لا يزال مسلسل اغتيال قادة المقاومة الفلسطينية واللبنانية على يد العدو الإسرائيلي وأجهزته الاستخبارية مستمراً برغم تغير الظروف والحسابات. فبعد سنوات على اغتيال الموساد الإسرائيلي القيادي في «كتائب الشهيد عز الدين القسام»، الذراع العسكرية لـ»حركة المقاومة الإسلامية ــ حماس»، محمود المبحوح، في دبي عام ٢٠١٠، نفذت وحدة الاغتيالات الخارجية في جهاز «الموساد» الإسرائيلي «كيدون»، عملية على الأراضي التونسية عصر أول من أمس، اغتالت في خلالها قيادياً في «الوحدة الجوية التابعة» لـ»القسّام»، الشهيد التونسي محمد الزواري.
قُتل الزواري (٤٩ عاماً) أمام منزله في مركز بن حميدة في طريق منزل شاكر في ولاية صفاقس. أطلق المنفذون ست رصاصات عليه توزعت بين القلب والرقبة والرأس. ووفق التحقيقات التونسية، فإن الشهيد عاد منذ خمسة أيام إلى تونس، بعد زيارة قصيرة إلى لبنان توجه بعدها إلى تركيا. ويبدو أن الزواري رُصد بعد طلب صحافية (تونسية؟) تقيم في المجر إجراء مقابلة معه للحديث عن آخر انجازاته التقنية، لكن هذه الصحافية، كما تفيد التحقيقات التونسية، تركت البلاد قبل يوم واحد من عملية الاغتيال.


أسلوب تنفيذ استهداف الشهيد الزواري مطابقة إلى حد كبير لطريقة اغتيال مسؤول «الوحدة الجوية» في حزب الله الشهيد حسان اللقيس، الذي اغتاله العدو في الضاحية الجنوبية لبيروت عام ٢٠١٣، إذ أظهرت التحقيقات التونسية أنه جرى استئجار أربع سيارات لتنفيذ العملية وعثر داخل إحداها على مسدسين وكاتمي صوت (وهنا مفارقة إذ من المعروف أنّ الأجهزة الإسرائيلية لا تترك خلفها الأدلة).

أسلوب استهداف التونسي الزواري مطابق كثيراً
لاغتيال اللقيس

ووفق المعلومات المتوافرة لدى «الأخبار»، استناداً إلى أحاديث مع فصائل مقاومة، انتمى الشهيد إلى «كتائب القسام» في تسعينيات القرن الماضي، بعدما ترك الأراضي التونسية خلال حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. عمل الزواري في «الوحدة الجوية» للكتائب، وكان من مهماته تصنيع الطائرات من دون طيار وتطويرها وتعليم القساميين عليها.
عاش الشهيد في الأراضي السورية وعمل مع حزب الله في الأراضي اللبنانية والسورية، على تحديث الطائرات من دون طيار. بعد اندلاع الأزمة السورية، لم يترك الشهيد دمشق، بل بقي فيها حتى عام ٢٠١٣، وبعدما ساءت الحالة الأمنية هناك اضطر إلى مغادرة سوريا لكنه بقي يتردد إليها بحكم عمله الجهادي، ثم انتقل إلى العيش بين تركيا، ولبنان، وتونس.
بعد انتصار الثورة التونسية عاد الزواري إلى بلده، لكنه بقي يتابع مهماته الجهادية مع «القسام». وفي تونس عمل الشهيد مهندس طيران، وأسس «نادي الطيران النموذجي» في صفاقس، وهو مخترع أول طائرة من دون طيار في تونس، وهناك يعرف نفسه بأنه ينتمي إلى «حركة النهضة».
على الصعيد الرسمي، قال القيادي في «حماس» في غزة مشير المصري، إن «كتائب القسام هي الجهة الوحيدة الكفيلة بالإفصاح عن أي معلومات عن أي ارتباطات للعالم التونسي الشهيد محمد الزواري بها، لكن المستفيد الوحيد من اغتياله هو العدو الصهيوني».
إسرائيلياً، لم يصدر أي تعليق رسمي كالعادة في مثل هذه الاغتيالات، فضلاً عن أن عمليات كثيرة لا يفصح عنها إلا بعد سنوات طويلة، لكنّ المعلقين قاموا بهذه المهمة، ومنهم أور هيرل، وهو معلق الشؤون الأمنية في القناة العاشرة، الذي قال إن التقارير الأجنبية تتحدث عن مسؤولية «الموساد» عن عملية الاغتيال، لكن ما من تعليق رسمي في إسرائيل، علما أن «الأخيرة تتابع باهتمام هذه التقارير».
كذلك تحدث عبر «العاشرة»، الخبير في الشؤون الأمنية رونين بيرغمان، مستدركاً بأنه ليس كل ما تقوله التقارير الأجنبية مختلقا، في إيحاء مع نوع من التفاخر بأن إسرائيل ربما تكون المسؤولة لكن بصورة غير مباشرة. أما روني دانيال، وهو معلق عسكري في القناة الثانية، فقال إن الزواري له دوره في صناعة الطائرات بلا طيار، لافتاً إلى جهود «حماس» الحثيثة في الحصول على هذه الطائرات والاستفادة منها في أي مواجهة لاحقة.