يعتقد الخبراء أن قضية تحديد الضرائب على النفايات هي الأصعب لا سيما أن معظم الناس في البلدان العربية تتهرب من دفعها على أساس أن ذلك من مسؤوليات الدولة حصراً. غير أن هؤلاء ينسون أن طرق الإدارة السليمة التي تنظر إلى قسم من النفايات كموارد، يمكن أن تخلق فرص عمل كثيرة متنوعة تشمل الكثيرين وتحسّن الأداء التشغيلي والمالي والبيئي وأنها من القطاعات الاقتصاديّة الواعدة.فكيف يحصل عمل الإدارة هذه في الدول المتقدمة والنامية؟

« التخفيف» في فنلندا

تفرض فنلندا ضريبة أو رسوماً بيئية على أنشطة معالجة النفايات تتراوح بين 9 $ للطن الواحد لنشاط حرق النفايات، إلى 95 $ للطن الواحد لنشاط الردم. وفي عام 2009، بلغت الإيرادات الناتجة عن هذه الضرائب 36 مليون دولار أميركي، حيث استخدمت هذه الأموال بعد ذلك في تحديث ووضع استراتيجيات استباقية لمنع إنتاج النفايات. وتركز إحدى الاستراتيجيات الرئيسة لفنلندا المتعلقة بمنع النفايات على جذور المشكلة؛ وهو التركيز على المنتجات منذ المرحلة الأولى لإنتاجها. في عام 2008، تم تقديم مبلغ 19.1 مليون دولار أميركي من أموال الإعانات إلى مراكز إعادة الاستخدام وإعادة التدوير. وفي عام 2009، أصبحت فنلندا تمتلك 110 متاجر للمنتجات المستعملة يعمل فيها 861.3 عامل، يقدمون خدمتهم لحوالى 6.3 مليون عميل الذين يدفعون المال مقابل الحصول على الخدمة.

في كندا يتم تحميل الشركات المنتجة للإلكترونيات مسؤولية استعادة المنتجات المستعملة



كما نظمت الحكومة «جوائز ذات تصاميم بيئية» للطالب والعاملين كأداة لتشجيع الابتكار في مجال تجنب إنتاج النفايات. وتراوحت الجوائز المخصصة لهذه المبادرة ما بين 500 إلى 5000 $.

هولندا ومسؤولية الشركات

في هولندا يتم تدوير 82 في المئة من النفايات. وقد انخفضت الكمية المرسلة إلى المطامر من 17 مليون طن عام 1985 الى أربعة ملايين طن عام 2004، وانخفضت الكمية المرسلة إلى المحارق من 20 مليون طن إلى عشرة ملايين. وقد تم تحميل الشركات المنتجة مسؤولية استعادة فضلات التعليب والتخلص من المنتجات المستعملة، فباتت هذه الكلفة ضمن سعر المنتجات الجديدة، أي إن المستهلك يدفع كلفة التخلص من السلعة القديمة حين يشتري الجديدة. وقد أدى هذا الى تخفيض النفايات الصناعية. ولأن النفايات المنزلية زادت مع النمو الاقتصادي والاجتماعي، تتوجه الخطة الحكومية حالياً الى خفض كمية النفايات المنزلية، ورفع نسبة التدوير الى 90 في المئة.

سويسرا تعاقب المخالفين

تطبق البلديات السويسرية سلسلة من القواعد التي قد تبدو صارمة ومشددة للبعض، إلا أن المواطنين يلتزمون بها ويطبقونها حتى أصبحت ضمن عاداتهم المعتادة. فإن كنت تعيش في سويسرا، فإنك إن أردت أن تترك للبلدية عملية تجميع النفايات من أمام بيتك فإنك تدفع رسوماً لذلك. أما إن قمت بالتخلص من نفاياتك بتوصيلها بنفسك لصناديق إعادة التدوير، فهذا شيء مجاني. توجد حاويات خاصة وأكياس خاصة بلون معين لكل نوع من أنواع النفايات، وتتم مخالفتك إن لم تلتزم بها، ويُمنع تماماً إلقاء البطاريات ضمن نفايات أخرى. وعادة يوجد صندوق لتجميعها في محلات السوبرماركت، وفي الشوارع توجد حاويات للزجاج وأخرى للألومنيوم وأخرى للمخلفات النباتية، بالإضافة إلى البلاستيك والصحف والمجلات. وقد يحدث أن تتوزع هذه الحاويات في عدة أماكن متباعدة حول منزلك، مما قد يتطلب منك أن تخطط لمسارك اليوم بناء على ضرورة مرورك بصندوق من هذه الصناديق.
الجدير بالذكر أن سويسرا حظرت منذ عام 2000 التخلص من النفايات عبر وسيلة الطمر والدفن في باطن الأرض، علماً بأن طبيعة التربة الجبلية التي تغطي ثلثي مساحة البلاد تجعل من الصعب الاستمرار في إنشاء مطامر لطمر النفايات. ونذكر أيضاً أن النفايات التي لا يمكن إعادة تدويرها أو تحويلها إلى أسمدة يتم التخلص منها عبر عملية الحرق التي تتم في منشآت خاصة.

