو يهود فرنسا للمجيء إلى موطنهم، إن معاداة السامية تزداد والإرهاب يتصاعد». وأضاف في بيان: «إنها مهمة وطنية لها أولوية عالية جداً».
(رويترز، أ ف ب، الأناضول)