سجال موسكو وأنقرة يتصاعد

أردوغان يعلن «أدلة» على تورط موسكو في بيع نفط «داعش»: بوتين: سنرد بعقلانية... ولن ننسى

  • 0
  • ض
  • ض

لم يكن منتظراً أن تتراجع موسكو عن لهجتها الحادة إزاء أنقرة، بعد إسقاط طائرة الـ"سوخوي"، بل إنها شهدت تصعيداً حاداً في ظل الهجوم الذي شنّه فلاديمير بوتين ضد تركيا، أمس، وذلك بينما لم يحمل الاجتماع بين وزيري الخارجية الروسي والتركي أي جديد لحلحلة الأزمة بين البلدين

على الرغم من الحدة التي اتسمت فيها تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتجاه تركيا، منذ بداية الأزمة بين الدولتين على خلفية إسقاط المقاتلة الروسية، إلا أن الهجوم الذي شنّه أمس، على المسؤولين الأتراك يعد الأكثر حدّة، ذلك أنه حمل الكثير من الدلالات الإضافية إلى أن حلّ المشكلة ليس بقريب، وخصوصاً في ظل إعلان الكرملين أن العلاقة بين البلدين لن تعود إلى ما كانت عليه. ولم يكتفِ الرئيس الروسي بتحذير تركيا من أنها "ستندم على ما فعلته"، ولكنه أكد أن موسكو لن تنسى أبداً قيام أنقرة بإسقاط المقاتلة الروسية على الحدود السورية في 24 تشرين الثاني، في وقت ندد فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باتهام روسيا له ولعائلته بالضلوع في تجارة نفط مع تنظيم "داعش"، معتبراً إياها "مزاعم غير إخلاقية" ومتهماً موسكو، في المقابل، بهذا التهريب. وتأتي هذه المواجهة الكلامية بين الرئيسين، بينما اجتمع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في بلغراد مع نظيره التركي مولود جاوش أوغلو، في اللقاء الأعلى مستوى بين مسؤولين من البلدين، منذ إسقاط الطائرة، إلا أن تصريحات الوزيرين التي أعقبت الاجتماع، أوحت بأنه لم يؤد إلى نتيجة جديدة يمكن أن تشكل خرقاً في جدار الأزمة. وقال بوتين في خطابه السنوي أمام البرلمانيين والحكومة وحكام مناطق روسيا "لن ننسى أبداً هذا التآمر مع الإرهابيين. لا نزال نعتبر الخيانة من أسوأ الأعمال وأكثرها حقارة. فليعلم ذلك هؤلاء في تركيا الذين غدروا بطيارينا". وأضاف "لا أعلم لم قاموا بذلك. الله وحده يعلم" وسط تصفيق الحضور. وتابع "يبدو أن الله قرر معاقبة الزمرة الحاكمة في تركيا، عبر حرمانها من المنطق والعقلانية"، مضيفاً "يجب ألا ينتظروا منّا رد فعل عصبياً أو هستيرياً أو خطيراً، علينا وعلى العالم أجمع". وقال "لن نشهر السلاح"، بل "سننطلق في ردنا قبل كل شيء من المسؤولية التي نتحملها أمام البلاد وأمام شعبنا".

