لا يمر أسبوع من دون تسجيل حادث سير مروع على أوتوستراد الزهراني – النبطية. «ميزة الموتسيكلات» تضاف إلى «ميزة» الظلام الدامس من جسر الزهراني حتى جسر الخردلي برغم توافر أعمدة الإنارة.
معظم الحوادث سببها الدراجات النارية التي تستخدم من دون مراعاة شروط السلامة العامة. وقد بلغت نسبة قتلى حوادث «الموتسيكلات» 75 في المئة من مجمل قتلى حوادث السير، بحسب آمر مفرزة سير النبطية الملازم أول حسين حجازي. بين عامي 2013 و2017 ، سجل وقوع 300 حادث نجم عنها 50 قتيلاً وحوالي 400 جريح. حجازي أكد أن 80 في المئة من الدراجات في المنطقة غير شرعية: «تسرح وتمرح في الشوارع من دون حيازة مستخدمها إجازة سوق أو أوراق تسجيلها القانونية».
على «أوتوستراد الموت»، كثفت مفرزة سير النبطية الحواجز الظرفية لثلاثة أيام في الأسبوع، تصادر في كل منها عشرات الدراجات المخالفة. لكن الإجراءات لا تمنع الخطر. داخل القرى، لا تقدم الشرطة البلدية على خطوات مماثلة، علماً أن على البلديات تقديم لائحة بأسماء المخالفين والدراجات غير المسجلة إلى المفرزة. نجوم «موتسيكلات» القرى هم النازحون السوريون الذين يستخدمونها بطريقة غير شرعية ومن دون الإلتزام بشروط السلامة، ما تسبب بمقتل العشرات منهم في الآونة الأخيرة.
وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أصدر أخيراً قراراً قضى بتلف الدراجات المحتجزة من قبل القوى الأمنية بعد مرور خمسة عشر يوماً على حجزها في المرآب المخصص، في حال لم يعمد صاحبها الى تسوية أوراقها. بموجب هذا القرار، حجزت المفرزة أكثر من خمسين دراجة مخالفة خلال أسبوعين. فيما تتكدس حوالي 700 دراجة غير شرعية مضت سنة على توقيفها في مرآب مجمع قوى الأمن الداخلي في النبطية في انتظار تحويلها إلى دائرة التنفيذ في قصر عدل النبطية، لإتلافها بإذن من النيابة التمييزية على حساب أصحاب المرآب الذين يقبضون بدل ركن الدراجات عن كل يوم.
لكن لماذا يسجل هذا العدد من الحوادث على اوتوستراد النبطية من جسر الزهراني حتى جسر الخردلي ؟. «سوء التنظيم المدني والتقاطعات والمفترقات المتكررة إلى جانبي الطريق السريع الذي يسع كل اتجاه فيه لسيارتين. فيما تركن سيارة أخرى إلى الجانبين أمام المحال والمؤسسات والمنازل المنتشرة بمحاذاة الأوتوستراد. يقول حجازي: «خططنا مع بلدية النبطية لتحويل هذه التقاطعات إلى مستديرات التفافية تخفف الحوادث والسرعة. وتقرر إقفال النقاط الـ35 التي تشكل خطراً على السلامة العامة في المنطقة أهمها مفترقات النجارية والنميرية ودير الزهراني». حجازي يستدرك مشيراً إلى إعادة فتح مفترق مطاحن جبل عامل التي أقفلت بعد تسببها بحوادث عدة.
على طول الأوتوستراد، هناك جسر مشاة واحد في دير الزهراني استحدث بضغط من الأهالي بعد سقوط قتلى.
الدولة تناصب «الموتسيكلات» العداء، لكن أصحابها «في غير عالم». «نحن ملوك الطريق ولا قانون يمشي علينا»، يختصر «أبو بلطة» سيرته الذاتية في قيادة «الموتسيك». يملك خبرة قيادة الدراجات أكبر من نصف عمره. هي رفيقته الدائمة: «بتلبّي وزيادة وتحضر في جميع تفاصيل حياتي. إنها وسيلتي الوحيدة للتنقل والعمل ولنقل البضائع والأغراض التي تطلبها الوالدة كما للتسلية والسبق وتلطيش البنات».
دراجة «أبو بلطة» غير قانونية وحالتها الميكانيكية يرثى لها. هو في الأساس لا يحق له قيادتها. لا يزال قاصراً (16 عاماً). ليست الأولى التي يمتلكها. سبقتها عشرات لم تفلح في الإفلات من أيدي رجال الأمن. «بس ما في مشكلة. يحجزونها من هنا وأشتري أخرى في اليوم نفسه. مئة ألف ليرة أو أقل كافية لشراء دراجة بتمشّي الحال».