في غمرة السجال الدائر حول تطبيق قانون سلسلة الرتب والرواتب الرقم 46 على المعلمين في المدارس الخاصة، تدور أسئلة كثيرة حول مدى أحقية إعطاء المفعول الرجعي لمعلمي القطاع الخاص من 1 /2 /2012 (تاريخ بدء تقاضي الموظفين في القطاع العام سلفة على غلاء المعيشة نتيجة آخر تصحيح للأجور، وبانتظار إقرار القانون).
تنبع هذه الأسئلة من تفسيرات وتأويلات مختلفة للمادة 3 من قانون السلسلة التي تنص على الآتي: «اعتباراً من تاريخ نفاذ هذا القانون يوقف صرف غلاء المعيشة، وتعتبر المبالغ المقبوضة كسلفة عن بدل غلاء معيشة للمستفيدين من هذه السلسلة من تاريخ 1 /2 /2012، ولغاية نفاذ القانون غير خاضعة لموجب الاسترداد. كما لا يستحق بأي حال من الأحوال أي فروقات على تعويضات أو أجور مهما كان نوعها، على مبالغ السلف المقبوضة اعتباراً من 1 /2 /2012، ولغاية نفاذ هذا القانون».
ومن الأسئلة المطروحة: «هل تجيز هذه المادة فعلاً إعطاء المفعول الرجعي للمعلمين في القطاع الخاص الذين لم يتقاضوا سلفة على غلاء المعيشة منذ عام 2012 وحتى اليوم؟ وماذا لو لم يكن المفعول الرجعي مستحقاً، ما الذي سيحدث في المدارس التي دفعت كامل السلفة أو جزءاً منها، أو تلك التي دفعتها لسنة واحدة ومن ثم أوقفتها، وخصوصاً أن بعض هذه المدارس تقاضى من الأهل مبالغ مالية تحت بند مستقل عن القسط سُمي «سلفة على غلاء المعيشة» لإعطائها للمعلمين، ووقعت اتفاقيات مع لجان الأهل لاعتبار هذه المبالغ جزءاً لا يتجزأ من تغطية السلسلة؟ وكيف ستحتسب الأرقام، وهل ستعيد إدارات المدارس الأموال إلى الأهالي إذا تبين أن هؤلاء دفعوا أكثر من قيمة السلفة؟».
ما حصل في الوقائع أنّ القسم الأكبر من المدارس بدأ بإعطاء السلفة بعد سنة واحدة من إعطائها لمعلمي القطاع العام، وبضغط من نقابة المعلمين آنذاك وبالتنسيق مع البطريرك بشارة الراعي الذي أوعز إلى الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية بضرورة دفع السلفة للمعلمين. بعض المدارس أخذت من الأهالي في عام 2014 المبالغ التي توازي مجموع السلف للمعلمين منذ 2012 ومن ثم أخذت تتقاضاها سنة بسنة. ويقول الرئيس السابق لنقابة المعلمين نعمه محفوض: «أكثر من 40% من المدارس الخاصة لم تدفع سلفة غلاء المعيشة». ويشرح محفوض أنّ الجدول الرقم 17 المرفق بالسلسلة يؤكد بوضوح أن المفعول الرجعي حق للمعلمين في القطاع الخاص.
هذا ما حاول أن يشرحه أيضاً رئيس النقابة الحالي رودولف عبود لوزير التربية مروان حمادة والمدير العام للوزارة فادي يرق في اللقاء الحواري الأول حين قالا له: لا مفعول رجعياً لأحد، باعتبار أنّ المفعول الرجعي لم يكن يوماً في حسابات المجلس النيابي خلال مناقشات قانون السلسلة. إلّا أنّ عبود يوضح أنّ الدولة لن تدفع المفعول الرجعي لمعلميها لأنها دفعت لهم السلفة، لكن معلمي المدارس الخاصة لم يتقاضوا جميعاً هذه السلفة، ويجب أن يتقاضوها عملاً بوحدة التشريع.
«المادة 3 من القانون واضحة جداً ولا تحتاج إلى تأويل أو طلب تفسير»، هكذا يقطع محامي النقابة الوزير السابق زياد بارود الشك باليقين. ببساطة، لا يمكن، كما يقول، أن يكون التعامل مع مجموعة من المعلمين يخضعون للقانون نفسه بنظامين مختلفين، ولا سيما أن السلفة التي أعطتها بعض المدارس لمعلميها ليست منحة، بل حق مكتسب دخل في صلب الراتب اعتباراً من 1 /2 /2012، ويجب أن يستفيد منها جميع المعلمين في لبنان، وما في ناس بسمنة وناس بزيت، والأمر لا يتعلق بكرم أخلاق المدرسة بل بمبدأ قانوني يقضي بمساواة الجميع بالمعاملة أمام القانون. وعن الاتفاقيات بين الأهالي وإدارات المدارس، يقول: «لا علاقة للقانون العام بهذه الاتفاقيات، فهذه صيغة داخلية وتدرس في كل مدرسة على حدة».