وفقاً لتقديرات لجنة الموارد الدولية، فإن استخراج الموارد المادية (الكتلة الحيوية والوقود الأحفوري والمعادن) من الأرض يمكن أن يصل إلى 88.6 مليار طن في عام 2017، أي بارتفاع ثلاث مرات عن عام 1970. وتتوقع اللجنة أن يزيد استخدام الموارد المادية العالمية أكثر من الضعف بحلول عام 2050، حسب الاتجاهات الحالية لأنماط الإنتاج والاستهلاك.
وبالنظر إلى أن 19 مليون حالة وفاة مبكرة تقدر كل عام بسبب عوامل الخطر البيئية المتصلة بالبنية التحتية المرتبطة باستخدام الموارد الطبيعية، فإن التقرير يشير إلى أن استخراج الموارد الطبيعية واستخدامها على نحو أفضل وأكثر كفاءة يمكن أن يكون واحداً من أكثر العوامل فعالية من حيث التكلفة، وسبل الحد من الآثار البيئية، بما في ذلك التلوث، مع تعزيز رفاه الإنسان في الوقت ذاته.
تم إصدار تقييم استخدام الموارد العالمية في منتدى العلوم والسياسات والأعمال، بمناسبة انعقاد جمعية الأمم المتحدة للبيئة. وقد أطلقت تسمية "فريق الموارد الدولية" على مجموعة من العلماء البارزين المتخصصين في قضايا إدارة الموارد التي وضعتها الأمم المتحدة للبيئة في عام 2007. وطلب من الدورة الثانية لجمعية الأمم المتحدة للبيئة أن توفر معلومات عن الحالة والاتجاهات والتوقعات وعن الإنتاج والاستهلاك المستدام.
وقال الرئيسان المشاركان للجنة الدولية للموارد جانيز بوتوكنيك وإيزابيلا تيكسيرا في بيان مشترك "إن كمية الموارد الطبيعية المستخدمة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بكمية النفايات النهائية والانبعاثات الناتجة من استخدامها". و"إن مكافحة التلوث الفعالة تؤدي أيضاً إلى تقليل استخدام المواد الخام، وبالتالي تقليل النفايات النهائية والانبعاثات".

نحو كوكب خال من التلوث

"يتأثر كل شخص على وجه الأرض بالتلوث"، وفقاً لتقرير المؤتمر هذا العام كما عرضه المدير التنفيذي: "نحو كوكب خال من التلوث"، والذي تستخدمه جمعية الأمم المتحدة للبيئة كأساس لوضع مجالات عمل جديدة.
أكثر من 12 قراراً كانت مطروحةً على الطاولة، بما في ذلك اتباع منهجيات جديدة لمعالجة تلوث الهواء، الذى يعدّ أكبر قاتل بيئي، ما يودي بحياة 6.5 ملايين شخص كل عام.
يركز التقرير على الموارد المادية. وستقوم التقارير اللاحقة، بما في ذلك التقرير المقرر لعام 2019، بتقييم آثار جميع الموارد الطبيعية (المواد والأراضي والمياه وانبعاثات غازات الدفيئة).

تلقى شاحنة قمامة من البلاستيك في المحيطات كل دقيقة


ويؤكد التقرير على "الاستخدام المتزايد للمواد، بالإضافة الى توسع وزيادة السكان، والاتجاه الى المزيد من الاستهلاك في الاقتصادات المتقدمة أساساً، وتحول الاقتصادات النامية نحو المزيد من الطلب على الموارد (من الموارد المتجددة إلى الموارد غير المتجددة)، يعكس اتجاهاً عالمياً، يساهم في زيادة الملوثات وإجهاد البيئة. وهذا ما يؤدي الى زيادة كبيرة في إنتاج النفايات، وبالتالي زيادة الانبعاثات والتلوث.
فعلى سبيل المثال، تشير البيانات إلى أن الزيادة الحادة في الطلب على المواد الخام، مثل الحديد، أسهمت في حدوث زيادات حادة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، والتحمض في المحيطات، والسمية البيئية المائية، وانبعاثات المواد المكونة للضباب الدخاني... الخ. ويؤكد التقرير أن الكفاءة في الطريقة التي يتم بها استخراج الموارد وتصنيعها من قبل الصناعة، واستخدامها وإعادة استخدامها من قبل الناس، وإعادة تدويرها والتخلص منها من قبل الجميع، ضرورية لكوكب مستدام وخالٍ من التلوث.

