لم تتولد الاحتجاجات التي شهدتها إيران خلال الأيام الخمسة الماضية من فراغ، بل ثمة تراكمات خلقت حالة من السخط في أوساط شرائح شعبية، باتت تُعدّ الأكثر تضرراً من «الانتشاء» بربح سريع مفترض سيأتي به الاتفاق النووي الذي وُقّع عام 2015. هذه الحالة فاقمها العجز عن إيجاد حلول لمشكلات اقتصادية ومعيشية متفاقمة في مقدمها البطالة، وبلغ بها ذروتها رفع أسعار المشتقات النفطية.
كل تلك الوقائع تبدو واضحة في خلفية المشهد الذي ارتسم في «الجمهورية الإسلامية» في الأيام الأخيرة، والذي غطّت عناصره السالبة على معطيات اقتصادية إيجابية عملت حكومة الرئيس حسن روحاني على تثبيتها. لكن الاستهانة، على ما يبدو، بـ«الامتعاض الشعبي»، الذي كان قد تجلى غير مرة في الأشهر الماضية في شمال شرق البلاد، أوصل الأمور إلى لحظة الانفجار... تلك اللحظة التي وجدت فيها الولايات المتحدة الفرصة الأنسب للانقضاض على إيران بعد أشهر من التهديد والوعيد، وكذلك السعودية التي كان هدّد ولي عهدها، محمد بن سلمان، بـ«نقل المعركة إلى الداخل الإيراني». سريعاً، انجرّت التظاهرات إلى ذلك «الفخ»، وتحولت إلى أعمال عنف ضد المؤسسات الحكومية والممتلكات العامة، وهو ما فرض حالة استنفار على المستوى الرسمي، واستدعى قراراً بأن لا تهاون مع «مثيري الشغب». قرارٌ يبدو، إلى الآن، أنه سيتمكن من احتواء الموجة الاحتجاجية الجديدة، لكن يبقى السؤال: كيف ستتمكن إيران من معالجة جذور تلك التحركات، بعيداً من أيادي من تسميهم «أعداء الأمة الإيرانية»؟