القاهرة | «رعب أكثر من هذا سيجيء» مقولة الشاعر المصري الراحل صلاح عبد الصبور الشهيرة يستخدمها بكثرة هذه الأيام العاملون في قطاع الميديا في المحروسة بعد الصدمات المتتالية التي شهدها القطاع منذ بداية العام الحالي. صدمات نتجت عن سيطرة جهة حكومية واحدة على كل الشبكات الإعلامية الخاصة في مصر، ما أدى إلى حركة تغييرات واستغناءات واسعة طالت أيضاً أشهر جريدة خاصة في مصر هي «اليوم السابع».قبل الدخول في التفاصيل، يجدر القول بأن طريقة التغيير تمّت في سوق الميديا بأسلوب «الشائعات المؤكدة». أسلوب مصري خالص يقوم على تسريب شائعة حول ما سيحدث، ثم نفيها حيناً أو الصمت عليها أحياناً قبل أن تتحول الشائعة في معظم الأوقات إلى حقيقة! يتم كل ذلك من دون صدور بيانات رسمية إلا في أضيق الحدود، وأيضاً بدون تصريحات من القائمين على إدارة الشبكات الإعلامية، أو تبرير سبب خروج هذا المدير ودخول غيره أو الاستغناء عن هذا الكم من الإعلاميين والفنيين. لا حقيقة معلنة إذن، سوى أن مَن يقفون خلف هذه التغييرات ليسوا مَن تحمل الأخبار أسماءهم، وإنما «قيادات ظل» تابعة مباشرة لرأس الدولة.
تعد شبكة قنوات «أون. تي. في» الأكثر تعرضاً لرياح التغيير خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، قبل أن تقول «الشائعة المؤكدة» بأن الشبكة نفسها قد لا تستمر بعد شهر رمضان. يدعم ذلك توقف كل برامج قناة «أون لايف» الرئيسية، فيما ظلّ برنامج وحيد هو «صباح أون». إذ شهدت الأسابيع الأخيرة خروج كل منه لبنى عسل مقدمة برنامج «أون اليوم»، وشريكها معتز عبد الفتاح، وكلاهما كانا يقدمان البرنامج تحت اسم «الطريق إلى الاتحادية» خلال تغطية انتخابات رئاسة الجمهورية، على أن يعودا مجدداً لبرنامج «أون اليوم» في بداية نيسان (أبريل) الماضي.
لكن ذلك لم يحدث، ثم خرج الإعلامي يوسف الحسيني مقدم برنامج «نقطة تماس» وأيضاً أماني الخياط مقدمة برنامج «بين السطور». وجاء خروجها تأكيداً على أن سياسة التقشف يتم تنفيذها بجدية وبدون مجاملات كون الخياط مقربة للغاية من رئاسة الجمهورية في مصر، وتم التغاضي عن أخطاء مهنية ارتكبتها أكثر من مرة. بالتالي تبقّى على الشاشة برنامج «صباح أون» والنشرات والمتابعات الخبرية، ما قد يمهّد لإغلاق القناة وانتقاء العناصر الأفضل لضمها إلى شاشة «dmc نيوز» المنتظر إطلاقها بعد المونديال. على الضفة المقابلة، انتهت أول من أمس علاقة عمرو أديب بـ ON E القناة الرئيسية في شبكة «قنوات أون».
أخبار عن عدم استمرار شبكة «أون. تي. في» بعد شهر رمضان


الشاشة نفسها ستمتلئ بمسلسلات رمضان ابتداء من اليوم، لكن ماذا سيحدث بعد العيد؟ هل تستمر القناة ويتم تكليف إعلامي آخر بالجلوس بدلاً من عمرو أديب مقدم برنامج «كل يوم»؟ أو تختفي الشاشة ومعها قناة «أون دراما» ليتبقى من رباعية شبكة «أون»، قناة وحيدة هي «أون سبورت» التي يمكن أن تنضم إلى «dmc سبورت»؟ وكلا الشبكتين لديهما الآن وكيل إعلاني واحد هو شركة «دي ميديا» المملوكة للدولة المصرية.
في حال توقف قناة ON E، فإن إعلامية أخرى ستختفي هي شريهان أبو الحسن مقدمة برنامج «ست الحسن». علماً أنّ أبو الحسن هي زوجة خالد صلاح رئيس تحرير موقع «اليوم السابع»، الذي تطاله الشائعات هي الأخرى بتقليص النفقات والاستغناء أكثر من 100 صحافي وموظف في أقل من شهر، كان في مقدمتهم نجل وشقيق صلاح اللذان طلبا منهما تقديم الاستقالة رفعاً للحرج عن مؤسس الجريدة الذي لم يعد يسيطر عليها مادياً وإدارياً منذ نهاية عام 2017. الشائعات طالت أيضاً شبكة قنوات «سي. بي. سي» التي تشارك جهة من الدولة في حصة رئيسية بها. لكن مالكها الأصلي محمد الأمين بات هو رجل الأعمال الوحيد المسموح له بإدارة شبكة إعلامية، مما دفع بعضهم إلى القول بأنّه بعد شهر رمضان، سيخرج الأمين كما خرج نجيب ساويرس وأحمد أبو هشيمة وتصبح الإدارة كاملة لرجال الدولة المصرية. لكن الأمين أصدر بياناً رسمياً نفى فيه ذلك، مؤكداً دعم الشبكة للدولة، وواصفاً الشائعات بأنّها نتاج حملات ترمي إلى التأثير على المعلنين خلال رمضان. إذ لا تزال شركة «فيوتشر ميديا» هي الوكيل الإعلاني لـ «سي. بي. سي»، فيما باتت «دي ميديا» وكيلاً إعلانياً لكل من شبكات «دي. إم. سي»، «الحياة»، «أون. تي. في»، «راديو النيل». لكن كالعادة، كان استقبال نفي الأمين لخروجه من السوق فاتراً. ففي ظل الرعب السائد، يمكن أن يتغير الوضع فجأة تماماً كما رأينا مع كل التغييرات التي انهالت فجأة منذ بداية العام الحالي.