غزة | يشهد قطاع غزة حالة انهيار مالي ومعيشي متسارع، وفق وصف مؤسسات دولية وخبراء اقتصاديين، نتيجة استمرار الحصار الإسرائيلي وعقوبات السلطة الفلسطينية، وكذلك الإغلاق المصري، رغم إعلان اتفاق للمصالحة الفلسطينية واستمرار التهدئة مع العدو. وبينما ارتفعت نسب البطالة والفقر بصورة غير مسبوقة، تحمل نهاية الشهر الجاري، أو الشهر المقبل، أرقاماً غير متوقعة أيضاً في حال تأكُّد عجز «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) عن دفع مستحقات موظفيها أو تقديم المساعدات الغذائية والطبية.
بجانب انهيار القطاع الحكومي، على صعيد موظفي حكومة «حماس» السابقة الذين لا يتقاضون إلا أقل من أنصاف رواتب، أو موظفي السلطة الذين يتقاضون ثلثي راتب، ثمة آلاف الموظفين في المؤسسات الدولية والعربية التي تتلقى دعماً من الخارج، وكذلك القطاع الخاص، وأيضاً المتفرغون للعمل في التنظيمات والفصائل، يعانون سيناريو شبيهاً. أيضاً، حذرت الغرفة التجارية والجمعيات التجمعية في غزة من انهيار العملية الاقتصادية بسبب «انعدام السيولة النقدية وحركة دوران المال من القطاع وإليه».

حذرت «حماس»
عبر وسطاء دوليين وعرب من «انفجار الوضع» قريباً

يورد مدير العلاقات العامة في «الغرفة التجارية لغزة»، ماهر الطباع، أرقاماً «غير مسبوقة»، منها أن أكثر من ربع مليون عامل غزي متعطلون عن العمل، إضافة إلى انخفاض نسبة الأمن الغذائي إلى أقل من 50%. أما القدرة الشرائية لدى المواطنين، فلا تتعدى مستويات تقدر بـ20%، ما يعني أن اهتمام الناس ينصب على توفير طعامهم اليومي وإلغاء جميع الاحتياجات الأخرى. وشهدت الواردات عبر معبر «كرم أبو سالم»، مع فلسطين المحتلة، انخفاضاً بنسبة تتجاوز 40%.
وبعد التحذيرات الدولية، جاءت تحذيرات محلية على شقين: الأول يتعلق بالمؤسسات الحقوقية والمدنية وأيضاً القطاع الخاص، وهي تدخل في إطار المناشدات المعتادة، لكن التحذيرات الثانية والأكثر شدة كانت على لسان أجهزة الأمن في الأطراف المعنية إلى رؤسائها السياسيين. وتكشف مصادر في «حماس» أن الحركة أبلغت المصريين والسلطة والزوار الدوليين بأنه «لا بد من إيجاد حلول سريعة لأن الوضع على حافة الانفجار»، وأن «حماس لا تضمن تداعيات ما يمكن أن يحدث، خاصة إذا كان لدى أي طرف رهان على إخراج الناس في وجه الحركة».
من جانب آخر، تتجاهل الجهات المانحة، وكذلك السلطة، مناشدات أصحاب المنشآت والمصانع، الأمر الذي انعكس عليهم سلباً وعلى سوق التوظيف، فباتوا يعيشون أوضاعاً صعبة بجانب أن كثيرين منهم ملاحقون قضائياً بسبب تراكم الديون عليهم للتجار الكبار أو البنوك، وفق ما أفاد به حمزة المصري، وهو منسق «الهيئة التنسيقية لأصحاب المنشآت الصناعية التجارية المتضررة من العدوان الإسرائيلي». وحتى إعمار البيوت لا يزال بطيئاً، إذ ما تسمح إسرائيل بدخوله من الإسمنت ومواد البناء، وفق الآلية الدولية GRM، هو أقل من مليوني طن، ما يمثل أدنى من 30% من الاحتياجات.
وبلغت قيمة الأضرار التي لحقت بالمنشآت الصناعية أكثر من 203 ملايين دولار، ولم يعوض إلّا على أصحاب المنشآت ذات الأضرار التي تقل عن 7 آلاف دولار. أما الخسائر «غير المباشرة» التي لحقت بالمنشآت الصناعية والتجارية، فبلغت نحو 89 مليوناً. من جهة ثانية، تتبع سلطات الاحتلال سياسة خنق شديدة وجديدة على تنقل التجار الفلسطينيين بين القطاع والضفة المحتلة، إذ بلغ عدد التجار ورجال الأعمال الممنوعين من التنقل أكثر من ثلاثة آلاف، فضلاً عن اعتقال عدد منهم بتهمة التعاون مع المقاومة.
وبذلك كله، تكتمل حلقات الحصار والانهيار في ظل معدلات بطالة هي الأعلى عالمياً، رغم أن سكان القطاع هم الأعلى عالمياً في نسبة التعليم، ما يعني انسداد الأفق أمام مئات الآلاف من الشباب، وما يعنيه ذلك اجتماعياً ونفسياً. لكن المشهد الأكثر سوداوية هو أن تطاول أزمة شبيهة عشرات آلاف الموظفين من «الأونروا»، وهو ما يعني عملياً ضرب «الخندق الأخير» لما يسمى الأمان الوظيفي في عقلية الغزيين وواقعهم.




السلطة تريد «ضريبة القيمة المضافة»!

نقلت مصادر إعلامية فلسطينية أن السلطة أصدرت مرسوماً بإعادة «فرض ضريبة القيمة المضافة على المواطنين في المحافظات الجنوبية»، ما يلغي القرار الرئاسيّ رقم 18 الصادر عام 2007، الذي ينص على إعفاء غزة منها.
ووفق مسؤول في وزارة المالية التابعة للسلطة، سيُعمل بالمرسوم بدءاً من الشهر الجاري. وإذا حدث ذلك، فإن إعادة الضرائب بعد غيابها لعشر سنوات ستعمّق الأزمة في غزة، خاصة أن هذه الضريبة، التي تُفرض على سلع أساسية وكمالية وكذلك الاتصالات، سيدفعها المواطن لا الشركات.
وتهدف السلطة من هذه الضريبة، التي كانت عام 1994 بنسبة 1% والآن أصبحت 16%، إلى زيادة ما تجبيه من غزة، خاصة أن «القيمة المضافة» تضخ في خزينة السلطة الآن 845 مليون دولار سنوياً.
(الأخبار)