قبل أيام، اتخذت السلطات البحرينية أولى الخطوات التنفيذية للتعديل الدستوري الذي صادق عليه ملك البلاد، حمد بن عيسى آل خليفة، في نيسان/ أبريل الماضي، والذي يسمح بمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري. فقد أحالت السلطات 4 متهمين بالتحضير لـ«ارتكاب عدد من الجرائم الإرهابية ضد قوة دفاع البحرين»، إلى المحكمة العسكرية الكبرى.
خطوة تعيد إلى الأذهان سيناريوات عام 2011، عندما استعانت السلطات بالقضاء العسكري لمحاكمة عشرات المدنيين، بعد إعلان حال الطوارئ لمدة 3 أشهر. كما أنها تفتح الباب على مزيد من «المحاكمات غير العادلة للمدنيين»، بحسب وصف منظمة العفو الدولية في تعليقها على التعديل الذي ألغى حصر المحاكمات العسكرية بالجرائم التي يرتكبها عسكريون ورجال أمن.
وليس التعديل المذكور هو وحده ما أنبأ بمرحلة أشد قتامة على المستوى الحقوقي، بل إلى جانبه تشريعات وقوانين تم تشديدها، تباعاً، لتحظر أي نوع من أنواع الانتقاد للسلطة الحاكمة، وتفسح المجال لإلصاق تهم ذات طابع جنائي أو إرهابي بنشطاء سياسيين وحقوقيين. نعني بتلك القوانين، تحديداً، قانون العقوبات وقانون الإرهاب وقانون الجنسية وقانون التجمعات.
ففي القانون الأول، على سبيل المثال، يُمنع توجيه أي نقد لملك البلاد؛ كون ذلك سيُعدّ «إهانة للملك، أو علَم المملكة، أو شعارها الوطني» بموجب المادة 214. كما تُمنع، بموجب المادة 216، «إهانة دولة أجنبية أو منظمة دولية» في تهمة يتم لصقها غالباً بمن يخوض في تقييم سياسات الدول «الحليفة»، وخصوصاً منها السعودية. وبموجب المادة 2016، تُجرّم «إهانة الهيئات النظامية»، وهي إحدى التهم التي تم توجيهها إلى الأمين العام لجمعية «الوفاق» المعارِضة، الشيخ علي سلمان، لدى اعتقاله في 28 كانون الأول/ ديسمبر 2014.
أما في قانون الإرهاب، فقد ضيّقت السلطات، إلى أبعد ما تستطيع، هامش الحرية في تعبير المواطنين والنشطاء عن آرائهم في النظام الحاكم في المملكة، إلى درجة أن الدعوة إلى إقامة نظام ديموقراطي، على سبيل الذكر لا الحصر، تُعدّ «تحريضاً على كراهية النظام» و«دعوة إلى تعطيل الدستور والقوانين»، في تهمة تم توجيهها أيضاً إلى الشيخ سلمان.
بالانتقال إلى قانون الجنسيات، فها هنا تتجلى «فضفضة» النصوص، بما يخدم أهواء وزير الداخلية، في أوضح صورها. إذ تتيح نصوص القانون للوزير طلب إسقاط الجنسية عن المواطنين في حال «إضرارهم بمصالح المملكة» أو تصرفهم «بما يناقض واجب الولاء»، في اتهامات مبهمة وفاقدة للمعايير يتم استخدامها سلاحاً بوجه المعارضين.
غموض يطبع، كذلك، بعض نصوص قانون التجمعات، والتي تمنح رئيس الأمن العام أو من ينوب عنه سلطة فض التجمعات «بناء على أي سبب يخلّ بالنظام العام»، في وصف تغيب عنه المحدّدات بما يتيح المجال لممارسة الكثير من التعسف. أكثر مما تقدم، يحظر قانون التجمعات، بناءً على التعديلات التي أُدخلت عليه عام 2013، «تنظيم التظاهرات أو المسيرات أو التجمعات أو الاعتصامات في مدينة المنامة»، وأيضاً تلك التي «تقام أو تسير بالقرب من المستشفيات أو المطارات أو المجمعات التجارية أو الأماكن ذات الطابع الأمني».
(الأخبار)