كيفية استخدام الموارد

وقد خلصت البحوث التي أجراها الفريق إلى أن سياسات ومبادرات كفاءة استخدام الموارد، بالمقارنة مع مسارات الأعمال التجارية كالمعتاد، يمكن أن تخفض استخدام الموارد الطبيعية على الصعيد العالمي بنسبة 26% بحلول عام 2050، بالمقارنة مع العمل العالمي الطموح بشأن تغير المناخ، فضلاً عن إبقاء نصيب الفرد من استخدام الموارد عند المستويات الحالية في البلدان المرتفعة الدخل.
كما يؤكد التقرير أنه باستخدام الحلول القابلة للتنفيذ من الناحية الفنية والتجارية، وتحسين كفاءة المياه والطاقة بنسبة 60 - 80% في قطاعات البناء والزراعة والنقل وغيرها من القطاعات الرئيسية، يمكن توفير 2،9 إلى 3،7 تريليونات دولار سنوياً بحلول عام 2030. كما يمكن أن يخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة إضافية تتراوح بين 15 و20% بحلول عام 2050 (لمجموعة معينة من سياسات الاحتباس الحراري)، مع انخفاض الانبعاثات العالمية في عام 2050 إلى 63% دون مستويات عام 2010.
كما يتحدث التقرير عن إمكانية تحقيق منافع اقتصادية سنوية قدرها 2 تريليون دولار أميركي بحلول عام 2050، مقارنة بالاتجاهات الحالية، مع المساعدة في وضع العالم على الطريق الصحيح للحد من تغير المناخ.
وإذ يرى البعض أن هذه التقديرات خيالية، يعود التقرير نفسه ليستدرك بالقول: "إن كفاءة الموارد وحدها ليست كافية... ما هو مطلوب هو الانتقال من الحركة الخطية لتدفقات المواد الى الحركة الدائرية، من خلال مزيج من دورات حياة المنتج الممتدة، وتصميم المنتجات الذكية، وإعادة الاستخدام وإعادة التدوير وإعادة التصنيع. ونماذج الأعمال التي تهدف إلى تقديم خدمات عالية الجودة كبديل لبيع المزيد من المنتجات، ستكون عنصراً هاماً آخر".

مقاومة المضادات الحيوية

يركز التقرير الذي أطلق أثناء جمعية الأمم المتحدة للبيئة في مقر الأمم المتحدة للبيئة في نيروبي، على ستة مجالات تعتبر ناشئة لم يتم تناولها في تقارير من قبل وهي: البعد البيئي لمقاومة مضادات الميكروبات؛ والمواد النانوية، والمناطق البحرية المحمية، والعواصف الرملية والترابية، والحلول الشمسية خارج الشبكة، والهجرة البيئية.
تبرز قضية "مقاومة مضادات الميكروبات" أحد مجالات الاهتمام الستة الأبرز الناشئة. يسلط البحث الضوء على التحديات والحلول الناشئة في المجال البيئي عن تزايد مقاومة مضادات الميكروبات المرتبطة بتصريف المخدرات والمواد الكيميائية الخاصة في البيئة، معتبراً أنه أحد أكثر التهديدات الصحية إثارة للقلق اليوم.

