لم يعد «الصلع الرجالي» مغرياً، والبحث جارٍ عما «يستر» هذا العري. كثيرون وجدوا الحل في «الزراعة». نتحدث، هنا، عن زراعة «الشعرة شعرة». وبسبب رواج «صيت» الأتراك في هذه التقنية، كما في المسلسلات المدبلجة، تخلّى كثير من اللبنانيين عن «الزراعة الوطنية»، ضاربين «عصفورين بحجر واحد»: شعر كثيف وسياحة خمس نجوم.

تقنية الزراعة

تتعدد تقنيات زراعة الشعر، لكنها كلها تقوم على «اقتطاف» البصيلات من المنطقة المانحة التي تتسم بكثافة الشعر، وغالبا ما تكون أسفل الرأس من الخلف وعلى الجانبين. وبالتوازي مع هذه العملية يقوم الإختصاصي بفتح قنوات في مناطق الصلع، ومن ثمّ إعادة زرع البصيلات المقتطفة في هذه القنوات.

العروضات التركية باتت تجذب كثيرين، فقراء وأغنياء، وصارت بديلاً عن «العلاجات» الطويلة من الحبوب المقوّية للخلايا وزيت الخروع والكريمات والبودرة السوداء. ولكن، لماذا تركيا مع وجود «زراعة وطنية»؟ يردّ اختصاصي زراعة الشعر، ناصر ناصر، ذلك إلى سببين «أولهما أن كل فرنجي برنجي»، والثاني «قلّة الثقة بالمراكز الموجودة في لبنان، وهي في غالبيتها غير مرخّصة». وهذه، بحسب ناصر، «دكاكين» تعمل «على عين وزارة الصحة العامة»، و«تأخذ المال من الزبائن لقاء عمليات تجميلية فاشلة». ويؤكد أن «الوزارة على علم بهذه المراكز وبالأسماء، وكذلك نقابة الأطباء، لكن لا تجاوب منذ زمن الوزير السابق وائل أبو فاعور حتى اليوم».
لكن الفساد في هذه «الزراعة» ليس «وطنياً». يؤكد مندوب التسويق في أحد مراكز معالجة الصلع أن «الكثير من المراكز التركية غير مرخصة أيضاً، والدولة التركية تعرف ذلك وتغض النظر لأن هذه المراكز تدرّ مبالغ طائلة على الخزينة وتساهم في تفعيل القطاع السياحي». هنا، ترتبط «الزراعة» ارتباطاً وثيقاً بالسياحة، خصوصاً «أننا غير قادرين على منافسة تركيا سياحياً»، وفق ناصر. ففيما تتراوح كلفة زراعة الشعر في لبنان بين 500 و4000 دولار، تصل في تركيا الى 1700 دولار حداً أقصى، ضمن «حزمة خدمات» تشمل «استقبال المريض على المطار وتوديعه والمواصلات إضافة إلى إقامة لثلاث ليال في فندق خمس نجوم». تسهيلات المراكز التركية لا يستوعبها لبنان «بلد الفوضى». يوضح ناصر: «تعجز المراكز اللبنانية عن توفير خدمة التوصيل باعتبارها أبسط ما يمكن القيام به بالنسبة للمريض الأجنبي». يتابع مستهزئاً: «نحن ملزمون باستخدام تاكسي المطار الذي تفوق كلفته عشرين دولاراً».
طفرة الإعلانات التركية المغرية دفعت ببعض المراكز اللبنانية إلى خفض أسعارها. أحدها نشر إعلاناً أخيراً جاء فيه: «لا داعي للسفر الى تركيا، ازرع شعرك في لبنان بـ1500 دولار». لكن، من دون نجاح كبير. ناجي، الموظف الثلاثيني، مصر على «الخيار التركي»: «لست مستعداً لدفع اللي فوقي وتحتي في لبنان. صحيح أنها 1500 دولار، لكن في تركيا يمكن أن تنخفض إلى 1200 دولار بفعل المضاربات بين المراكز».

في تركيا، كما في لبنان، مراكز غير مرخّصة


«علقت بطعم الاعلانات المغرية للمراكز التركية على صفحة الفيسبوك ولم أندم»، يقول أحمد الذي عاد منذ شهرين من اسطنبول راضياً عن النتيجة: «هناك أفضل من هنا»، يقول. ويعزو ذلك إلى «حسن المعاملة من قبل مندوبي المركز والمتابعة المستمرة بعد العملية». ليكون منصفاً، يقول أحمد: «هناك أيضاً تجرى عمليات غير ناجحة، لكن المريح هو التسهيلات المقدّمة، أما هنا في لبنان فلا تسهيلات». وهو ما ينعكس على عدد العمليات التجميلية التي تجرى في لبنان، والتي لا تتعدّى سنوياً، بحسب ناصر، «ألف عملية مقابل ألفي عملية في تركيا».