لم يكن سهلاً على الجاسوس الروسي المزدوج أن ينتقل إلى بلدة سالزبري البريطانية الهادئة. فالحياة الهادئة والبسيطة قد لا تناسب من ذاق طعم الحياة المليئة باﻟﻤﻐﺎﻣﺮات اﻟﻤﺤﻔﻮﻓﺔ ﺑﺎلمخاطر، قبل أن يقرر بيع بلاده بالقليل. مهمات كثيرة قام بها سيرغي سكريبال منذ انضمامه إلى القوات الجوية السوفياتية فى الستينيات حتى إلقاء القبض عليه عام 2004 بتهمة الخيانة العظمى، وتسريب معلومات عن العملاء الروس في بريطانيا مقابل المال. إلا أنّ تلك المهمات عادت إلى حياته عقب خروجه «إلى الحرية» بعد ست سنوات من السجن وانتقاله إلى بريطانيا. الشهر الماضي، بدا أنّ سيرغي استُخدِم لمهمة أخيرة «دنيئة».في الرابع من الشهر الماضي، عُثر على العميل المزدوج وضابط المخابرات الروسي المتقاعد سيرغي سكريبال (66 عاماً) يصارع من أجل البقاء على قيد الحياة، على مقعد في منطقة سالزبري، جنوبي إنكلترا، وإلى جانبه ابنته يوليا (33 عاماً).
«بلا لون ولا رائحة ولا طعم وأخطر من السارين»؛ «أقوى بعشرة أضعاف من غازات الأعصاب المستخدمة في الأسلحة مثل غاز vx»؛ «أخطر من الغاز الذي قتل شقيق زعيم كوريا الشمالية في ماليزيا»؛ «يتسبّب في موت بطيء ومؤلم». ما سبق، هو ملخص عن الأوصاف التي سرت إعلامياً عن الغاز الذي استُخدم لتسميم الجاسوس الروسي السابق. ويُعرف الغاز باسم «نوفيتشوك»، طوَّره علماء الاتحاد السوفياتي في بداية السبعينيات، وتقول لندن إن روسيا هي «الوحيدة» القادرة على تطويره، وبالتالي فإنّها، وفق رئيسة الوزراء تيريزا ماي، «المسؤولة عن هذا الهجوم الوقح والدنيء».
موسكو لم «تتنحَّ جانباً وتخرس» كما طلب وزير الدفاع البريطاني


أيام قليلة بعد ذلك، سوف يعلن رئيس المركز البريطاني لدراسة المواد السامة في «بورتون داون»، غاري ايتكينهيد، «عدم التمكن من تحديد مصدر غاز الأعصاب»، في تصريح لم يكبح جماح الحملة الدبلوماسية ضد روسيا، ولا حملة «الشيطنة» التي تقودها لندن ومن خلفها واشنطن على روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين، الذي شبّهه وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، بالزعيم النازي أدولف هتلر.
التشبيه «المقزّز»، وفق الكرملن، ليس بجديد، إذ سبق أن استخدمته وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون، في آذار عام 2014 (قبل أن تتراجع عنه)، وكرّره ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز، في أيّار من العام نفسه، الأمر الذي علّق عليه بوتين في حينه بأنّه «لا يليق بسلوك الملوك».
سيرغي وابنته لا يزالان حالياً على قيد الحياة، حتى إنّ الأخيرة خرجت من المستشفى وهي «بوضع صحي ممتاز». لكن لا أحد يعرف أين يوليا، فيما قرأ شرطي رسالة لها (كُتبت بلغة انكليزية أنيقة)، وجهتها إلى موسكو، تؤكد فيها أنّها لا تريد «أي مساعدة» من بلادها ولا تريد رؤية أهلها وأصدقائها.
أمّا روسيا، فلم «تتنحَّ جانباً وتخرس» كما طلب وزير الدفاع البريطاني غيفين ويليامسون، بل شنّت حملة إعلامية مضادة، تكشف زيف ادعاءات لندن، متّهمة الأخيرة بفبركة الوقائع واستغلال الحادث سياسياً. وبين الاستهزاء والجدية، يمكن اختصار الموقف الروسي من الاتهامات بأنّها مجرد «هراء»، كما وصفها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ولكنها في الوقت نفسه «تهدّد السلم والأمن الدوليين»، وفق ما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.