تنخفض الأنواع العالمية 75% عام 2020 بعدما كانت
58% في السنوات الأربعين الماضية

ومن بين القضايا التي نظر فيها التقرير، أن دور البيئة في ظهور وانتشار المقاومة لمضادات الميكروبات أمر يثير القلق بوجه خاص.
وقد ربطت الدراسات سابقاً بين إساءة استخدام المضادات الحيوية عند البشر وفي الزراعة وتربية الثروة الحيوانية على مدى العقود العديدة الماضية وبين زيادة المقاومة، ولكن دور البيئة والتلوث لم يحظ باهتمام يذكر.
تحدث مقاومة مضادات الميكروبات عندما تتطور الكائنات الحية الدقيقة لمقاومة آثار عامل مضاد للميكروبات. على الصعيد العالمي، يموت حوالى 700 ألف شخص من الإصابات المقاومة كل عام لأن الأدوية المضادة للميكروبات المتاحة أصبحت أقل فعالية في قتل مسببات الأمراض المقاومة.
وهناك أدلة واضحة على أن رمي المركبات المضادة للميكروبات، الناجمة عن بقايا أدوية المنازل أو المستشفيات والمرافق الصيدلانية، مع النفايات الصلبة والسائلة، وفي المناطق الزراعية وتربية الحيوانات، واتصالها بالبكتيريا الطبيعية والبكتيريا المقاومة، يؤدي إلى تطور البكتيريا وظهور سلالات أكثر مقاومة.
وتتزايد هذه المشكلة مع تزايد استخدام المضادات الحيوية البشرية بنسبة 36% في هذا القرن، ومن المتوقع أن يزداد استخدام المضادات الحيوية في الثروة الحيوانية بنسبة 67% بحلول عام 2030. وبالإضافة إلى ذلك، قد تضيع نسبة تصل إلى 75% من المضادات الحيوية المستخدمة في تربية الأحياء المائية في المناطق المحيطة.

المناطق المحمية البحرية

لقد تسبب الصيد الجائر والأنشطة الاستخراجية (ولا سيما النفطية) والسياحة والتنمية الساحلية والتلوث بأضرار ضخمة على موائل المحيطات وقلل من أعداد الأنواع البحرية. وقد فقدنا نصف الشعاب المرجانية في العالم، واستهلكنا ما يقرب من ثلث أرصدة الأسماك التجارية بأسعار غير مستدامة. ويعتقد معدو التقارير بأن المناطق المحمية البحرية هي واحد من أفضل الخيارات للحفاظ على صحة النظم الإيكولوجية للمحيطات والمناطق الساحلية أو استعادتها، في حين تدل الوقائع، ولا سيما مع عمل كبريات شركات الصيد الجائر للكائنات البحرية بواسطة السفن الضخمة، أن حجم المحميات البحرية لا يشكل شيئاً بالنسبة إلى حجم وسرعة الصيد الجائر لأسباب استثمارية وتجارية ضخمة حول العالم.

12 قراراً على الطاولة

بين القرارات الـ 12 التي طرحت على الطاولة في نيروبي، اتباع منهجيات جديدة لمعالجة تلوث الهواء، الذى يعدّ أكبر قاتل بيئي، ما يودى بحياة 6.5 ملايين شخص كل عام، بعدما تم التأكيد أن أكثر من 80٪ من المدن لا تفي بالمعايير الصحية للأمم المتحدة بشأن نوعية الهواء.
كما عرضت قضية التعرض للرصاص في الطلاء، والذي يسبب تلفاً في الدماغ لـ 600 ألف طفل سنوياً، وتلوث المياه والتربة، بالإضافة الى تلوث بحارنا، التي صنفت فيها الكثير من المناطق التي اعتبرت "مناطق ميتة" خالية من الأوكسيجين الضروري لدعم الحياة البحرية، إذ يتم إطلاق أكثر من 80% من مياه الصرف الصحي في العالم في البيئة دون علاج، والتي تتسبب أيضاً بتسميم الحقول حيث ينمو طعامنا، والبحيرات والأنهار التي توفر مياه الشرب للبشرية.
كما تمت الإشارة الى الكلفة الاقتصادية الضخمة للتلوث وأثره على الصحة. فخسائر الرعاية الاجتماعية الناجمة عن التلوث تقدر بأكثر من 4.6 تريليونات دولار أميركي سنوياً، أي ما يعادل 6.2 في المئة من الناتج الاقتصادي العالمي.

المناجم وشركات التعدين

عن غينيا الجديدة، عرضت إحدى الناشطات ما عانته النساء من حرب استمرت 20 عاماً، كان لها أثر فظيع على المرأة، إذ اعترف 62٪ من الرجال أنفسهم باغتصاب النساء. وعلى الرغم من انتهاء الحرب، "لا تزال شركة تعدين دولية تقوم بتشغيل أكبر منجم في العالم (بانغونا) الذي دمر ولوث أرضنا وغاباتنا وأنهارنا ومصادرنا الغذائية، في وقت تذهب فيه عائداته وأرباحه بعيداً عنا"، كما تقول تلك الناشطة بحزن شديد.
وقالت بريسيلا أشاكبا، المجموعة النسائية الرئيسية، "تم اغتيال 200 من المدافعات عن حقوق الإنسان والنساء والمدافعات عن حقوق الإنسان العام الماضي، وقتل معظمهن في النزاعات على الأراضي والغابات. وإن هذه الصراعات تتفاقم كثيراً بسبب التلوث". وفي دلتا النيجر، لا تزال المجتمعات تقاوم الانسكابات النفطية من شركة "شل" التي دمرت أراضيها.




