هل اتفقت القوى السياسية فعلاً على مشروع تقسيط الدرجات الست للمعلمين المستحقة لهم بموجب قانون سلسلة الرتب والرواتب، على ثلاث سنوات بمعدل درجتين سنوياً، من دون مفعول رجعي؟ وهل أحيل مشروع القانون خلسة ضمن مشروع الموازنة العامة لعام 2018؟ وهل جرى ذلك بالاتفاق مع اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة؟ وهل ترحيل لجنة المال والموازنة إلى المجلس النيابي للصيغة التي طرحها وزير التربية مروان حمادة والمتضمنة التقسيط ابتداءً من 1/10/2018 مع مفعول رجعي يدفع في عام 2021 ــــ 2022 كانت خطوة مقصودة كي يتسنى للنواب طرح صيغة أخرى في الجلسة التشريعية؟هذه الأسئلة تداولها المعلمون عشية انعقاد الهيئة العامة للمجلس النيابي التي ستناقش مشروع الموازنة اليوم وغداً. وبالتواصل مع وزير التربية، علمت النقابة أنّ صيغة التقسيط من 1/10/2018 من دون المفعول الرجعي مطروحة فعلاً، ما جعلها ترفع سقف المواجهة فتهدد بانهاء العام الدراسي والنزول إلى الشارع إذا تقرر «المضي قدماً في إقرار المشروع تحت أي مسمى أو صيغة ضمن موازنة عام 2018 إرضاء لاتحاد المؤسسات التربوية الخاصة، والتي رفضت وترفض دائما تطبيق القوانين».
رئيس النقابة رودولف عبود ذهب أبعد من ذلك، فطالب في اتصال مع «الأخبار» المعلمين بعدم التصويت في الانتخابات النيابية للمرشحين الذين سيوافقون على المشروع «الذي يضرب وحدة التشريع بين القطاعين التعليميين الرسمي والخاص ويحرم معلمي المدارس الخاصة من بعض حقوقهم المشروعة التي أقرها قانون السلسلة».
النقابة حذرت من عدم تطبيق القانون 46/2017 النافذ بكل مندرجاته، والموقع من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري والوزراء المعنيين، والمقر في مجلس النواب بإجماع النواب والمنشور في الجريدة الرسمية. ونبهت اتحاد المؤسسات التربوية من «الاستمرار في عدم تطبيق القوانين والتلطي خلف المرجعيات وغيرها لتحقيق مكاسب مالية جديدة وضرب عرض الحائط بالقوانين التي تحكم العلاقة بين البشر بهدف اعادتنا إلى شريعة الغاب التي يأكل فيها الفاجر حق التاجر».
اتحاد المؤسسات سيدرس المشروع المقترح ليأخذ موقفاً منه


لكن هل حظي المشروع المطروح بموافقة اتحاد المؤسسات فعلا؟ ينفي عضو الاتحاد ممثل مدارس المصطفى محمد سماحة أن يكون الاتحاد تداول بصيغة التقسيط من دون مفعول رجعي، «وإذا كانت صيغة مطروحة بصورة جدية، فإن الاتحاد سيجتمع بالتأكيد ويحدد موقفه منها». غير أن الاتحاد متمسك بما سماه سماحة ثوابت لقاء بكركي لجهة «أن الحل الوحيد يكمن في تحمل الدولة مسؤولياتها، أقله بتغطية الدرجات الست التي فرضها المشترع، إذ إن ما يساق من طروحات وأفكار ومشاريع حل، أكان باعتماد الجدولة أو التقسيط للدرجات الاستثنائيّة على سنوات عدة، لن يشكل حلاً ممكنا للأزمة، بل سيكون من قبيل التأجيل والهروب إلى الأمام، ولن يكون من شأنه سوى تأجيل الأزمة لا أكثر، مع ما للتأجيل من مفاعيل تراكمية تزيد من حدتها، إضافة إلى استحقاق الدرجات الآنية بشكل تلقائي كل سنتين». وجزم بأن التقسيط سيزيد الأقساط حتماً في السنوات الثلاث، وهو ما لن يقدر عليه الأهالي.
مصادر في المدارس الكاثوليكية قالت إن عدم تدخل الدولة لتمويل الدرجات الست «سيبقي القضية كساعة الشطرنج، فإذا مالت صوب المعلمين تحرك الأهل والمؤسسات وإذا مالت صوب المؤسسات تحرك المعلمون». وأكدت أن أي مشروع حل يوضع على النار سيؤدي حتماً بالاتحاد إلى تقييمه وهذا ما سيحصل في الساعات المقبلة.
وكان الاتحاد قد هوّل، خلال لقاء بكركي، من إحالة الآلاف من المعلمين والإداريين والموظفين على البطالة وتشتيت التلامذة وإفراغ الأرياف والمناطق الجبلية والأطراف وصولا إلى بيروت، إذا ما انكفأت الدولة عن تحمل مسؤولياتها، مهدداً بإقفال بعض المؤسسات التربوية، وخصوصاً المدارس المجانية، وعدم استطاعة بعض إدارات المدارس دفع الرواتب والأجور خلال الأشهرالمقبلة بسبب امتناع الأهالي عن دفع متوجباتهم من الأقساط.
هذا الكلام استفز النقابة التي أوضحت أنها بادرت سابقا إلى ملاقاة الاتحاد عند منتصف الطريق بهدف إيجاد الحلول، مع التأكيد المسبق أن ما «تتذرع به هذه المؤسسات لا وجود له، إذ خلال 5 سنوات سابقة أفلست جيوب الأهل وأرهقتهم بالزيادات العشوائية وبملايين الليرات بحجة دفع متوجبات السلسلة عند اقرارها»، مشيرة إلى أنه سبق لها أن «طالبت وزارة التربية بالكشف عن موازنات المدارس للسنوات الخمس السابقة، وما زالت تنتظر الجواب». وحمّلت كلاً من رئيس مجلس إدارة صندوق التعويضات فادي يرق والأمين العام للمدارس الكاثوليكية بطرس عازار مسؤولية الامتناع عن دفع تعويضات وتقاعد المعلمين منذ 6 أشهر، مؤكدة دعوتها «النواب إلى عدم تعديل قانون السلسلة، بل مطالبة المدارس بتطبيقه».