تقاطعت الأجواء بين بعبدا وبيت الوسط عند القول إن الجلسة بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والمكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، عصر أمس، «كانت إيجابية ومثمرة، ولم يقتصر الحديث على مسألة العقبات التي ما زالت تحول دون ولادة الحكومة، بل تطرق الى قضية النزوح والوضع الأمني والخطة الاقتصادية التي توضع اللمسات الاخيرة عليها».خلص اجتماع بعبدا الى وضع الملف الحكومي «على المسار الذي يجب أن يوضع عليه بعدما شهد خروجاً عن مساره الصحيح في الايام الاخيرة، مع التأكيد أن لا توقيت لعملية التأليف ويمكن أن يحصل في أي لحظة».
وما قاله رئيس الجمهورية في الاجتماع أنه يرى أن الامور يجب أن تأخذ منحى افضل مما كانت عليه قبلاً، لذلك، «ستتكثف الاتصالات في الأيام المقبلة حتى يتبلور تصور معين انسجاماً ومضمون اجتماع بعبدا». هذه الاتصالات ستمهد لعقد لقاءات وصفت بأنها «ستكون مهمة».
في المعلومات، أن رئيسي الجمهورية والحكومة أكدا استمرار التعاون بينهما، وأنه لا خلل في العلاقة بينهما، وأن كل الامور التي شابتها التباسات سيحصل جهد متبادل لمعالجتها، على قاعدة ولادة الحكومة سريعاً، خصوصاً أن الحريري أبلغ عون أنه «تلقى تأكيدات من كل الفرقاء بالتزام التهدئة السياسية والاعلامية، لأن المناخات المتشنجة تعقّد الامور وتجعل كل طرف يتمسك بسقف مطالبه ولا يتزحزح عنها، بينما اعتماد الايجابية والخطاب الهادئ يسهل الكثير من الامور ويحلحل العقد المتبقية».
ونفت مصادر معنية أن يكون الحريري «قد حمل معه الى بعبدا صيغة حكومية من 24 وزيراً، لا بل لم يأت على ذكر صيغة كهذه في الاجتماع، وكل الحديث دار حول ملاءمة الاحجام ومقاربة توزيعها وفق صيغة الثلاثين وزيراً، مع بدء العمل جدياً لإزالة الالتباسات حول الحصص».
والمؤسف، حسب المصادر، أن رئيس الجمهورية «لم يتمكن من إقناع الرئيس المكلف بتمثيل النواب السنّة من خارج تيار المستقبل في الحكومة الجديدة»، والمهم «التصميم المشترك بين عون والحريري على حل العقد، بحيث يتولى رئيس الجمهورية حلحلة عقدة حصة القوات اللبنانية والحقائب التي تريدها، في حين يتولى الرئيس المكلف حلحلة عقدة التمثيل الدرزي مع النائب السابق وليد جنبلاط».
وكان لافتاً للانتباه استشهاد الحريري بعد الاجتماع مع رئيس الجمهورية بتنازل الشيعة عن وزير في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي لمصلحة توزير فيصل كرامي، وفي ذلك إشارة أو رسالة بأن بالإمكان توزير المعارضة السنيّة من حصة الشيعة أو المسيحيين.
وكان عون قد اطّلع من الحريري على حصيلة المشاورات والاتصالات التي يقوم بها من أجل تشكيل الحكومة العتيدة، وجرى البحث في بعض الامور التي لا تزال تؤخر التوصل الى الاعلان عن الحكومة في وقت قريب، وكان الرأي متفقاً على وجوب الإسراع في تذليل كل هذه العقبات.
وقال الحريري بعد اللقاء إن الدستور واضح جداً لجهة دور رئيس الجمهورية ودوري أنا شخصياً في عملية التشكيل، فكل ما يقال بالتالي من تكهنات وتوقعات لا دخل له بالصلاحيات وبدور الرئيس الذي هو الحامي الأول للدستور. وأكد «أن صلاحيات رئيس الحكومة في هذا الموضوع معروفة أيضاً، وآمل ألا يثار أي لغط حول هذه المسألة، لأن التفاهم بيني وبين فخامة الرئيس قائم حول كل التفاصيل في هذا السياق».
الحريري: «لا يحاول أحد اللعب على وتر التسوية مع فخامة الرئيس لأنه سيواجهنا معاً»


وجدّد توقعاته الإيجابية، وقال «بتنا قريبين من الحلحلة ومن حصول كل فريق على حصته كما يجب، والجميع يظهر تعاوناً في هذا السياق، ولا نفع من أي تصعيد أو مواجهة في الاعلام».
وجدّد القول إن الوضع الاقتصادي «صعب والنمو ليس كما نرغب فيه، فنسبته تصل الى 1،5 أو 2%، وهو عرضة للتراجع إذا لم نسرع في تشكيل الحكومة»، وأمل «أن نشهد زيادة في النمو الاقتصادي، خصوصاً إذا أسرعنا في تأليف الحكومة والاستفادة من مقررات مؤتمر سيدر والدراسات التي أجرتها شركة ماكنزي».
وأكد الحريري أن التسوية التي أُبرمت سابقاً مع عون «ما زالت قائمة، وقد قلت قبل الانتخابات وبعدها، وما زلت على موقفي، بوجوب حماية التسوية مهما كان الثمن، لأنها لمصلحة البلد. صحيح كانت هناك فترة سابقة شهدت بعض الاختلاف في الرأي داخل الحكومة، ولكن الجميع متفق على الاستقرار الاقتصادي والامني، وهو الذي أسس لما نشهده اليوم من استقرار. لذلك، لا يحاول أحد اللعب على وتر التسوية مع فخامة الرئيس، لأنه سيواجهنا معاً».
وعن تمثيل المعارضة السنيّة، تمنى الحريري على الاعلام تحديد الامور كما هي، «فلا يمكن اعتبار بلال عبد الله أو فؤاد مخزومي أو الرئيس نجيب ميقاتي أو أسامة سعد من المعارضة السنّية. هناك نقاش يجري وسيصل الى مكان محدد، وعند تشكيل الحكومة، سأدرس القرار الذي يجب عليّ اتخاذه».