سرعان ما تلقّت إسرائيل المصالحة الفلسطينية كموضوع دسم لتمرّر عبره، ومن تحته أيضاً، جملة من الخطط والنيّات المسبقة. حذّرت في البداية من انهيار الاتفاق خلال ثلاثة أشهر أو أربعة، بسبب «حقلٍ من الألغام»، لكنها سارعت أمس إلى تفجيرها دفعة واحدة: استهدافٌ مبيَّت لنفق تعدّه المقاومة؛ الفصيل المسؤول عن النفق ليس «حماس»، بل «الجهاد الإسلامي» التي لا تشارك في العملية السياسية وليست طرفاً في المصالحة؛ التوقيت والأسلوب مشابهان تماماً لما حدث إبّان «اتفاق الشاطئ» حينما أنهى مفاعيله عدوان 2014 الذي بدأ باستهداف مقاومين في الأنفاق... مع تعمّدٍ هذه المرة لإيقاع أكبر عدد من الشهداء.
قبل أسبوعين، قال بنيامين نتنياهو إن إسرائيل ترفض المصالحة، لكنها لن تعمل على منعها، فيما يثبت عدوانها على غزة أنها تريد فرض نفسها في التفاصيل كافة، فهي على خطٍّ موازٍ، وبينما تواصل الاستيطان، لا تريد الدخول في المفاوضات التي يطلبها الأميركي إلّا تحت سقف واضح: إن لم ننزع سلاح المقاومة، فعلينا ــ أو عليهم ــ تجميده، و«التجربة خير برهان». مع ذلك، سارعت تل أبيب إلى طلب التهدئة من القاهرة، كذلك حاولت «التملّص» من بعض تبعات الاستهداف بادّعاء أنه لم يكن مقصوداً استهداف قيادات ولم تستعمل أسلحة محرمة كالغازات السامة.
فعلاً تُحسن إسرائيل التقاط الفرص، لكن النهايات ليست سعيدة لها دوماً، وهذا ما تقوله تجربتها الدائمة مع المقاومة