غزة | حصلت «الأخبار» على أبرز البنود التي تم الاتفاق عليها «شفهياً» بين «حركة المقاومة الإسلامية» (حماس)، والسلطات المصرية، خلال زيارة رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، قبل يوم على انطلاق «مسيرات العودة الكبرى»، وذلك ضمن مسعى مصري إلى تهدئة الأوضاع في قطاع غزة مقابل تحسين الواقع الإنساني الذي تدهور في ظل اشتداد الحصار وفرض السلطة الفلسطينية عقوبات مشددة شملت قطع رواتب فئات كثيرة من الموظفين. وعلى رغم أن «حماس» مرّرت يوماً من «مسيرات العودة» كي لا يظهر أنها أوقفتها بناء على التفاهمات، فإنها سرعان ما طلبت من الجماهير تجنب اقتحام الحدود والاكتفاء بالوجود في «المخيمات» المنصوبة قبالة الحدود. وكان من بنود الاتفاق، خلال الزيارة السريعة لهنية، تخفيف أعداد المتظاهرين في المناطق الحدودية مع تقليل الاحتكاك مع الجيش الإسرائيلي، وذلك أيضاً مع توقف الحركة عما خططت له باجتياز الحدود بأعداد كبيرة في ذروة المسيرات. كذلك شدد جهاز «الاستخبارات العامة» المصرية على الحصول على تعهد بـ«توقف نشاطات المقاومة على الحدود وتحديداً وضع العبوات الناسفة، أو تسلل شبان لتخريب أعمال الجيش الإسرائيلي في بناء الجدار الجديد».ومنذ يومين انخفضت أعداد المتظاهرين على الحدود، لكن «حماس» والفصائل الأخرى ستحافظ على إبقاء أيام الجمعة كما هي، لكن مع تقليل الاحتكاك مع الجنود الإسرائيليين، الأمر الذي رأى فيه المصريون والإسرائيليون تجاوباً مع ما تم الاتفاق عليه في القاهرة، وهو ما دفع العدو في المقابل إلى سحب تعزيزاته العسكرية الكبيرة في منطقة «غلاف غزة» بعد تقييمه الأوضاع، كما عمد إلى سحب عدد كبير من القناصة والجنود، وأيضاً «رفع مستوى السماح للقناصة بإطلاق النار ليكون مصدره قائد اللواء وليس قائد الكتيبة»، وفقاً لما نقلته مصادر إعلامية إسرائيلية، ما يعني رغبة إسرائيلية في التهدئة.
في هذا السياق، نقلت صحيفة «هآرتس» العبرية عن مسؤولين في وزارة الأمن تأكيدهم أن «حماس باتت لا تريد تجدد الاشتباكات العنيفة لكنها في الوقت نفسه تدرس كيفية مواصلة الاحتجاجات، فيما أجرى كبار ضباط القيادة الجنوبية محادثات مع رؤساء المناطق في غلاف غزة وأوضحوا أنهم يعتقدون أن الأحداث قد انتهت». وتوضح الصحيفة أن «الحركة التي رفضت في البداية العروض المصرية بفتح معبر رفح الحدودي وإدخال البضائع مقابل إنهاء التظاهرات على الحدود، عادت وقبلت العرض بعد إراقة الدماء يوم الاثنين الماضي، وبعد التدخل المصري والقطري».
بالعودة إلى الاتفاق الشفهي، تقول مصادر سياسية إن من ضمن البنود «العودة إلى قواعد الاشتباك السابقة التي كانت بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال»، أي الحالة المتعلقة بتهدئة 2014 المنعقدة بعد الحرب الأخيرة على غزة، لكن هذا الأمر ليس ثابتاً بعد، إذ تجاوزه الاحتلال برفع وتيرة الرد ليلة أول من أمس بعدما قصفت الطائرات العسكرية 7 أهداف للمقاومة داخل القطاع رداً على إطلاق نار من سلاح ثقيل تجاه مستوطنة «سيديروت»، شمال القطاع، وأصاب الرصاص منازل المستوطنين ومنهم رئيس البلدية، إضافة إلى قذيفة صاروخية قبل ذلك. هنا، اتصلت «حماس» بالقاهرة، وأبلغتها اعتراضها على تجاوز العدو قواعد الاشتباك التي اتفق على العودة إليها، كما طالبت الحركة بتفعيل بنود اتفاق 2014 كاملة.
أبلغت «حماس» القاهرة بعودة التظاهرات بقوة في 5 حزيران إذا لم يُنفذ الاتفاق


في المقابل، تضمّن الاتفاق سماح المصريين بدخول المساعدات إلى غزة عبر معبر رفح، وذلك بالتزامن مع إعلان جهات عربية استعدادها لإرسال مساعدات على رأسها الأردن والإمارات، إضافة إلى الأزهر الذي أعلن تسيير قافلة إلى غزة، ولكن هذا الأمر لم يشمل مساعدات تركية كانت في طريقها إلى القطاع، وهو ما يشير إلى أن المساعدات يجب أن تكون من «دولة غير معادية» للسلطات المصرية. في موازاة ذلك، تسمح القاهرة بفتح معبر رفح لمدة تتراوح ما بين أسبوع إلى أسبوعين، مع تسهيل سفر جميع المسافرين وفي مقدمهم الحالات الإنسانية والمرضى والطلاب. ومع ذلك، سُجّلت حالات إرجاع كثيرة.
من ناحية أخرى، وعد المصريون بمواصلة الجهود لعقد صفقة تبادل للأسرى بين المقاومة والإسرائيليين، لكن إلى أن تتوافر الأجواء المناسبة لإتمامها وذلك بسبب رفض العدو أخيراً إتمامها، وهو ما أكده قائد «حماس» في غزة، يحيى السنوار، في لقاء مع قناة «الجزيرة» القطرية قبل يومين، بقوله: «كان هناك حراك في صفقة تبادل، لكن قيادة الاحتلال تراجعت وهي غير جاهزة لعقد صفقة». ومن الوعود المصرية أيضاً تحسين وضع الكهرباء في غزة عبر دراسة زيادة كميات الكهرباء الواردة إليها من مصر وإسرائيل، مع دراسة كل من: توسيع مساحة الصيد البحري، والسماح بمزيد من المشاريع الإنسانية عبر دول عربية وجهات دولية.
وتؤكد المصادر، أنه في حال إخفاق تنفيذ الاتفاق الشفوي، خصوصاً أن «حماس» أبدت موافقة متأخرة عليه، فإن الحركة ستعيد تحريك الاحتجاجات، ولن تمنع المقاومة من الرد في حال تعرض السكان لإطلاق النار. كما أن كثرة التهديدات التي أوصلها المصريون وأطراف أخرى ومفادها عودة إسرائيل إلى سياسة اغتيال القيادة، ردت عليها الحركة بتأكيدها المبادرة إلى «حرب استنزاف»، كما تشرح المصادر. كذلك، أبلغت «حماس»، الاستخبارات المصرية، بأنه في حال لم ينجز ما تم الاتفاق عليه، فإن التظاهرات على الحدود «ستكون أقوى وأكبر خلال الأسابيع المقبلة»، وأن ثمة استعداداً لمسيرات كبيرة في الخامس من الشهر المقبل (ذكرى احتلال القدس).