«هراء»
مساء يوم الأربعاء، في الخامس من الشهر الجاري: في وقت كانت فيه الصحف الغربية تنعى يوليا سكريبال بفعل مرور شهر على دخولها في غيبوبة، بثّت قناة «روسيا 1» تسجيلاً صوتياً لمكالمة هاتفية بين يوليا وقريبتها، فيكتوريا، تؤكد فيه ابنة الجاسوس السابق أنّها ستخرج من المستشفى. وبعد ساعات من تشكيك الإعلام البريطاني في صحة التسجيل، سارعت شرطة لندن إلى نشر بيان تؤكد فيه «المعجزة»: ضحية الغاز الأخطر في العالم استعادت وعيها «قبل أسبوع» وحالتها «تتحسّن يوماً بعد آخر»، علماً بأنّ السلطات البريطانية رفضت منح فيكتوريا تأشيرة دخول إلى الأراضي البريطانية للاطمئنان على ابنة عمّها.
«فقط الروس أتاحوا لنا سماع صوت يوليا سكريبال»، كتب السفير البريطاني السابق لدى أوزباكستان كريغ موراي، على مدوّنته. هذا الرجل الذي يتعرض لحملة شرسة بسبب تشكيكه في ادّعاءات لندن، اتهم سلطات بلاده بانتزاع التصريحات بـ«الإكراه»، ليس من يوليا فحسب، بل أيضاً من المسؤولين في المختبرات والمستشفى، وبتشويه الوقائع وتحريف الحقائق بهدف الترويج لرواية تكون موسكو المتهم الوحيد فيها.
صعب أن يخرج رجل بمكانة موراي الدبلوماسية على الإجماع الغربي. لكن على كل حال، فإنّ تلك الرواية التي «حاكت خيوطها الاستخبارات البريطانية»، وفق السفير الروسي في بريطانيا ألكسندر ياكوفينكو، بدأت حبكتها بالانفراط في الأيام القليلة الماضية، خاصةً عقب إعلان «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية» أنّه في حين أنّ المادة التي تسمّم بها العميل البريطاني السابق هي بالفعل «نوفيتشوك»، فإنّ مصدرها لم يمكن تحديده.
«لا يوجد أي دليل على أن روسيا قامت بتطوير وتخزين ما يُسمى نوفيتشوك، لا اليوم ولا في الماضي»، يقول إلى «الأخبار» الباحث في العلوم السياسية ودراسات التواصل السياسي البروفيسور في «جامعة شيفيلد» بيرس روبنسون، مشيراً إلى أنّ تكنولوجيا صناعة الغاز الذي يشبّهه البريطانيون بمادة «A234»، «متاحة للمتخصصين ويمكن إنتاجها بسهولة في أي شركة للمواد الكيميائية»، بما في ذلك في مختبر «بورتون داون» الذي يبعد 12 كيلومتراً فقط عن مكان الحادث في سالزبري.
فيل ميرزايانوف، وهو أحد مبتكري غاز «نوفيتشوك»، يؤكد هذا الأمر، بقوله الشهر الماضي إنّه كشف عن تركيبة المادة السامة في كتاب نشره بعدما هاجر إلى الولايات المتحدة، حيث يقيم «في منزل فاخر» حتى اليوم، وقد تجاوز التسعين من عمره. ويُذكِّر ميرزايانوف بأنّ العلماء والمختصين في تركيب هذه المادة «هاجروا إلى بلدان مختلفة بعد تفكّك الاتحاد السوفياتي».
أمام مجمل هذا المشهد، سارعت وزارة الخارجية البريطانية إلى حذف تغريدة كانت قد نشرتها في 22 آذار الماضي على صفحتها الرسمية على «تويتر»، تؤكد فيها أنّ «خبراء في بورتون داون حدّدوا بدقة أن المادة المستخدمة في سالزبري أنتجت في روسيا». ولكن خيار «الحذف» متاح فقط في العالم الافتراضي، لذا تمسّك وزير الخارجية البريطاني بموقفه السابق، وجدّد اتهاماته لموسكو، ما دفع الأخيرة إلى قلب الطاولة على لندن ومنظمة «حظر الأسلحة» وجميع الدول الداعمة للاستنتاج البريطاني، وفي مقدمتها الولايات المتحدة ودول حلف الشمال الأطلسي. ففي هجوم عنيف نقل موسكو من موقع المدافع إلى موقع المهاجم، أعلنت الخارجية الروسية أنّ التطورات الأخيرة «تؤكد أن السلطات البريطانية تقوم بإجبار سيرغي ويوليا على المشاركة في فبركة موجهة ضد روسيا».
سيرغي لافروف ذهب إلى حدّ اتهام منظمة «حظر الأسلحة الكيميائية» بالتلاعب في نتائج تحقيقاتها بهدف إدانة روسيا، معلناً في تصريح أثار الجدل، أول من أمس، أنّ المادة المستخدمة «هي بي زد التي لم تنتجها روسيا ولا الاتحاد السوفياتي سابقاً». وأوضح لافروف أن بلاده تلقّت معلومات «سرية» مفادها أنّ مختبر «سبييز» السويسري المتخصّص في التهديدات الكيميائية أبلغ منظمة «حظر الأسلحة الكيميائية» عثوره على «مادة بي زد في جميع العينات التي أخذها من مسرح الجريمة»، متسائلاً عن سبب «إغفال» هذه الوثيقة. (لم يتوقف الهجوم المضاد هنا، إذ قام الوزير الروسي بتوسيع نطاق الاتهامات، معلناً أن لدى بلاده أدلة «دامغة» على أن الهجوم المفترض بالأسلحة الكيميائية في دوما السورية كان «مسرحية» أعدّت بمشاركة «استخبارات أجنبية تشنّ حالياً حملة كراهية واسعة ضد روسيا».)

