ووفق المعلومات، كان البطش (35 سنة) يعمل مع فريق من المختصين على «تطوير القدرات العسكرية بهدف إنجاز مفاجآت للاحتلال وإيلامه في أي معركة مقبلة»، وهو غادر قطاع غزة عام 2012 لإكمال دراسته العلمية في ماليزيا. وخلال رحلات في الخارج إلى عدد من الدول، التقى عدداً من الخبراء بهدف توفير دعم علمي وتقني يطور القدرات العسكرية للمقاومة بما في ذلك أدوات تتجاوز الوسائل التكنولوجية التي يمتلكها الاحتلال.
وبينما تبنت الحركة الشهيد ووصفته بأنه «ابنها العالم»، التزم جناحها العسكري «كتائب القسام» الصمت إعلامياً ورسمياً، لكن وُضعت لافتة كبيرة أمام بيت عائلته مكتوب عليها «القائد القسامي». ووفق مصادر، لم تعلن «القسام» رسمياً التبني لأسباب عدة أبرزها تجنب إحراج الحكومة الماليزية، لأن ذلك قد يؤثر في وضع الطلبة الفلسطينيين هناك، وأيضاً انتظاراً لوصول الجثمان. من ناحية ثانية، يوجب التبني الرسمي في هذه المرحلة حدوث رد عسكري من غزة، وهو ما قد يشوش على «مسيرات العودة» على حدود القطاع.
للبطش أبحاث في مجال الطائرات المسيرة وإنتاج الصواريخ
ووفق التقييم داخل «القسام»، يبدو أن الاستخبارات الإسرائيلية وضعت البطش في قائمة المراقبة خلال السنوات الماضية بعد تقديمه عدداً من الأبحاث التي يمكن للمقاومة الاستفادة منها في مجال الطائرات المسيرة من دون طيار وأيضاً إنتاج الصواريخ التي يمكن توجيهها بدقة كبيرة. وفيما جاء اغتيال البطش قبل يوم من قراره السفر إلى تركيا للمشاركة في مؤتمر علمي، يسود تقدير لدى أمن المقاومة أن الوصول إلى البطش واتخاذ قرار اغتياله جاء نتيجة تواصله مع أشخاص تراقبهم إسرائيل، وتتهمهم بالعمل لمصلحة المقاومة.
في المقابل، أظهرت التصريحات الإسرائيلية حجم سعادة كبيراً باغتيال البطش، إذ قال عضو المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) يوآف جالنت، «سنطارد كل واحد حتى لو كان على حافة العالم ونحضره إلى المحكمة أو يموت ويذهب إلى مقبرة». أما وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، فقال في مقابلة مع القناة الثانية: «لم يكن الرجل صديقاً ولم يعمل على تحسين البنية التحتية في غزة، لقد كان يعمل على تحسين دقة الصواريخ... تصفية الحسابات مع المنظمات الإرهابية أمر نراه كل يوم، وأفترض أن هذا أيضاً ما حدث في هذه الحالة»، مطالباً السلطات المصرية بمنع نقل الجثمان إلى غزة. وتخشى عائلة البطش من أن ترضخ القاهرة للطلب الإسرائيلي، خصوصاً أن ليبرمان كان قد قال في العشرين من كانون الثاني الماضي إن مصر تنسق مع إسرائيل في عدد من القضايا منها إدارة معبر رفح.
في سياق متصل، قال المحلل العسكري في صحيفة «معاريف» العبرية، يوسي مليمان، إن التفاصيل تشير إلى أن العملية جاءت باحترافية تشابه طرق الاغتيال التي يستخدمها «الموساد»، وهي تشابه عملية اغتيال فتحي الشقاقي عام 1995، وعدداً من العلماء النوويين الإيرانيين في أوقات أخرى (استهدف البطش عبر شخصين كانا على دراجة نارية وأطلقا عليه 10 رصاصات أصيب بـ4 منها، إحداها اخترقت رأسه من الخلف، ليستشهد من الفور). ويقول مليمان إن «ماليزيا التي لا تربطها علاقات رسمية بإسرائيل أصبحت أخيراً قاعدة تدريبات لعناصر حماس العسكرية، والبطش كان ناشطاً في القسام... وقد كتب مقالات عدة عن تسيير الطائرات كهربائياً، وكان يعمل على تطوير قدرات حماس الهجومية».
أما القناة العاشرة، فقالت إن عملية الاغتيال في ماليزيا «محاولة لضرب الدفء الذي تمنحه الدولة الآسيوية لحماس، إذ إنها تجنّد الطلاب هناك وتؤهلهم عسكرياً في تركيا ثم ترسلهم إلى الضفة الغربية لتأسيس خلايا مسلحة». في غضون ذلك، قالت السلطات الماليزية إنها فتحت تحقيقاً في الحادثة وطلبت مساعدة «منظمة الشرطة الجنائية الدولية» (انتربول) و «منظمة الشرطة في دول جنوب شرقي آسيا» (آسيانبول).
يذكر أن البطش أب لثلاثة أطفال، وقد حصل على درجتي البكالوريوس والماجستير في الهندسة الكهربائية من الجامعة الإسلامية في غزة أواخر 2009، ثم حصل على قبول من جامعة مالايا الماليزية لدراسة الدكتوراه. وخلال دراسته، أعدّ عشرات الأبحاث أهمّها عن رفع كفاءة شبكات نقل الطاقة الكهربائية باستخدام تكنولوجيا إلكترونيات القوى، كما عمل محاضراً في جامعة ماليزية خاصة. ونتيجة لكفاءته العلمية نال عدداً من الجوائز العلمية الرفيعة منها منحة «خزانة» الحكومية المعدّة للماليزيين، لكنه كان أول عربي يحصل عليها في 2016. وقد كان في طريقه لإمامة صلاة الفجر في أحد المساجد في ضاحية غومباك في العاصمة.