ألمانيا تضبط المصنّع أولاً

تم إصدار قانون ألماني يحظر تماماً طمر النفايات في باطن الأرض منذ عام 2005. كما تم فرض رسوم في حال الاعتماد على البلدية في تجميع نفايات، تزداد كلما ازدادت سعة الأكياس المستخدمة، فيما لا يتكلف المواطن شيئاً إذا قام بالتخلص منها بنفسه عبر الحاويات المخصصة لإعادة التدوير.
تعتمد ألمانيا على عدة قواعد في سبيل فرض نظام إعادة التدوير على كل من المستهلك والمُنتج؛ حيث يدفع المنتجون رسوماً إضافية كلما كانت عبوات منتجاتهم أصعب في إعادة التدوير، وكلما كان وزنها أثقل (أي تحتوي على مواد أولية أكثر)، وهكذا يضطر المصنّعون للاقتصاد بقدر الإمكان في المواد الأولية التي يستخدمونها في تصنيع عبوات وأغلفة المنتجات. وتكون عملية التخطيط لإعادة التدوير قد بدأت من المنبع الأساسي، أي المصانع.

بلجيكا وإعادة تدوير السيارات

تباع أكياس النفايات في بلجيكا بألوان مختلفة تميز أربعة أنواع من النفايات: الأصفر للورق والكرتون، الأزرق للبلاستيك والمعادن، الأخضر لمخلفات الحدائق والكيس الأبيض لباقي المخلفات. وتخصص البلدية أياماً معينة في الأسبوع لإخراج نوع معين من للقمامة. فمثلاً لو كان اليوم المخصص لإخراج كيس الورق وقمت بدلاً منه بإخراج كيس البلاستيك فلن يتم أخذه من أمام بيتك عند مرور عربة التجميع.
أما ما يتميز فيه البلد هو استحداثه لتكنولوجيا متطورة في إعادة تدوير السيارات القديمة تصل إلى 91% منها! حيث تمر السيارة بمراحل للتفكيك والتقطيع والطحن، ثم تعالج بطريقة ميكانيكية معينة تعمل على فصل المواد الأولية المختلفة الناتج عن عملية الطحن عن بعضها البعض، وتستخدم مرة أخرى في تصنيع منتجات جديدة.

الدنمارك والمحارق

تتجه الدولة في الدنمارك إلى الاستغناء تماماً عن الوقود الحفري (البترول ومشتقاته) بحلول عام 2050، وفي سبيل الوصول إلى هذا الهدف تتجه نحو تقليل الاعتماد على أسلوب الحرق للتخلص من النفايات وزيادة ما يتم إعادة تدويره من تلك النفايات. فإلى وقت قريب، كانت الدنمارك تعتبر من أوائل الدول اعتماداً على المحارق بنسبة تصل إلى 80% من النفايات غير المفصولة بحسب النوع؛ حيث كان يعتبر خيار فصل النفايات في المنازل أمراً اختباريّاً أو اختياريّاً، يرجع لتفضيل كل مواطن، إلا أنه تم البدء في تطبيق قانون يجبر المواطنين على فصل نفاياتهم في عام 2013 .

في ألمانيا يدفع المنتجون رسوماً إضافية كلما كانت عبوات منتجاتهم أصعب في إعادة التدوير


البرازيل وتدوير الألومنيوم

تنتج البرازيل سنوياً نحو 63 مليون طن، لكن نسبة إعادة التدوير لا تزيد عن 2%. إلا أن ما يميزها هو عمل آلاف من المواطنين في جمع النفايات. فبعد جمع النفايات وإعادة تدوير ما يمكن، يتم طمر ما نسبته 60% من النفايات، عبر رمي 50% منها في المكبّات المفتوحة، و20% في مطامر تحت السيطرة، وقرابة 30% في مطامر صحّية.
تشكّل النفايات العضوية الناتجة عن استهلاك المواد الغذائية نحو 50%، ناهيك بأن المواد القابلة لإعادة التدوير لا تزيد عن 30 أو 40%. وبالرغم من ذلك، فقد ورد في دراسة «نحو اقتصادٍ أخضر» أنّ البرازيل تعيد تدوير نحو 95% من المواد المصنوعة من الألومنيوم، و55% من زجاجات البولي إيثيلين الذي يُستخدم في صناعة المنتَجات وتغليفها مثل الأواني وعلب المنتجات الغذائية، ونصف كميات الورق والزجاج.