لقاء روسي تركي في بلغراد ينتهي إلى "لا جديد"
الرئيس الروسي أكد أنه "إذا ظن أحد ما بأن جريمة حرب جبانة كهذه، قتل مواطنينا، ستنتهي عند (فرض حظر) على الطماطم وقيود على البناء ومجالات أخرى، فهو مخطئ بشدة. هذه ليست المرة الأخيرة التي سنذكرهم فيها بما فعلوا، ولا المرة الأخيرة التي سيندمون فيها على ما فعلوا"، وذلك في إشارة إلى الإجراءات التي ستتخذها روسيا لمعاقبة أعوان الإرهابيين في تركيا، والذين يتحملون مسؤولية مقتل العسكريين الروس. وكانت روسيا قد فرضت سلسلة عقوبات اقتصادية ضد تركيا استهدفت، خصوصاً، قطاع الزراعة والأشغال العامة والطاقة والسياحة. بيد أن الجديد على هذا الصعيد، أمس، كان إعلان وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، للصحافيين، أن بلاده علقت الأعمال التحضيرية لمشروع خط أنابيب الغاز "تركيش ستريم"، ذاكراً في الوقت ذاته أن محادثات بناء محطة للطاقة النووية في تركيا لا تزال قائمة. وحذر بوتين من الخطر الهائل الذي يمثله الإرهابيون من روسيا ورابطة الدول المستقلة الذين يحاربون في سوريا. وقال "علينا أن نواجههم ونقضي عليهم قبل أن يقتربوا من حدودنا". وفيما جدد دعوته إلى تشكيل جبهة دولية موحدة لمواجهة الإرهاب تعمل على أساس القانون الدولي، فقد شدد الرئيس الروسي على أن "كل دولة متحضرة ملزمة بالمساهمة في إلحاق الهزيمة بالإرهاب، وبإثبات تضامنها، ليس قولاً فحسب، بل وفعلاً". وأشار بوتين إلى أن "السلاح الروسي يثبت فعاليته في سوريا، أما خبرة استخدامه في ظروف القتال، فتتراكم ليتم استخدامها لاحقاً من أجل مواصلة تطوير أسلحتنا ومعداتنا القتالية". من جهته، أكد مدير الديوان الرئاسي الروسي سيرغي إيفانوف أن العلاقات الروسية السابقة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لن تعود إلى سابق عهدها. ولم يتأخر الرئيس التركي بالرد على ما وصفه بأنها اتهامات "غير أخلاقية" من جانب روسيا إليه وإلى افراد عائلته، بأنهم يستفيدون من المتاجرة بالنفط مع "داعش"، متهماً بدوره موسكو بالضلوع في هذه التجارة. وقال أردوغان، في خطاب ألقاه في أنقرة أمام نقابيين، إن "على روسيا أن تثبت هذه المزاعم"، مضيفاً أن لديه "أدلة" على تورط موسكو في المتاجرة بالنفط مع "داعش"، متوعداً بــ"نشرها على العالم قريبا". كما ذكر اسم أحد الذين يزعم أنه متورط في تجارة النفط السوري، وهو جورج حسواني رجل أعمال سوري يحمل الجواز الروسي، ولكن حسواني نفى هذه التهم لاحقاً. ورغم حدة الأزمة الدبلوماسية، لاحت في الأفق بارقة أمل مع لقاء لافروف ونظيره التركي، على هامش منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في بلغراد، ولكن عقب اللقاء الذي استمر 40 دقيقة، صرح لافروف بأن الجانب الروسي لم يسمع جديداً من الوزير التركي، مشدداً على أن علاقات روسيا مع تركيا، بعد حادث الطائرة، لن تبقى كما كانت في السابق، لكنه أضاف أن موسكو تميّز بين الشعب التركي الصديق و"هؤلاء الذين أعطوا أوامر إجرامية" بإسقاط الطائرة الروسية. من جانبه، قال جاويش أوغلو إن مباحثاتهما لم تفضِ إلى معالجة المشكلة، موضحاً أن "الوضع لا يزال ساخنا" من جهة أخرى، أكد وزير الخارجية الروسي أن وثائق مشاورات فيينا تنص، بكل وضوح، على أن تقرير مصير سوريا يعود إلى مواطنيها، ومعنى ذلك أن "مسألة الرئيس السوري بشار الأسد وشرعيته مغلقة". وفي ختام لقاء وزراء خارجية منظمة الأمن والتعاون الأوروبي وقال "أجرينا حواراً مهماً جداً أكد ضرورة أن نترك جانباً كل ما لا صلة له بمكافحة الإرهاب، وخصوصاً ما يعرقل مكافحته". ورداً على سؤال حول نتائج اللقاء الذي أجراه مع نظيره الأميركي جون كيري، قال إن كيري اتفق معه على ضرورة إغلاق الحدود السورية ــ التركية، لكنه أشار إلى أن هذه الخطوة يجب أن تأتي ضمن مجموعة من الإجراءات الأخرى، "ولم تتخذ مسألة إغلاق الحدود شكلاً واضحاً بعد". من جهته، وصف رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، مجدداً، الاتهامات الروسية بأنها "دعاية سوفياتية"، مؤكداً أن تركيا تعمل مع شركاء في "التحالف الدولي" في مسعى لطرد مسلحي "داعش" من الجانب السوري من الحدود، في الفترة المقبلة. وأضاف "تجري إقامة حواجز مادية في 98 كيلومترا من الحدود تحت سيطرة داعش". وأشار داود أوغلو في مؤتمر صحافي مع الرئيس الآذري إلهام علييف، إلى التوصل إلى اتفاق من أجل إنجاز مشروع "تاناب" (خط أنابيب الغاز الطبيعي العابر للأناضول، والذي ينقل الغاز الأذري إلى أوروبا عبر تركيا)، قبل عام 2018. وأكد أنهم سيعملون ليل نهار من أجل إنجاز المشروع.

0 تعليق

التعليقات