«تهديد للسلم والأمن»
من سمّم سيرغي وابنته؟ كيف؟ لماذا؟ أسئلة على الأرجح ستبقى بلا أجوبة. الحقيقة الوحيدة التي قد يتذكرها العالم هي أنّ محاولة تسميم كولونيل سابق في الاستخبارات العسكرية الروسية كان قد اعترف بالتجسّس لمصلحة بريطانيا في مقابل مبلغ مالي لا يتعدى 100 ألف دولار أميركي، أشعلت أسوأ أزمة دبلوماسية بين الغرب وروسيا منذ «الحرب الباردة». فأهمية الحادثة ليست في الحادث نفسه، بل في طريقة عرضه إعلامياً وتضخيمه سياسياً ودولياً، وفي توقيته والسياق العام الذي جاء فيه.
دوافع هذا «الاستعراض» وأهدافه عدة، تبدأ من سوريا والتطورات الأخيرة التي شهدتها، وقد لا تنتهي عند حدود ما أكّدته المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا: «إعادة إحياء سباق التسلح».
مُذكِّرةً بتصريح لوزير الدفاع البريطاني طالب فيه بتحديث القوات المسلحة البريطانية على خلفية «الهجوم بدم بارد على سكريبال»، قالت زاخاروفا إن «تضخيم لندن لقضية سكريبال هي محاولة لتبرير النفقات العسكرية»، مضيفة أنّ «هناك صلة مباشرة: روسيا هاجمت بريطانيا، نريد أموالاً لأننا نحتاج إلى المزيد من الأسلحة».
هذا الأمر قد يُفسِّر إصرار ماي على تصنيف محاولة قتل سكريبال بالهجوم العسكري على أراضيها، وزعمها أنّ «الروس سبق أنْ استخدموا غازات الأعصاب المصنوعة لأغراض عسكرية، في هجمات على الأراضي الأوروبية، ويفعلون ذلك كنوع من الاستهزاء والازدراء والتحدي... واستهانتهم بجديّة أوروبا».

