لم تكن ديانا الدجاني تعلم أن ابنها سيقلب حياتها من مهندسة كومبيوتر تدير شركة معلوماتية في قطر إلى مبتكرة لمنصة الكترونية لتعليم اللغة العربية باللعب. تتحمس الشابة الفلسطينية للحديث عن البدايات في العام2013، فتروي كيف صدمت بصغيرها يقول لها إنه يكره الفروض المنزلية باللغة العربية إذ «صار يصرخ ويطالبني بإعطائه أي شيء ما عدا العربية».
يومها، لم تجبر الدجاني ابن الخمس سنوات على الجلوس لإنهاء فرضه، بل قررت أن تجرّب تعليمه بواسطة لعبة من ورق. فكتبت الأحرف والأصوات على أوراق مربّعة صغيرة ليخلطها ابنها ويطابقها «وهكذا فهم الدرس!».
اللعبة نجحت إلى درجة أن الطفل طلب في اليوم التالي أن يلعبها مجدداً. إلا أنّ الدجاني بحثت لابنها عن لعبة قراءة مسلية بالعربية على الإنترنت بسبب انشغالها في العمل آنذاك. وهنا وجدت أن الخيارات المتوافرة ضعيفة، ما جعلها تقرر أن تستفيد من خلفيتها في هندسة الكمبيوتر. يومها، أعددت له اللعبة نفسها على الانترنت... وأحبها! وعندما أخبرت أصدقاءها عنها، أحبوها أيضاً وطلبوا منها أن تؤمنها لهم.
وهكذا إلى أن وُلدت شركتها eduTechnoz.com. الشركة تأسست في قطر وهي عبارة عن منصة الكترونية تمكن الطفل من التعرف إلى المهارات اللغوية من قراءة وكتابة واستماع وقواعد، بطريقة جذابة ومسلية.

يجري تقييم مهارات الأطفال بتقارير مفصلة تحدد الفروق الفردية لكل طفل

المنصة توفر أكثر من 200 لعبة الكترونية، صممها فريق عمل مؤلف من تربويين ومبرمجين، للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و8 سنوات. وهي تستند حتى الآن إلى المناهج الدراسية المحلية في كل من قطر، البحرين والكويت والسعودية.
وبحسب الدجاني، تراعى في تصميم الألعاب اهتمامات الأطفال في الفئة العمرية المستهدفة، الثقافة والهوية العربية، والمناهج والمعايير الدولية، والثقافات الأخرى المهتمة بتعلم اللغة العربية.
المستخدم يسجّل في الموقع مجاناً ويحصل على 20 لعبة كافية لتحبيب الطفل باللغة العربية، وفي حال أحب الأهل فكرة الاعتماد على الألعاب لتعلم اللغة، فهناك اشتراك شهري وكل ستة أشهر وسنوي أيضاً.
ما يميّز منصة «اديوتكنوز»، بحسب الدجاني، هو أنّها تقدم البرمجيات كخدمة “software as a service”، ما يعني أنّ الألعاب كلها يتم لعبها من خلال الموقع، فلا حاجة إلى تنزيلها أو طلبها عبر البريد الالكتروني.
الدجاني التي قالت إنها تعشق العربية منذ صغرها تستفزها الشكوى الدائمة من أن العربية لغة صعبة، «فهي صعبة لسبب بسيط هو شح المصادر والمواد التعليمية بأشكالها المختلفة، إضافة إلى عدم اتباع منهجيات تربوية حديثة في تعليم الصغار المهارات اللغوية».
استخدام الألعاب يحصل طوال الوقت، فلا يتعلم المستخدم فحسب القراءة بالعربية مثلا، بل يمكنه أيضاً أن يحصد الجوائز عندما يكمل كل لعبة وكل مستوى. وبينما يتنافس الأطفال على إنهاء المغامرة والوصول إلى القلعة الموجودة داخل اللعبة، يجري تقييم مهاراتهم وجدولتها بتقارير مفصلة تحدد الفروق الفردية لكل طفل. هذه التقارير تساند الترابط بين المدرسة والأهل، إذ ترسل إلى المعلمين والأهالي بواسطة خدمة «التنبيه البريدي» لرصد تقدم مستوى التلميذ وتحديد مواطن ضعفه. وإذا ما لوحظ ضعف واضح في مهارات معينة، يمكن اقتراح الألعاب كنوع من الواجب المنزلي لتقوية الطفل في المهارات الضعيفة.
تقول الدجاني «أجرينا دراسة على الألعاب أظهرت أن كل لعبة تحقق تطوراً ملحوظاً للمهارة المتناولة بنسبة لا تقل 19%، وأن العلامات تحسنت بمعدل 34%، وأن تفاعل الطلاب بالصف تحسن بنسبة 95% وتفاعل الأهالي بنسبة 77%». حتى الآن، يستخدم الموقع نحو 120 ألف شخص و60 مدرسة. وتم تمكين أطفال اللاجئين السوريين في مخيمات الأردن وأثينا والبرازيل مجاناً من تعلم العربية والتمسك بهويتهم.
ادراك الدجاني بأن اللغة العربية مهمشة ليس فقط في الصفوف، انما أيضاً في ميزانيات الدول التي تذهب أكثر للانكليزية، يشكل لديها حافزاً دائماً لتطوير شركتها الناشئة عبر التعاون مع مزيد من المؤسسات التعليمية.