«على عينك يا تاجر»، تتوالى انتهاكات القوانين في عكّار، بقراً لبطون الجبال وبيعاً للمشاعات، بتغطية رسمية، وتحت أعين القوى الأمنية ــــ لا بل مباركتها ــــ خصوصاً أن الزمن زمن انتخابات، وتطبيق القوانين قد يقلّص الأصوات التفضيلية.في ما يتعلق بنقل الأتربة فإن العرض متواصل. ففي وضح النهار، تُحفر جبال بأكملها وينقل تجار الرمول ناتجها. وبعد تدخل المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، قبل أسابيع، لوقف أعمال الحفر في الحوشب والسويسة، أعادت الجرافات والآليات إدارة محركاتها في بلدة كروم عرب لسحب الأتربة من أرض تابعة للأوقاف الاسلامية بحجة توسيع المقبرة وتشييد قاعة لتقبل التعازي! هذه الذريعة انطلت قبل أشهر على محافظ عكار عماد لبكي الذي أعطى إذنا بالأمر، قبل أن يطلب قائد منطقة الشمال العقيد يوسف درويش اعتماد الروتين الإداري للحصول على رخصة حفر 200 إلى 300 متر مربع. تحت ستار رخصة كهذه، وبالتواطؤ مع أطراف أمنية، تم السماح بحفر جبل بأكمله في البلدة ونقل ناتجه من الرمول إلى شركات الترابة في شكا بمعدل 200 شاحنة يومياً.
نقل 2800 شاحنة من الرمول من بلدة كروم عرب برخصة تجيز نقل 400 شاحنة فقط


المعطيات المتوافرة لدى «الأخبار» تشير الى أن أعمال الحفر الجديدة تجري بإحالة صادرة عن وزارة الداخلية تجيز نقل حمولة 400 شاحنة من الرمول. إلا ان طبيعة الاحالة الواردة الى مخفر حلبا تثير الاستغراب، إذ أنها المرة الأولى التي يحدد فيها عدد الشاحنات بدل تحديد مهلة زمنية معينة للعمل. وتفيد المصادر أن أعمال الحفر استؤنفت منذ أسبوعين، من السابعة صباحا وحتى الرابعة فجر كل يوم، ويجري نقل ما معدله 200 شاحنة يوميا، أي بعملية حسابية بسيطة يتضح أنه تم نقل 2800 شاحنة حتى اليوم.
رئيس بلدية كروم عرب عبود سليمان قال إن أعمال الحفر تجري على العقار 160 التابع للأوقاف الاسلامية والمستأجر من قبل البلدية لمدة 20 عاما قابلة للتجديد، «وذلك وفق رخصة صادرة عن وزارة الزراعة تسمح لنا بإستصلاح الأرض، إضافة الى رخصة صادرة عن وزارة الداخلية والبلديات». وأضاف «أن الأعمال التي نقوم بها هي بهدف التشجير وإنشاء حديقة عامة، وملعب لكرة القدم، وخزان مياه». وعن كميات الرمول التي تم نقلها، أكد سليمان «أننا نقلنا 750 شاحنة، قبل أن يوقف العمل لحين تجديد الرخصة».
الواقع نفسه ينطبق على بلدة جنين في العبودية حيث يعمل متعهدون من منطقة الضنية تحت غطاء سياسي واضح، ومن دون أي رخصة أو مستند رسمي، على نقل كميات كبيرة من الأتربة.

بيع المشاعات
بيع المشاعات من قبل نافذين مستمرّ في أكثر من بلدة عكارية، رغم كل القرارات الصادرة عن وزارة المال في هذا الاطار، وإصدار وزير المال علي حسن خليل إحالات الى النيابة العامة المالية بحق عدد من رؤساء البلديات الذين أقدموا على بيع المشاع العام. علماً أن أيّاً من هؤلاء لم يُحاسب ولُفلفت الأمور لحسابات سياسية، في ظل غياب فاضح لوزارة الداخلية، المعنية الأولى في هذا الشأن.
أهالي بلدة القرقف، على سبيل المثال، يعترضون على إقدام رئيس بلديتهم يحيى الرفاعي على بيع مشاعات البلدة تحت حجج مختلفة منها انشاء مركز عام للبلدية، ومستوصف، ومكتبة عامة وغيرها من المشاريع التي لم تبصر النور. ويتحدث الأهالي عن «تجاوزات في بيع ارض المشاع لأشخاص من خارج البلدة، فيما أملاك الجمهورية اللبنانية حق لأبناء القرقف فقط ولا يمكن بيعها بطرق مشبوهة».
وتلفت مصادر تحدثت الى «الأخبار» الى ان البلدية «تدّعي ملكيتها للعقارين 307 و417، إضافة الى عقارات أخرى شُيد في غالبيتها عدد من المنازل، علما أنه لا يحق لها التصرف بالعقار إلا بعد الحصول على موافقة مجلس الوزراء». وناشد أهال تحدثت اليهم «الأخبار» وزارة المال التدخل «لوقف التزوير والاستمرار في التعديات».
كل ذلك، فيما تستنفر القوى الأمنية عن بكرة أبيها، بحجة شكوى من «مواطن صالح»، لمحاسبة «مواطن بلا ظهر» في عكّار العتيقة على تشييده منزلاً منذ عام 1990 في خراج أرض يملكها نتيجة التداخل العقاري. وتعمل القوى الأمنية فورا على تطبيق إحالة المدعي العام المالي علي إبراهيم لمحاسبته على منزل لا تتجاوز مساحته 100 متر مربع، وذلك على خلفيات سياسية، وبتغطية من سياسيين اعتادوا مخالفة القانون.