كشف لافروف قبل يومين: المادة هي «بي زد»، ولم تنتجها موسكو يوماً


الأمر نفسه يحيل مباشرةً أيضاً على مسألة تعرّض بريطانيا وجميع دول حلف «الناتو» لضغوط أميركية كبيرة، في ظل عهد دونالد ترامب، لزيادة نفقاتها العسكرية، ولهذا رواية من المهم التذكير بتسلسلها.
في الأول من آذار، ندّد ترامب بالعجز التجاري الأميركي، الذي بلغ 800 مليار دولار، وحمّل المسؤولية للاتفاقات التجارية والسياسات «الغبية جداً» لأسلافه، وأعلن عزمه على فرض تعريفة بنسبة 25٪ على الصلب و10٪ على الألومنيوم المستوردين من الخارج، ولا سيما على الشركاء الأوروبيين. في الساعات التالية، أي بعد إعلان الاتحاد الأوروبي إعداد إجراءات للرد على «تدابير ترامب»، هدّد الأخير، في 4 آذار، بفرض رسوم جمركية على واردات السيارات الأوروبية وعلى المصنعين الأوروبيين. في ذلك اليوم، تعرّض سيرغي سكريبال للهجوم.
لم تمض 24 ساعة حتى بدأت عاصفة المقالات والتحليلات والتصريحات والاتهامات. كان الثابت الوحيد فيها إصرار لندن على اتهام روسيا بالوقوف وراء «الهجوم العسكري الذي يستهدف بريطانيا وأوروبا».
بعد 3 أيام، أعلن وزير الخزانة الأميركية ستيف منوشن أنّ ترامب قد يطلب من حلفاء الولايات المتحدة زيادة التزاماتهم المالية تجاه «الناتو» لتجنّب الرسوم الجمركية، مؤكداً أنّ الرئيس الأميركي «سيأخذ الأمن القومي في الحسبان... وهو يريد أن يرى أوروبا تنفق أكثر على الدفاع».
وعلى الأرجح، هذا ما حدث. ففي 15 آذار، وبعد يوم واحد من تشكيك فرنسي خجول في أن تكون موسكو وراء تسميم العميل ومطالبتها لندن بتقديم «دليل قاطع»، أصدرت الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، كما فرنسا نفسها، بياناً مشتركاً حمّل موسكو مسؤولية تسميم سكريبال، مضيفاً أنّه «ما من تفسير بديل معقول». وبعد أسبوع، سمح الرئيس ترامب بتعليق الرسوم على الواردات من الصلب والألومنيوم التي تُستورد من بلدان تُعتبر «شريكة تجارية رئيسية» لبلاده، بما فيها الاتحاد الأوروبي.
مجمل العرض التسلسلي للوقائع لن يلغي أنّ المواجهة الجديدة مع روسيا بدأت، وأنّ الجاسوس الروسي يبدو أنّه استُخدم في عملية «دنيئة» أخيرة، تنهي حياته وفق النسق الذي تنتهي فيه حيوات كل الأمنيين الذين يعتقدون أنّ أمانهم سيكون خارج بلدانهم، عند «الأعداء» السابقين.



ترامب... لا يُصدّق!


كشفت صحيفة «واشنطن بوست» أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اتهم موظفي إدارته بتضليله في شأن عدد الديبلوماسيين الروس الذين تقرر طردهم على خلفية «قضية سكريبال». ونقلت الصحيفة عن «مسؤول في البيت الأبيض» أنّ مساعدي ترامب عرضوا عليه في 24 الشهر الماضي، خطة عمل منسقة مع الحلفاء الأوروبيين لـ«معاقبة موسكو» على وقوفها المزعوم وراء تسميم الجاسوس المزدوج السابق سيرغي سكريبال، وابتنه. وشرح الموظفون لرئيسهم أن الولايات المتحدة ستطرد من الديبلوماسيين الروس «ما يساوي تقريباً عدد الديبلوماسيين الروس الذين قرر حلفاء واشنطن طردهم».
ووفق الصحيفة، فإن مساعدي ترامب كانوا يقصدون العدد الإجمالي للديبلوماسيين الروس الذين طردتهم لندن، وكانت باريس وبرلين وعواصم أوروبية أخرى بصدد ترحيلهم، لكن ترامب اعتقد لسبب ما أنّ «الحديث يدور عن عدد المطرودين من كل دولة على حدة»!
وفي 26 آذار أعلنت واشنطن عن طرد 60 ديبلوماسياً روسياً، في حين اكتفت كل من فرنسا وألمانيا بطرد 4 ديبلوماسيين لكل منهما، ما أثار غضب ترامب، خصوصاً أنّ الإعلام اعتبر موقف البيت الأبيض «الأكثر تشدداً بين جميع الدول الغربية». وتابع المصدر: «حين علم ترامب، أطلق كيلاً من الشتائم، متهماً إدارته بخداعه».
يذكر أن واشنطن طردت 60 ديبلوماسياً روسياً وأغلقت القنصلية الروسية في سياتل شرق الولايات المتحدة، في حين قررت 25 دولة أوروبية، إضافة إلى كندا وأستراليا، ترحيل ما إجماله 63 ديبلوماسياً روسياً عن أراضيها، وذلك «تضامناً مع موقف لندن» في قضية تسميم سكريبال.