الربط بين الأحداث المناخية

التقرير الأحدث للأمم المتحدة يربط بين الأحداث المناخية التي حصلت هذا العام على مدى الأشهر الـ 12 الماضية، ولا سيما بين الأعاصير في منطقة البحر الكاريبي والولايات المتحدة، والجفاف في القرن الأفريقي واليمن، والفيضانات في بنغلادش والهند وأوروبا... الخ. واعتبر أن القرارات التي نتخذها بشأن نظمنا الإيكولوجية، والطاقة، والموارد الطبيعية، والتوسع الحضري، والإنتاج، والاستهلاك، وإدارة النفايات... هي عناصر مؤثرة حتماً على زيادة وتضخم هذه الظواهر المناخية المتطرفة. وإن جميع العمليات العالمية المعقدة المرتبطة بالبيئة، مثل خطة التنمية المستدامة لعام 2030 واتفاقية باريس حول المناخ، لن تكون كافية لإنقاذ الكوكب، هذا إذا طبقت!





إعلان وزراء البيئة في العالم

في نهاية أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة للبيئة، في دورتها الثالثة، صدر عن وزراء البيئة حول العالم "إعلان وزاري" تحت عنوان "نحو كوكب خالٍ من التلوث"، أكد فيه وزراء البيئة في العالم ضرورة مواصلة الجهود لمكافحة التلوث. كما حدد الإعلان الوزاري مجالات العمل من خلال 13 قراراً. وهي المرة الأولى في جمعية الأمم المتحدة للبيئة، يصدر فيها وزراء البيئة إعلاناً يتعهدون فيه أن الدول ستحترم الجهود الرامية الى منع وتخفيف وإدارة تلوث الهواء والأرض والتربة والمياه العذبة والمحيطات، الأمر الذى يضر بصحتنا ومجتمعاتنا ونظمنا الإيكولوجية والاقتصاد، ملتزمين بزيادة البحث والتطوير، واستهداف التلوث، وتحريك المجتمعات نحو أنماط حياة مستدامة تقوم على اقتصاد دائري، وتشجيع الحوافز المالية لتحريك الأسواق، وتشجيع التغيير الإيجابي، وتعزيز وإنفاذ قوانين التلوث.
كما أصدرت الجمعية 13 قراراً "غير ملزمة" وثلاثة مقررات. ومن بينها: التحركات الرامية إلى معالجة النفايات البحرية واللدائن الدقيقة، ومنع تلوث الهواء والحد منه، ومكافحة التسمم بالرصاص في الطلاء والبطاريات، وحماية النظم الإيكولوجية القائمة على المياه من التلوث، والتعامل مع تلوث التربة، وإدارة التلوث في المناطق التي ضربها الصراع والإرهاب.




زئبق الذهب يقتل

في كينيا، البلد المستضيف لمقر الأمم المتحدة وللمؤتمر، يتعرض حوالى 5000 شخص لتلوث الزئبق في مواقع تعدين الذهب الحرفية الصغيرة النطاق. "يحظر الزئبق بموجب اتفاقية ميناماتا، التي تم التفاوض بشأنها هنا في برنامج الأمم المتحدة للبيئة"، كما يقول غريفينز أوشينغ من مركز العدالة البيئية والتنمية (سيجاد)، وهي منظمة غير حكومية مقرها كينيا. ويضيف "في المجتمع الفقير الذي أعمل معه ليس لديهم خيار كبير. إن تعدين الذهب وخلطه بالزئبق هو المعرفة الوحيدة التي يمتلكونها والمصدر الرئيسي للدخل. ولا تتوفر للمجتمعات المحلية إمكانية الوصول إلى المعلومات المتعلقة بأخطار استخدام الزئبق. ونحن لا نعرف إذا كانت حكومتنا يمكنها المساعدة أو الأمم المتحدة لوقف تجارة الزئبق".