دخلت المعركة ضد «داعش» في محيط دمشق الجنوبي مرحلتها الختامية، بعدما تمكّن الجيش السوري وحلفاؤه من فصل مناطق سيطرة التنظيم في الحجر الأسود ومخيم اليرموك، وحصر مسلّحيه ضمن جيبين صغيرين. هذا التقدم أتى بالتوازي مع انطلاق المرحلة الأولى من اتفاق التسوية الخاص بمنطقة ببيلا وبيت سحم ويلدا، وخروج الدفعة الأولى من المسلحين والمدنيين نحو الشمال السوري. ومن المتوقع أن يستمر زخم العمليات حتى إنهاء كامل الوجود المسلح للتنظيم، على الرغم من الصعوبات التي تفرضها طبيعة مناطق المخيم والحجر الأسود السكنية، خاصة بوجود عدد كبير من الأنفاق التي يستخدمها المسلحون في المنطقة. ومن المتوقع أن يساعد إنجاز الاتفاق في البلدات شرق المخيم، ودخول الجيش إلى كامل النقاط المحاذية له، في تكثيف الضغط على التنظيم وحصاره من جميع الجهات. وفي هذا السياق، جُهّزت الدفعة الأولى من الحافلات التي تقلّ المسلحين والمدنيين الرافضين لإجراء «مصالحة» مع الجانب الحكومي في بيت سحم ويلدا وببيلا. ويفترض أن يستكمل خلال أيام قليلة إجلاء الباقين في البلدات الثلاث.
لافروف: نعمل للحفاظ على «تخفيض التصعيد» في جنوب سوريا

التطورات في جنوبي دمشق ترافقت مع تنفيذ الخطوة الأولى من اتفاق التسوية الخاص بريف حمص الشمالي، وهو بمثابة «بادرة حسن نيّة»، إذ بدأت معظم الفصائل المسلحة الناشطة هناك، أمس، تسليم سلاحها الثقيل إلى الجانب الروسي، بالتوازي مع رفع السواتر عن أطراف الطريق الدولي حمص ــ حماة، تمهيداً لإعادة تأهيله لاحقاً، وعودته إلى العمل بعد توقف دام سنوات. ورغم الوساطات التي دخلت لإنجاز الصفقة، وبينها ممثلون عن «تيار الغد السوري» الذي سبق أن رعى اتفاق وقف إطلاق النار هناك، ما زالت عدة فصائل تعلن رفضها الاتفاق، وخاصة تلك الناشطة في منطقة الحولة. ولم يتّضح مصير تلك الفصائل في حال اكتمل تنفيذ الاتفاق وترحيل الرافضين للمصالحة من المسلحين والمدنيين إلى الشمال. ووفق مصادر معارضة، ستبدأ عمليات الإجلاء نحو الشمال، السبت المقبل، على أن تدخل الشرطة العسكرية الروسية بصحبة قوات من الأمن الداخلي السوري. وأشارت إلى أن من المحتمل العمل على اتفاق جزئي آخر، حول الفصائل التي ما زالت ترفض الصيغة الحالية.
وبينما تستمر عمليات «التحالف الدولي» في ريف دير الزور الشرقي، من دون تغيير كبير في خطوط السيطرة المشتركة مع «داعش» هناك، نقلت وكالة «تاس» عن لقاء أجرته مجلة إيطالية مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن الأخير أوضح أن «اتهامات استغلال الأكراد» لا يمكن توجيهها إلى روسيا «بل إلى أولئك الذين يغذّون المشاعر الانفصالية، ويمنعون الحكومة الشرعية من استعادة السيطرة على مناطق واسعة من البلاد»، مشيراً إلى أن بلاده «تضغط بانتظام من أجل مشاركة الأكراد في مستقبل سوريا في فترة ما بعد الحرب». وفي حديث منفصل للوزير الروسي عقب لقائه نظيره الأردني أيمن الصفدي، أكد أن موسكو مستمرة في تعاونها مع الأردن والولايات المتحدة الأميركية، للحفاظ على «اتفاق تخفيض التصعيد» في الجنوب السوري، غير أنه أشار إلى أن «الأميركيين يرفضون منذ فترة طويلة إدخال قوافل المساعدات الإنسانية إلى منطقة الركبان، بحجة أن الحكومة السورية ترفض الموافقة على ذلك». ومن جانبه، رأى الصفدي أن بلاده تعتقد أنه «لا حل (في سوريا) من دون روسيا، ولا حل من دون حوار روسي ــ عربي ــ أميركي ــ دولي». وفي سياق منفصل، أدان لافروف الاتهامات الأميركية بأن بلاده والحكومة السورية «طهّرتا» مكان الهجوم الكيميائي في سوريا، معتبراً أن المختصين أكدوا أن «من غير الممكن تطهير آثار هجوم كيميائي وسط أبنية مهدمة، لأن المواد الكيميائية تتسرّب في الأرض وجدران الأبنية». وبينما لفت لافروف إلى أن بلاده ترحّب بمشاركة خبراء من فرنسا والولايات المتحدة ضمن وفد «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية» إلى دوما، أوضح المدير العام للمنظمة أحمد أوزمجو، في مقابلة مع صحيفة «فاينانشال تايمز»، أن خبراء المنظمة الموجودين في دوما سوف يعملون على نبش جثث بعض الضحايا لأخذ عيّنات منها.