المطامر في الولايات المتحدة

تشير التقديرات إلى أن إنتاج النفايات المنزلية في الولايات المتحدة الاميركية يصل إلى ما يقارب 254 مليون طن سنوياً، وتصل قيمة النفايات نحو 50 مليار دولار، وتتم إعادة تدوير نحو 34 إلى 40% منها.
ووفقاً لوكالة حماية البيئة الأميركية (EPA)، يوجد نحو 2300 موقع لطمر النفايات، يُجمع الغاز في 520 منها ويُستخدم لإنتاج طاقة كهربائية تكفي لإنارة نحو 700 ألف منزلٍ، وتسدّ ما نسبته 1% من الطلب على الغاز الطبيعي محلّياً.
ومن أشهر المطامر المستغَلّة في الولايات المتّحدة «مطمر بوينتي هيلز» في مقاطعة لوس أنجلس، الذي يُعدّ الثاني من حيث الحجم. هذا المطمر يولّد 50 ميغاواط من الكهرباء، أي ما يكفي حاجة 50 ألف منزل. كما يتمّ ضغط الغاز فيه لاستعماله كوقود للآليات. بالإضافة إلى ذلك، تقوم دائرة إدارة النفايات في ولاية هيوستن بتشغيل خمسة من أكبر المطامر في الولايات المتّحدة، لتولّد منها 500 ميغاواط من الكهرباء، وفي «مطمر التامونت» التابع لإدارة النفايات في هيوستن، تمتدّ أنانيب لجمع نحو 93% من الغاز المنتَج من نفاياتها.
وفي كندا تم تحميل الشركات المنتجة للالكترونيات مسؤولية استعادة المنتج والتخلص من المنتجات المستعملة، فباتت هذه الكلفة ضمن سعر المنتجات الجديدة، أي إن المستهلك يدفع كلفة التخلص من السلعة القديمة حين يشتري الجديدة.

الإمارات تعتمد على الضرائب

في أبوظبي، تم تحديد ضريبة على النفايات للمنشأة بمبلغ 225 درهماً عن الطن الواحد من النفايات سنوياً وبحد أقصى 50000 درهم، حتى تقوم المنشأة بخفض إنتاجها من النفايات وإعادة الاستخدام وإعادة تدوير المواد، والتعامل مع مزودين معتمدين للخدمات البيئية لضمان التعامل السليم مع النفايات.
الحد الأقصى لقيمة التعرفة (الضريبة) لأي منشأة للسنة الأولى هي 50 ألف درهم فقط، وبلغ عدد الشركات التي وصلت قيمة التعرفة عليها الحد الأقصى نحو 1.25٪ من إجمالي الشركات المسجلة في النظام.
يقوم المركز بتسجيل المنشآت، والعمل على التوعية بالمسؤولية المجتمعية التي تقع على المنشأة تجاه البيئة، وكذلك أفضل السبل للتعامل مع النفايات من مصدرها وخفض إنتاجها، والتعامل معها مصدراً للعائد الاقتصادي.


أما حول النفايات الطبية، فإن تكلفة التعامل السليم مع الطن الواحد من النفايات تبلغ أضعاف المبلغ المعتمد كتعرفة نفايات منزلية، إذ تبلغ قيمة التعامل مع الطن الواحد من النفايات الطبية بشكل سليم، على سبيل المثال، أكثر من 6000 درهم، إضافة إلى الأضرار الكبيرة التي تنتج عن النفايات بشكل عام، وسوء التعامل معها بشكل خاص.

البحرين ومعايير الرسوم

البحرين تعتمد على الرسوم البلدية المفروضة، لا سيما على الفروع الرئيسية للبنوك وفنادق 5 نجوم، والتي تقدر بنحو 1500 دينار شهريّاً، فيما تدفع البنوك 200 دينار شهريّاً رسوماً عن فروعها الأخرى، وتتفاوت رسوم الفنادق ذات الفئات الأربع الأقل من 5 نجوم، بحيث تدفع فنادق 4 نجوم رسوماً شهرية بمقدار 1200 دينار، و3 نجوم تدفع 900 دينار، و600 دينار رسوم فنادق نجمتين، وفنادق نجمة واحدة تدفع 300 دينار.
كما اعتمدت معايير لوضع الرسوم البلدية ومعايير تعديلها بالنسبة إلى العقارات السكنية والتجارية والاستثمارية والمحلات التجارية والخدمية. كما أن الوزارات تدفع رسوماً بلدية ثابتة قدرها 3 دنانير، على أبنيتها، فيما تتفاوت رسوم بيوت المواطنين (المستأجرين)، إذ تبدأ من دينارين وتصل إلى 14 ديناراً، بحسب مساحة البيت. وتتفاوت الرسوم البلدية للسكن التابع إلى المالك، إذ تبدأ من 5 دنانير وتصل إلى 50 ديناراً بحسب مساحة البيت. أما الرسوم البلدية على الشقق والبيوت والفلل المستأجرة، تقدر بما نسبته 10 في المئة من القيمة التأجيرية، بحيث لا تقل عن الرسوم المقررة في جدول رسوم بيوت المالكين.

