نسرد هنا أحداثاً واقعية اكتشفناها بالصدفة وموثقة بالمستندات الدامغة، جعلت صدمتنا كبيرة لحجم الاستهتار في القوانين والتراتبية الإدارية، وزادت شكوكنا وزعزعت ثقتنا في العديد من الموظفين/ات الأوصياء على مصالح المواطنين/ات والخدمة العامة.ومن هذه الوقائع أنّ إحدى المدارس الخاصة عرضت موازنتها السنوية على لجنة الأهل التي أحالتها على اللجنة المالية (تضم عضوين من لجنة الأهل) لدراستها ورفع تقرير بها.
كان ذلك في كانون الثاني 2016. وبعد تدقيق العضوين في أرقام الموازنة في أجواء بوليسية نتيجة منعهما من أخذ نسخة منها خارج مبنى المدرسة، تبين لهما أنّ المدرسة أدرجت زيادة على أقساطها بقيمة 1.1 مليون ليرة من دون وجه حق، فرفضت اللجنة التوقيع على الموازنة وطلبت إحالتها على لجنة الأهل بحسب القانون 515 للتصديق عليها بدلاً من اللجنة المالية، فاعترضت لجنة الأهل بدورها على الزيادة وقررت بالإجماع عدم التوقيع، وأرفقت ذلك بكتاب رسمي لإدارة المدرسة بالرفض وعدم الموافقة على التوقيع، وبالتالي لا تستطيع إدارة المدرسة تعديل الأقساط من دون موافقة لجنة الأهل أو اللجنة المالية.

الإدارة رفعت الموازنة غير الموقعة إلى مصلحة التعليم الخاص في وزارة التربية، بحسب الأصول، لكنها لم ترفق كتاب الاعتراض الذي قدمته لجنة الأهل، بل اكتفت بإرسال الموازنة السنوية لعام 2017، من دون توقيع لجنة الأهل أو اللجنة المالية وطبعاً ممهورة بختم المدرسة وتوقيع المدير.
الإجراء المتبع في هذه الحال من مصلحة التعليم الخاص هو إعادة الموازنة إلى إدارة المدرسة والسعي إلى إيجاد تسوية مع لجنة الأهل للوصول إلى خاتمة ترضي الطرفين، وعلى المدرسة عدم تقاضي أي زيادة على الأقساط ما دامت الموازنة لم توقّعها لجنة الأهل أو اللجنة المالية المكلفة من لجنة الأهل، ولم يصدر أي حكم قضائي بهذا الخصوص.
وفعلاً لم تزد المدرسة الأقساط خلال عام 2017، لكن الموازنة لم تعد إلى المدرسة لإجراء التسوية او إعادة نقاشها أو احتسابها، وما جرى كان مفاجئاً، ففي نيسان 2017 أي بعد 4 أشهر، تُحال مذكرة تحوي معلومات مغلوطة على وزير التربية مروان حمادة، تقول إنّ «الموازنة اقترنت بموافقة اللجنة المالية»، إلا أن لجنة الأهل تمنعت عن توقيعها، ما يجعلها قانونية، لكون الموقِّع إما لجنة الأهل أو اللجنة المالية. وحصلت الإحالة على توقيع الوزير والمدير العام للتربية فادي يرق ورئيس مصلحة التعليم الخاص عماد الأشقر.
لكن اللجنة المالية لم توقّعها، ولا لجنة الأهل، وثمة موظف تلاعب بالإحالة والمستند فوقّعه الوزير ونفذه المدير العام ورئيس المصلحة.
لنعد إلى الوراء، من هو المخّول بإصدار إحالة؟ فالموازنات كلها لدى مصلحة التعليم الخاص ورئيسها عماد الأشقر، وبحسب التراتبية الإدارية يتأكد موظفو المصلحة من المستندات ويرفعون تقريرهم إلى رئيسهم المباشر الذي يرفعه بدوره إلى المدير العام، فالوزير ليأخذ الأخير الإجراءات بناءً على التقارير ويصدر القرارات والإحالات قبولاً أو رفضاً. شكلاً الإحالة قانونية، وتوقيع الوزير لمضمونها صحيح ومن دون لبس، لكن من تلاعب بالمضمون فوقعه الوزير؟ ومن طلب أو رشا الموظف لتزوير الوقائع التي تضمنها التقرير ليصدر الوزير الإحالة والموافقة عليها؟
أخيراً، زارت لجنة الأهل في المدرسة الوزارة للسؤال عن الموازنة وعن قبولها أو رفضها أو إعادتها إلى المدرسة، ففوجئت بأنّه جرى قبول الموازنة، فسجلت اعتراضها وسجّل كتاب الامتناع عن توقيع الموازنة.
المخالفة واضحة، وتحوير المعلومات لتحظى بتوقيع الوزير للإحالة واضح أيضاً.
المسألة تتعدى حدود هذه المدرسة، فما استطعنا جمعه من معلومات من لجان الأهل ومصادر أخرى يشير بوضوح إلى مخالفات متعددة في مصلحة التعليم الخاص، فيما الموازنات تُقبل أو تنام من دون مراجعة وتدقيق، وأحياناً كثيرة تنقص الملفات وثائق أساسية لا سيما إيصالات صندوق التعويضات أو توقيع لجان أهل وهمية أو صورية، أو أنها لا تحظى بأي توقيع، وخصوصاً في المناطق خارج المركز والضواحي حيث من النادر دعوة لجان أهل إلى إجراء انتخابات فيها، ولكن موازناتها مذيَّلة بتوقيع لجنة أهل!
نعتقد أن الخطوات التي يقوم بها الوزير لحماية حقوق الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة مثل تعيين لجان تدقيق بالموازنات، إضافة إلى القرارات والتعاميم والتصريحات، يجب أن تكون متبوعة بإجراءات عملية لمنع تكرار عمليات تزوير مماثلة.
*هيئة تنسيق لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة في لبنان