توقّفت الأوساط السياسية أمس أمام زيارة كل من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ورئيس حزب الكتائب سامي الجميّل للمملكة العربية السعودية، وبدأت البحث عن أسباب هذا السفر المفاجئ، وقراءة طبيعة الزيارة والنتائج المترتبة عنها. لا يُمكن فكّ ارتباط اللقاءات التي سيعقدها الرجلان في الرياض عن التوجّه السعودي العام في لبنان، ولا عن تغريدات وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان منذ عملية تحرير الجرود.
فالتغريدات التي كانت تخيّر اللبنانيين بين أن يكونوا مع السعودية أو مع حزب الله، إنما كانت تنمّ عن محاولة ابتزاز سعودية، وجسّ نبض كل من هو ضد الحزب، تحضيراً لمعركة سياسية يُستثمر فيها هؤلاء في مشروع مواجهة جديد. تبدو المملكة وكأنها تستجمع حلفاءها المبعثرين في لبنان، بهدف إحياء مشروعها الذي بدأته عام 2005. فماذا سيكون محور الحديث؟ ومن هي الشخصيات التي ستلتحق بجعجع والجميّل؟
زيارة السبهان الأخيرة لبيروت في آب الماضي، هدفت إلى «ترتيب ما كان يُسمّى فريق 14 آذار، لترسيخ قواسم مشتركة تساعد الرياض على تحقيق توازن مع الوجود الإيراني». وحينذاك، جرى التداول بمعلومات تفيد بأن «هذه الزيارة ستعقبها خطوات أخرى، من ضمنها رفع التمثيل الدبلوماسي وتعيين سفير للمملكة في لبنان» («الأخبار»، ٢٥ آب ٢٠١٧).

وفيما خرجت إلى العلن أمس معلومات تفيد باختيار وليد اليعقوبي لتقليده هذا المنصب، بدأت الرياض باستقبال حلفائها، ما يعطي صورة أولية عن التوجهات السعودية القادمة، التي وضعت نصب أعينها «التصدّي للمشروع الإيراني في لبنان»، وبدأته مع القوات والكتائب. وفيما لم يتوقف السؤال أمس عن الشخصيات التي ستوجّه إليها الدعوة، تقول مصادر آذارية: «يكفي استرجاع برنامج زيارة السبهان في بيروت للإجابة عنه». وعلمت «الأخبار» أن «كلاً من النائب السابق فارس سعيد والكاتب رضوان السيد سيكونان على لائحة المدعوين، إضافة إلى رئيس حزب الوطنيين الأحرار دوري شمعون، والوزير السابق أشرف ريفي».
اللافت في الدعوات أنها أتت، في الشكل، أقرب إلى الاستدعاء. قيادة القوات فوجئت بأن الجميّل مدعوّ إلى الرياض في الوقت عينه الذي يزورها فيه جعجع، متوقفة عند كونها المرة الثانية التي تساوي فيها السعودية بين جعجع والجميّل، في الشكل على الأقل. الأمر نفسه استغربته مصادر الكتائب التي كشفت أن الجميّل تلقى الدعوة قبل يومين لا أكثر.
وقالت مصادر الصيفي لـ«الأخبار» إن «العلاقة جيدة مع السعوديين، ولكنها ليست عميقة. ويُتوقع أن تكون الزيارة للتعارف مع القيادة الجديدة واستكمالاً لزيارة السبهان». أضافت: «سمعنا من الأخير أنّ السعوديين مرتاحون لموقفنا محلياً. لكنه لم يفاتحنا بموضوع إعادة لملمة 14 آذار». وتشير المصادر نفسها إلى أنّ «من الواضح أنّ الجو تصعيدي». وعما إذا كانت السعودية قد طلبت مواقف محددة من الكتائب، نفت المصادر ذلك قائلة: «موقفنا واضح، فنحن لن ننتخب رئيساً للجمهورية من 8 آذار، ونُعارض سلاح حزب الله وتطبيع العلاقة مع سوريا، كما أنّنا خارج الحكم ومعارضة شرسة. فما الذي قد يُطلب منا؟ أما أن نتحول إلى رأس حربة سعودية في المنطقة، فمش رح يمشي الحال».
بحسب أوساط متابعة «تُعدّ المملكة نفسها لجولة عتب على المكونات نتيجة إخفاقها في مواجهة حزب الله» من جهة، ومن جهة أخرى «دفعها نحو توحيد الموقف السياسي، الحفاظ على التوازن السياسي في البلد، ومنع جرّ لبنان إلى حضن سوريا وإيران ورفض التطبيع مع النظام السوري».

السعودية تريد
لملمة 14 آذار
ومنع التطبيع مع سوريا وإيران

ماذا عن الرئيس سعد الحريري؟ بحسب أوساط تيار المُستقبل سيتجنب الرجل الالتحاق بهذه المجموعة، وهو لن يذهب إلى المملكة إلا رئيساً للحكومة، لا رئيساً لتيار المستقبل. وترى المصادر أن «الكلام الذي قاله السبهان سابقاً كان يؤشر إلى توجّه تجريبي، كذلك فإن الندوة التي عقدها سعيد والسيد منذ فترة كانت جزءاً من هذا التوجّه القائم على فكرة إعادة إحياء 14 آذار بشكل من الأشكال». وبالتالي سيكون من الصعب على الحريري «مجاراة الفورة السعودية إن كان القرار نقله من مكانه الحالي وإعادته إلى دوره القديم كرأس حربة في مواجهة حزب الله وفريقه». ورأت المصادر أن «الخطوة السعودية كانت متوقعة، لكن ليس بهذه السرعة»، إلا أنه «يُمكن وضعها في إطار ردّ الفعل على مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تجاه حزب الله وسلاحه، وكذلك اللقاء الذي عقده وزير الخارجية جبران باسيل مع نظيره السوري وليد المعلم». من جهتها، نفت مصادر رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط أن «يكون قد تلقّى دعوة لزيارة المملكة»، لكن الأمر «وارد بقوّة».