بعد إخراجه مسرحيتي بريخت «رؤى سيمون ماشار» بالفرنسيّة (1964)، و«صعود أرتورو أوي» بالعربيّة (1966)، دفعت النكسة عام 1967 بجلال خوري إلى القراءة والبحث عن نشوء الكيان الإسرائيلي. نقطة الانطلاق كانت من النصوص الصهيونية الأولى تفادياً لتجاهل العدو والجهل به. بحث أفضى إلى كتابة مسرحيته الأولى «وايزمانو بن غوري وشركاه» التي عرضت في «مسرح بيروت» عام 1968، وتناول فيها نشوء الكيان العبري. كتب خوري المسرحية باللغة الفرنسية، فيما تولّى ريمون جبارة ترجمتها إلى العربية، وقد شكّلت أولى المسرحيات التي تتناول القضية الفلسطينية إلى جانب «حفلة سمر من أجل 5 حزيران» لسعدالله ونوس، و«القتل» لعصام محفوظ. التجربة الثانية لخوري كانت «سوق الفعالة» التي اقتبسها عن «السيد بونتيلا وخادمه ماتي» لبريخت وهيلا ووليوكي، ليحوّلها إلى مسرحية بمناخات وقضايا لبنانية قدّمت باللغة المحكية على مسرح «مهرجانات بعبك» في بيروت عام 1969، كما جالت على مناطق لبنانية مختلفة.

على مسرح «مهرجانات بعلبك»، أطلق خوري مسرحيته الثالثة «جحا في القرى الأمامية» عام 1971، التي تعدّ واحدة من أشهر أعماله. البطل هو شخصية جحا المتناقضة، التي يدخل من خلالها إلى منطقة الشريط الجنوبي مع فلسطين، وليحرّك قضايا سياسية مختلفة مثل الإقطاع، والدوريات الإسرائيلية وأسعار التبغ والتهريب والعمل الفدائي الذي كان ينشط على تلك البقعة من الأراضي اللبنانية. كل ذلك ضمن رؤية إخراجية تعتمد شكل «الخشبة الإيطالية» أي مسرح داخل المسرح كلجوء إلى التغريب البريختي، وبلغة خارجة من الشفوي والمحكية اللبنانية. بعد سنة، اقتبس مسرحية «فتى الغرب المدلل» للمسرحي الإيرلندي جون ميلينغتون سينج، وأعاد كتابتها ولبننها وأخرجها تحت عنوان «قبضاي». تلتها مسرحية «الرفيق سجعان» حول البنى العشائرية والعائلية والحزبية في لبنان، التي قدّمت عام 1974 على «مسرح مهرجانات بعلبك الدولية»، قبل ترجمتها إلى الألمانية وتقديمها في ألمانيا عام 1979. بعدها، أخرج وكتب مسرحيات عدّة من بينها «كذاب أو محاورات شاهين وطنسا» (1982)، و«فخامة الرئيس» (1988) التي أعاد تقديمها قبل عامين، و«يا ظريف أنا كيف» (1994)، و«الطريق إلى قانـا» (2006) التي صدرت ترجمتها الفارسية هذه السنة. وبعد تأثرات طويلة بالمسرح الغربي والبريختي تحديداً، انصرف خوري إلى المسارح الشرقية، وتقنياتها وفنون الفرجة فيها، التي تجسّدت مناخاتها في مسرحية «رزق الله يا بيروت» (1997)، و«هنديّة، راهبة العشق» (1999)، و«رحلة مُحتار إلى شرْي نَغار» (2010). أما آخر مسرحياته فكانت «خدني بحلمك مستر فرويد» (2014)، ثم «شكسبير إن حكى ــ قراءة بالعربية» العام الماضي التي قدّمت فيها ميراي معلوف ورفعت طربيه مشاهد وشخصيات شكسبيرية عرّبها وولّفها خوري من تسع مسرحيات للكاتب الإنكليزي.