يُقال إنّ محافظ بيروت، زياد شبيب، سيُحيل القائم بأعمال السفارة السعوديّة في لبنان وليد البخاري إلى النيابة العامة. كذلك سيُحيل معه عدداً مِن الوزراء والنواب والقضاة والسفراء والدبلوماسيين و«الطبّالين». لقد شوهد البخاري والشلّة يرفعون العلم السعودي، أمس، وهم يجوبون شوارع العاصمة على متن درّاجات ناريّة كبيرة. هذه مخالفة للقانون، طبعاً، والمُحافظ كان قد توعّد، قبل انطلاق مباريات كأس العالم، كلّ مَن تسوّل له نفسه رفع علم أجنبي على الأراضي اللبنانيّة. إلى هنا تنتهي الطرفة الأولى.طرفة أخرى، أكثر سماجة، تقول: البخاري صبّح متابعيه بتغريدة، قائلاً فيها: «صباحكم هارلي دايفدسون». ظهر في صورة يرتدي فيها لباس سائقي درّاجات «هارلي» النمطيّة المُدَججة. قبل ذلك، كان قد نشر في تغريدة أخرى: «بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدّرات، تعتزم سفارة المملكة العربيّة السعوديّة لدى لبنان تدشين مبادرة بعنوان: رياضة لغدٍ أفضل، والقيام بجولة على الدرّاجات الناريّة بالتعاون مع وكيل هارلي دايفدسون في بيروت». لحظة، ما علاقة درّاجات «هارلي» بمكافحة المخدّرات؟ ما حكاية هذه الأنشطة الرياضيّة، الرائجة أخيراً، التي تُنظّم لمكافحة شيء ما! هذه مثل المأدبة التي تُنظّم للتضامن مع الفقراء، فيما لا يوجد أيّ فقير بين المدعوين، وهكذا. يُقال، الآن بعد جولة البخاري وشلّته، على الدرّاجات، هناك جحافل مِن المدمنين قرّروا الإقلاع عن التعاطي! يُقال إنّ أحد المدمنين التائبين شوهد يبكي، تأثراً، عندما رأى «عصبة الهارلي» على رأس البخاري! حَلَفَ ألا يعود إليها.
ليت وزير السياحة، أفيديس كيدانيان، الذي كان راعياً للجولة، تمنّى على البخاري الكفّ عن التدخل في قضيّة «أمير الكابتاغون» (عبد المحسن بن وليد آل سعود). ذاك «الأمير» السعودي الذي شوهد، علناً، يتمتّع بخدمة خمس نجوم في مقّر توقيفه. كان هذا ليكون أجدى في مكافحة المخدّرات، صح؟ بالمناسبة، أيّ «عبقري» هذا الذي خرج بفكرة جولة «هارلي» ضدّ المخدّرات؟ عصابة «هيلز إنجلز» (ملائكة الجحيم) واحدة مِن أكثر العصابات، المنتشرة في العالم، تورّطاً في قضايا المخدرات، وهي تتخذ مِن قيادة درّاجات «هارلي» هويّة لها. الشرطة في الولايات المتّحدة نفسها تعاني معهم، والشُرطة الألمانيّة في حرب مفتوحة عليهم، كذلك في الدنمارك وأوستراليا ودول أخرى. جماعة «بنديدوس» الدوليّة، المنافسة لـ«هيلز إنجلز» في نشاطها المخدّراتي، تتخذ أيضاً مِن «هارلي» شعاراً لها. طبعاً، هناك «أوادم» يقتنون «هارلي» ويجولون بها، ولديهم جولات جماعيّة تُقام باسم النادي سنويّاً، فإلى أيّ تيار ينتمي البخاري؟ ربّما يكون لدى وليد جنبلاط معلومات أكثر عن هذا الموضوع، كونه مِن المولعين قديماً بقيادة الدرّاجات الناريّة، فيُخبر بها البخاري الذي أنهى جولته، أمس، عنده في المختارة. الغريب أنّ سعد الحريري، الذي يُحبّ «هارلي دايفدسون» جدّاً، لم يكن حاضراً أمس في الجولة السعوديّة. هو يملك عدداً مِنها، كما كان قد صرّح قبل سنوات لـ«واشنطن بوست» الأميركيّة، والمفروض أنّ السعوديّة «تُحبّه» جدّاً، فلِمَ لم تدعه للمشاركة؟
نحو ستّين درّاجة «هارلي» شاركت أمس في موكب البخاري. كلّهم مِن «الكبار». لم يكن هناك أيّ مدمن سابق، ولو على سبيل المجاملة، ولو حتّى للمتاجرة به. لو جرى بيع بعض تلك الدرّاجات الفارهة، بعضها فقط، لأمكن فتح مصح لعلاج المدمنين. هذا ما ينقص لبنان فعلاً.