إضاءة على أساليب العمل (الأميركي)


نشرت صحيفة «ذا انترسبت» مقالةً بعنوان «نعلم أين يعيش أطفالك: هكذا هدد جون بولتون مسؤولاً دولياً»، كشفت فيها أنّ مستشار الأمن القومي الجديد للرئيس الأميركي دونالد ترامب، جون بولتون، سبق له أن هدّد الديبلوماسي البرازيلي المتقاعد والرئيس السابق لمنظمة «حظر الأسلحة الكيماوية» جوزيه البستاني.
وكتب الصحافي والكاتب السياسي البريطاني مهدي حسن، أنه «في أوائل عام 2002، أي قبل عام من غزو العراق، كانت إدارة بوش تمارس ضغوطاً مكثفة على البستاني للتخلي عن منصبه كمدير عام لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية على رغم أنه تمت إعادة انتخابه بالإجماع لرئاسة الهيئة المكونة من 145 دولة قبل عامين فقط. ما هي خطيئته؟ التفاوض مع عراق صدام حسين للسماح لمفتشي الأسلحة التابعين لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية بإجراء زيارات مفاجئة إلى ذلك البلد، مما يقوّض منطق واشنطن لتغيير النظام».
ويضيف الصحافي: «في آذار 2002، جاء بولتون الذي كان يشغل منصب وكيل وزارة الخارجية لشؤون الحد من الأسلحة وشؤون الأمن الدولي، شخصياً إلى مقر منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في لاهاي، وبحسب البستاني، لم يقل بولتون كلمات ناعمة»، إذ هدّد البستاني قائلاً: «أمامك 24 ساعة لمغادرة المنظمة، وإذا لم تلتزم بقرار واشنطن هذا، فلدينا طرقنا للانتقام منك... نحن نعرف أين يعيش أطفالك. لديك ولدان في نيويورك».
ووفق المقالة، «فوجئ البستاني لكنه رفض الاستقالة، ورد قائلاً: عائلتي تدرك الوضع، ونحن مستعدون للعيش مع نتائج قراري». ويقول الصحافي إن مسؤولاً سابقاً آخر في منظمة «حظر الأسلحة الكيماوية» يُدعى غوردن فاشون، كان شاهداً على التهديد.
ووفق فاشون، فإن بولتون قال: «يمكن أن يرحل البستاني بهدوء... ومن دون جرّ اسمه إلى الوحل». وتعليقاً على سلوك مستشار الأمن القومي الجديد، يشير حسن إلى أن «تسمية خطاب بولتون بغير الديبلوماسي هو تقليل من حقيقته الفظة»، متسائلاً: «كيف يمكن لديبلوماسي كبير، يمثل حكومة ديموقراطية، أن يهدد، ضمناً، أولاد مسؤول دولي من أجل الفوز بنزاع سياسي؟». من جهته، يعلّق البستاني قائلاً: «المشكلة مع هذا الرجل هي أنه أيديولوجي، وبربري للغاية... لا يفتح الباب للحوار. لا أعرف كيف يمكن لأشخاص أن يعملوا معه».