غزة | مرة جديدة يتصاعد العدوان الإسرائيلي في تسلسل يهدف كما يبدو إلى جر المقاومة الفلسطينية نحو مواجهة عسكرية في قطاع غزة، سواء أكانت على صورة مواجهة محدودة أم حرب، تمثل بدورها مخرجاً للعدو من الضغط المتواصل على الحدود. فأمس، اغتال الجيش الإسرائيلي صباحاً ثلاثة من مقاتلي «سرايا القدس»، الجناح العسكري لـ«حركة الجهاد الإسلامي»، بقصف مدفعي أثناء مرابطتهم في نقطة رصد جنوب القطاع، وهم: نسيم العمور (25 سنة)، وعبد الحليم الناقة (28 سنة)، وحسين العمور (25 سنة).وهذا الاستهداف يأتي كـ«تحدّ» إسرائيلي لـ«الجهاد» التي توعدت قبل يومين بقصف مدينة تل أبيب المحتلة بالصواريخ في حال مواصلة الاحتلال قصفه غزة، وهو ما دفع الحركة أمس إلى تجديد تهديداتها للاحتلال، مؤكدةً أن الأخير «تجاوز الخطوط الحمراء» وأنها «تعرف كيف ترُد على التصعيد العدواني الخطير في غزة... نحن نعرف ما الذي علينا أن نفعله حتى نذكر الاٍرهاب الإسرائيلي بأن دماء شعبنا ليست رخيصة».
في المقابل، قال المتحدث باسم جيش العدو، رونين منليس، إن «القصف المدفعي على نقطة مراقبة لحماس جاء رداً على وضع عبوة متفجرة على السياج الحدودي صباح اليوم (أمس)»، لكن تهديد «الجهاد» دفعه مجدداً إلى الرد بتهديد جديد ضد الأخيرة نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» مساء أمس، قال فيه إن «من يلعب بالنار يعرض نفسه للخطر». وفي وقت لاحق، قالت مواقع عبرية إن «الجيش نشر بطاريات القبة الحديدية في بعض مستوطنات غلاف غزة تحسباً لرد انتقامي من الجهاد».
في غضون ذلك، أثارت عملية الاغتيال جملة ردود فصائلية مستنكرة ومتوعدة، لكن، كما يبدو، هناك تباين لدى فصائل المقاومة حول الاستمرار في حالة ضبط النفس في ضوء الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة. وبينما يشير بيان «الجهاد» إلى نيتها تنفيذ رد على هذا الخرق الذي كسر قواعد الاشتباك القائمة منذ نهاية الحرب على غزة عام 2014 باغتيال مباشر ومعلن، كان واضحاً صمت «حماس» وعدم إصدارها بياناً رسمياً حول الحادثة، وهو ما يظهر أن الأخيرة تركت تقدير الموقف لـ«الجهاد»، على رغم أن فصائل أخرى ترى أن من المهم «تفويت الفرصة على الاحتلال حتى وضوح الصورة في ما ستفضي إليه الطروحات السياسية الرامية للوصول إلى تهدئة طويلة الأمد في غزة»، وفق مصادر.
وكما علمت «الأخبار»، فإن هذه الطروحات التي وصلت الفصائل وتشاورت فيها «حماس» و«الجهاد» قبل أيام تحظى بموافقة مبدئية مشروطة بعدد من القضايا أبرزها: عدم المساس بسلاح المقاومة ورفع الحصار كلياً بما يعطي سكان القطاع الحرية التجارية وكذلك في التنقل والسفر.
في سياق متصل، وللمرة الأولى منذ بداية الحصار قبل 11 عاماً، أعلنت «الهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة وكسر الحصار» أمس، إطلاق «أول رحلة بحرية من غزة نحو العالم»، داعيةً المواطنين للاحتشاد في ميناء غزة الثلاثاء المقبل لدعم هذه الرحلة وذلك في ذكرى حادثة سفينة مرمرة التركية.
