غزة | شهد الأسبوعان الأخيران تحركات سياسية كبيرة في خطوة لإعادة تفعيل «صفقة القرن»، إذ عقدت خلال الأسبوع الماضي عدة اجتماعات أمنية واستخبارية في القاهرة ضمت مصر والأردن وإسرائيل والسلطة الفلسطينية، لينتقل بعدها وزير الاستخبارات المصري، عباس كامل، إلى تل أبيب لاستكمال المحادثات. وعلمت «الأخبار» من مصادر مطلعة أن تلك الاجتماعات كانت تهدف إلى إيجاد تفاهمات حول الاعتراضات التي قد تواجه خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وبخاصة في قطاع غزة والأردن، فيما شملت المحادثات «إلهاء غزة وإبعادها عن الواجهة حالياً تحت مبررات تحسين الوضع الاقتصادي وتثبيت التهدئة».تضيف المصادر أن الاجتماعات تناولت تحسين واقع غزة بما يستهدف المواطنين من دون أن تستفيد حركة «حماس»، وهو ما اقترحه المصريون عبر تسريع وتيرة المصالحة بين «حماس» و«فتح» على أساس أن يسمح للسلطة الفلسطينية بالوجود بصورة كبرى داخل القطاع وعلى نحو يمكنها من إدارة المشاريع والتحسينات الاقتصادية. هنا اقترح المصريون السماح بالمشاريع الإماراتية والمصرية التي تم إيقافها العام الماضي تحت ضغط أميركي وإسرائيلي بعد شكوى قدمها رئيس السلطة، محمود عباس، إلى واشنطن آنذاك، قائلاً إن هذه المشاريع ستساعد «حماس» على حساب السلطة.
أما الإشكالية التي واجهت القاهرة أخيراً، فهي أن الأميركيين اعترضوا أيضاً على التحسينات التي وعد المصريون بتقديمها بعد مجزرة الرابع عشر من أيار الماضي، وهو ما أبلغت به «حماس» أيضاً، ما يعني أن هذه التسهيلات ستعلق حتى الاتفاق على «حل شامل» يشمل مشاريع دولية كبيرة وتهدئة طويلة مع الاحتلال وحل لقضية الجنود الأسرى لدى المقاومة. بجانب ذلك، تعارض السلطة أي تحسينات في وضع غزة بل تضغط لمواصلة الحصار، معللة ذلك بأن «حماس تعيش حالة اقتصادية صعبة وأنها مع تواصل أزمتها قد ترضخ لأي شروط تملى عليها، بما في ذلك تسليم القطاع كلياً، وأيضاً مناقشة ملف سلاحها». تقول المصادر نفسها إن اقتراحات طرحت في الاجتماع الأخير تدعو إلى «مواصلة إشغال حماس داخلياً عبر افتعال عمليات اغتيال أو تنفيذ تفجيرات وأحداث، وهو ما سيضمن انشغال غزة وذهاب الرئيس الفلسطيني إلى مفاوضات السلام وفق الخطة الأميركية»، لكن اتفق في النهاية على زيادة المساعدات مقابل إيقاف مسيرات العودة تمهيداً لتهدئة شاملة وإنهاء قضية الجنود الأسرى.
تحشد الفصائل غداً لـ«مسيرات العودة» بالتزامن مع «يوم القدس» وذكرى النكسة


وكانت صحيفة «معاريف» العبرية قد كشفت عن «خطة كبيرة تعدها الأمم المتحدة لإعادة إعمار غزة بأموال ودعم من المجتمع الدولي». ونقل الكاتب الإسرائيلي المقرب من الجيش بن كسيبت، أنه «إذا لم يحدث تغير في اللحظات الأخيرة، سيناقش المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) الأحد المقبل خطة تحسين الوضع في غزة، بهدف تقليل الأزمة الإنسانية ومنعها من التفاقم». وسيكون أمام «الكابينت» العديد من الخيارات من بينها «الجزيرة الصناعية» التي اقترحها الوزير يسرائيل كاتس والتي ستعرض على الوزراء للنقاش، ولكن «الأمر الحقيقي هو خطة كبيرة لإعادة إعمار غزة يعدها مبعوث المنظمة للشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف».
مع ذلك، توضح تقارير إعلامية إسرائيلية أن ليبرمان متشكك للغاية في شأن فائدة إعادة إعمار غزة، ولكن يبدو أنه لن ينسف خطة مبعوث الأمم المتحدة، كما أن الفيتو الإسرائيلي المفروض حتى الآن على ضخ أموال قطرية لإعادة بناء القطاع سوف يلغى على الأرجح. أما رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فعبّر في الأيام الأخيرة عن وجود حاجة ملحة لتخفيف الأزمة الإنسانية في غزة، وأنه قد يقدم خططه الخاصة لهذا الغرض.
في موازاة ذلك، علمت «الأخبار» أن لقاءً قريباً سيجرى بين «حماس» والسلطات المصرية بعد تأجيله مرات عدة، وذلك على الأغلب بعد عيد الفطر مباشرة، بهدف التباحث في الخطط المطروحة لحل الأزمة الإنسانية في غزة، لكن مصادر تحدثت عن تراجع في الموقف المصري تجاه تخفيف الواقع الاقتصادي، وتململ في تنفيذ بعض التسهيلات التي وعد بها المصريون بفعل ضغوط أميركية وإسرائيلية لا تريد للمصريين العمل بانفراد. جراء هذا كله، تراهن «حماس» على مواصلة «مسيرات العودة» بزخم كبير كأداة ضغط على جميع الأطراف لتخفيف الضغط الاقتصادي حتى التوصل إلى اتفاق يرفع الحصار عن قطاع غزة كلياً، وهي بدأت الدعوة والتحشيد للخروج في المسيرات على حدود القطاع غداً الجمعة بالتزامن مع «يوم القدس العالمي» وذكرى النكسة.