الأردن ترفع كلفة الخدمة

رفعت الحكومة الاردنية مؤخراً الأسعار مقابل جمع النفايات ونقلها والتخلص منها لتصبح 36 ديناراً عن بلديات الفئة الأولى، و24 ديناراً عن بلديات الفئة الثانية، و20 ديناراً عن بلديات الفئة الثالثة، علماً بأن الرسوم كانت كالتالي: 24 ديناراً بلديات الفئة الأولى، الفئة الثانية 15 ديناراً، بلديات الفئة الثالثة والرابعة ثمانية دنانير.

...ومصر والسودان أيضاً

نظراً لما تتكلَّفه أعمال النظافة العامة من مال، فقد صدر القانون رقم 10 العام 2005 في مصر لتعديل بعض أحكام قانون رقم 38 لسنة 67، والذي نصَّ في مادته الثامنة على أن: يلتزم شاغلو العقارات المبنية والأراضي الفضاء المستغلة في المحافظات بأداء رسم شهري بالفئات التالية: من جنيه إلى 10 جنيهات للوحدة السكنية في عواصم المحافظات والمدن التي صدَر بشأنها قرار جُمهوريٌّ باعتبارها ذات طبيعة خاصة. ومن جنيه إلى 4 جنيهات بالنسبة للوحدة السكنية في المدن غير عواصم المحافظات. ومن عشرة جنيهات إلى ثلاثين جنيهاً بالنسبة للمحلات التجارية والصناعية والأراضي الفضاء المستغلَّة والوحدات المستخدمة مقارَّ لأنشطة المِهَن والأعمال الحرة.
أما في السودان، فقد طبّقت حكومة ولاية الخرطوم، زيادة في رسوم النفايات للمحال التجارية اعتباراً من يناير 2017 بلغت 98 جنيهاً بدلاً عن 75 جنيهاً ، بزيادة 23 جنيهاً، فيما زادت النفايات على مستوى الأحياء السكنية من (20) جنيهاً إلى (30) جنيهاً.




نماذج من حجم التدوير

بحسب إحصائيات صدرت عام 2013 عن وكالة البيئة الأوروبية (EEA)، جاء ترتيب الدول العشر الأولى من حيث نسب إعادة التدوير النفايات كالتالي: النمسا 63%، ألمانيا 62%، بلجيكا 58% ، هولندا وسويسرا 51%، الولايات المتحدة والسويد 49%، لوكسمبورج 46%، النرويج 42%، وأخيراً الدنمارك40 %. وترد المصادر المتابعة هذه النسب العالية، الى وجود آليات لمعالجة النفايات التي تنتج من تشحيل وسطيات الطرق والحدائق العامة وأسواق الخضار والفواكه المفيدة كلها للكمبوستاج (إنتاج الأتربة الخصبة) أكثر من نجاح التجارب على الفرز من المصدر.






سياسات الاتحاد الأوروبي

يضع الاتحاد الأوروبي استراتيجية وسياسات تهدف للوصول إلى إعادة تدوير 50% من النفايات بحلول عام 2020 بالمقارنة مع 35 % عام 2010 و23 % عام 2001. وقد نجحت عدة دول في الوصول إلى هذا الهدف باكراً، إنما ليس على كل أنواع النفايات والمنتجات. فنسبة إعادة التدوير في السويد تصل إلى 50% من النفايات بحلول عام 2020. وهي تطبق السياسات الموصى بها من الاتحاد الأوروبي بشأن إعادة تدوير النفايات. ولكن في الوقت نفسه استثمروا كثيراً في المحارق حتى وصل بهم الأمر إلى استخدام النسبة الأكبر من نفاياتهم في إنتاج الكهرباء والتدفئة، للدرجة التي جعلتهم بحاجة لاستيراد المزيد من النفايات من جارتهم النرويج! في بلجيكا وصلت نسبة تدوير السيارات القديمة إلى 91%.