أعلنت إسرائيل بدء بناء الجدار البحري مع حدود القطاع الشمالية


وفي الوقت نفسه، أنهت السلطات المصرية عملية إعادة تأهيل معبر رفح كلياً بعد عامين من بدء العمل على توسعته «في ضوء تحديات أمنية صعبة، وبما يليق بسمعة مصر»، كما قالت صحيفة «اليوم السابع» المصرية. ووفق معلومات وصلت «الأخبار» (راجع العدد 3472 في 21 أيار)، أخبرت القاهرة فصائل فلسطينية أنها تدرس فتح المعبر بصورة كلية، وهو ما أعادت «اليوم السابع» نقله على لسان مصادر قالت إن «معبر رفح سيفتح كلياً... هذا يؤكد حرص الدولة المصرية على تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني وتوفير شتى السبل من أجل راحة المسافرين سواء من غزة إلى مصر أو العكس».
من جهة أخرى، يتواصل الغموض حول صحة رئيس السلطة، محمود عباس، الذي تم تأجيل خروجه من المستشفى الاستشاري رام الله للمرة الثالثة على التوالي بعد دخوله قبل أسبوع مصاباً بالتهاب حاد في الرئة، إذ أعلن مكتب الرئاسة أمس تأجيل الخروج من دون إعطاء المزيد من المعلومات، مع أن مدير المستشفى سعيد سراحنة أكد أن صحة عباس «تشهد تحسناً مستمراً وسريعاً». ويثير هذا الغموض تساؤلات لدى الشارع الفلسطيني أبرزها سبب التكتم، وعدم توجه عباس لتلقي العلاج في الخارج كما كان يفعل.
وعلمت «الأخبار» أن محادثات داخلية أجراها عدد من الفصائل خلال اليومين الماضيين تحسباً لعجز عباس عن القيام بمهامه أو وفاته، وذلك لمواجهة تلاعب قد تقوم به حركة «فتح» في خلافته في رئاسة السلطة. وينص القانون الأساسي الفلسطيني على أنه إذا شغر مركز رئيس السلطة يتولى رئيس المجلس التشريعي (البرلمان) مهام الرئاسة موقتاً لمدة لا تزيد على ستين يوماً تجرى خلالها «انتخابات حرة ومباشرة لانتخاب رئيس جديد»، وهو ما يعني أن عزيز الدويك، النائب عن «حماس»، سيكون الرئيس الموقت، لكن «فتح» قد تعقد «المجلس المركزي لمنظمة التحرير» باعتبار أن «المركزي هو برلمان الشعب الفلسطيني».

جدار بحري
من ناحية ثانية، تواصل إسرائيل محاصرة نفسها بالجدران العازلة، إذ أعلنت أمس بدء بناء الجزء البحري من الجدار شمال قطاع غزة بهدف «منع تسلل عناصر المقاومة إلى مواقع الجيش عبر البحر». ووفق المصادر العبرية، سيتكون الحاجز من 3 طبقات: حاجز تحت الماء، وكاسر الأمواج، وجدار فوق الماء. وقالت صحيفة «إسرائيل اليوم» إن وزارة الأمن بالتعاون مع «إدارة خطوط التماس» تتولى بناء هذه المنظومة، وذلك بعد استخلاص العبر من حرب 2014. كما قال وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، إن الحديث يدور عن «بناء منظومة فريدة من نوعها في العالم ستمنع التسلل من غزة إلى إسرائيل عبر البحر»، مشيراً إلى أنها «تشكل ضربة لحماس، إذ إنها ستفقد قدرة استراتيجية إضافية استثمرت فيها الكثير من المال والعتاد والتدريبات لقواتها البحرية».
إلى ذلك، أطلقت قوات الاحتلال النار باتجاه فتاة فلسطينية في حي شعفاط في القدس المحتلة وأصابتها بجروح بدعوى محاولتها تنفيذ عملية طعن ضد الجنود الإسرائيليين قرب محطة القطارات في المدينة، فيما قالت القناة العاشرة إن الفتاة اعتقلت ولم يعثر بحوزتها على أي شيء، واصفة إصابتها بالمتوسطة.