«حشيشة الكيف»، أو «القنب» بحسب المصطلح العلمي، ترادف، في العقل اللبناني، تعاطي المخدرات وترويجها وإدمانها. وفيما تُحارب هذه النبتة في لبنان وتتعرّض للتلف، تتجه دول كثيرة حول العالم نحو قوننة زراعتها للاستخدامات الطبية، من بينها الولايات المتحدة وانكلترا وكندا وألمانيا وأستراليا وبيرو والفيليبين وإيطاليا والنمسا والهند وهولندا وجمهورية التشيك. إذ أظهرت 656 دراسة عالمية حول القنب أهميته في علاج أمراض مزمنة وخطيرة كالسرطان والأرق والصرع والتصلب اللويحي وباركنسون وألزهايمر وغيرها.هذه «الخطوة الأولى نحو الحد من زراعة القنب لغرض الاتجار بالمخدرات في لبنان»، يقول استاذ الكيمياء الدوائية وعلم الادوية والعقاقير في كلية الصيدلة في الجامعة اللبنانية الاميركية الدكتور محمد مروة لـ«الأخبار» على هامش إطلاق الجامعة اللبنانية الاميركية (LAU)، أمس، مشروع انشاء مركز البحوث الدوائية والطبية للقنب للافادة منه طبياً وعلمياً واقتصادياً.
القنب اللبناني، بحسب مروة، هو من الأفضل في العالم، نظراً إلى الظروف المناخية (كمية الأمطار وساعات الشمس والارتفاع وطبيعة التربة ودرجة الحرارة والرطوبة...) وإلى موقع زراعته، ما يشكل عوامل تؤثر إيجاباً على التركيب الكيميائي النباتي، وبالتالي تعزيز خصائصه الدوائية في حال التصنيع. والقنب اللبناني، كما يشرح مروّة، يضم ثلاث فصائل: الهندي، والساتيفا، والمهجّن، و«من المرجح أن يحوي القنب المهجن الذي يكثر في لبنان على فوائد مضادة للهلوسة تختلف عن الفصيلتين الأخريين»، متحدثاً عن عائدات تقدر بمليارات الدولارات لهذا القطاع.
بدأت فكرة المشروع عام 2015 بعدما تبين لطلاب الصيدلة في الجامعة شح الدراسات العلمية المتعلقة بالقنب اللبناني.
نتائج البحث لن تتأخر وهي بحاجة إلى ما بين سنتين وثلاث سنوات

وتقدمت الجامعة عام 2017 من وزارتي الصحة والداخلية بطلب ترخيص لإنشاء مركز لابحاث القنب الطبية اسوة بافضل الجامعات في العالم. وستعمل الجامعة على استئجار أرض في البقاع لزراعتها بالقنب بغرض إجراء دراسات على مواصفاته الكيميائية، موضحاً «أن نتائج البحث لن تتأخر وهي بحاجة إلى ما بين سنتين وثلاث سنوات»، ولافتاً الى أن المركز «سيكون الأول من نوعه في الشرق الأوسط لدراسة القنب طبياً». ولفت الى أن المركز «ربما يشكل ضغطاً على الدولة لتشريع زراعة الحشيشة لغايات طبية»، و«يمهد الطريق أمام شركات الأدوية المحلية للاستثمار في منتجات القنب الصيدلانية، وبالتالي وضع لبنان على خارطة الدول المنتجة للأدوية وتصدير الدواء، وتوفير آلاف فرص العمل».
يذكر ان أول من بادر الى الاهتمام بنبتة القنب وعمل على الافادة منها للاستعمالات الطبية كانت جامعة ميسيسبي (الولايات المتحدة) التي حصلت على ترخيص لزراعتها عام 1968 لصالح الدولة وللأبحاث العلمية، ثم تلتها عشر مراكز أبحاث جامعية عدة في العالم، منها: جامعة واشنطن، اوكسفورد (بريطانيا)، بريتش كولومبيا (كندا)، نيو كاستل (استراليا). وتتنافس هذه المراكز الطبية على المركز الأول في الأبحاث العلمية، خصوصا ان نبتة القنب تشكل مكونا اساسيا في ادوية معالجة الآلام الحادة المزمنة، والصرع، والغثيان والاستفراغ عند المرضى الذين يتابعون العلاج الكيميائي ومرض التصلب اللويحي. وتنتج استراليا وكندا اطنانا من القنب للاستخدام الطبي، تقدر قيمتها بمليارات الدولارات.