بغداد | لم تُهدِّئ زيارة رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، لمدينة البصرة (جنوب البلاد)، التي وصلها قادماً من بروكسل، فورة الاحتجاجات الشعبية التي دخلت أسبوعها الثاني، وامتدت إلى محافظات أخرى في جنوب البلاد ووسطها، بالتوازي مع دخول المرجعية الدينية العليا على خط الأزمة أمس، وإعلانها تضامنها مع المتظاهرين. وقال ممثل المرجعية في كربلاء، عبد المهدي الكربلائي، إنه «لا يسعنا إلا التضامن مع أعزائنا المواطنين في مطالبهم المحقة، مستشعرين معاناتهم الكبيرة، ومقدرين أوضاعهم المعيشية الصعبة»، مضيفاً خلال خطبة صلاة الجمعة أن «المسؤولين في الحكومتين المركزية والمحلية مطالبون بالتعامل بجدية وواقعية مع طلبات المواطنين، والعمل على تحقيق ما يمكن تحقيقه منها بصورة عاجلة، ووضع برنامج واضح ومدروس لحل بقية المشاكل القائمة بوتيرة متصاعدة». وطالب الكربلائي بـ«اتباع سياسة حازمة وشديدة مع الفاسدين، ومنع استحواذهم على موارد البلاد بأساليبهم الملتوية، والاستعانة بالخبراء وأصحاب الكفاءات»، داعياً المحتجين إلى عدم اتباع «أساليب غير سلمية وحضارية في التعبير عن احتجاجاتهم».أما العبادي، فعقب وصوله إلى البصرة في محاولة منه لاحتواء أزمة «في غير وقتها»، عقد سلسلة لقاءات مع المحافظ أسعد العيداني، والمدير العام لـ«شركة توزيع كهرباء الجنوب»، والمدير العام لـ«شركة نفط البصرة»، أدت إلى «اتخاذ مجموعة من التوجيهات والقرارات التي تصبّ في مصلحة المحافظة وأهلها»، والتقى لاحقاً عدداً كبيراً من شيوخ العشائر ووجهاء المحافظة. ورغم ذلك، إلا أنه فشل في مهمته، بل إن وجوده أدى إلى ازدياد النقمة الشعبية، مع محاصرة المتظاهرين مقر إقامته في فندق «شيراتون» في المحافظة، واضطراره إلى الخروج من بابه الخلفي. وأكد العبادي، خلال لقائه الوجهاء، أنه سيصرف الأموال اللازمة للبصرة وما تحتاجه من خدمات وإعمار، محاولاً تهدئة المتظاهرين بالقول: «ليس لدي شك في أن المواطن البصري يتظاهر من أجل البصرة، وليس لدي شك في أن من يخرب ليس من أهل البصرة»، مخاطباً إياهم بـ«(أننا) لسنا طرفين متنازعين، بل يجب أن نضع أيدينا بأيدي بعض من أجل الإنجاز».
زار وفد من «التيّار الصدري» البصرة للقاء ممثلين عن المتظاهرين


وانسحب المشهد في البصرة على المحافظات المجاورة لها، وخصوصاً ذي قار، حيث طوّق المتظاهرون في مدينة الناصرية (مركز المحافظة) مبنى المحافظ يحيى الناصري (المحسوب على «حزب الدعوة»)، قبل أن تصل قوات أمنية كبيرة للحيلولة دون اقتحامه. ووفق شهود عيان، رفع المحتجون شعارات مطالبة بـ«إسقاط النظام»، لتنتهي التظاهرة أمام مبنى المحافظ بإصابة متظاهر واحد على الأقل. أما في ميسان، فقد اقتحم العشرات مبنى مجلس المحافظة، رافعين سلسلة من المطالب، في مقدمتها «إنشاء مجلس أعلى للإعمار، وإعادة تأهيل المحطات الكهربائية، وتوفير فرص عمل للعاطلين من العمل»، مهددين بإبقاء التظاهرات مفتوحة، ليُحرَق مقرا «حزب الدعوة» و«تيار الحكمة» ــ لاحقاً ــ من دون أن تُحدَّد هوية الفاعلين.
ولم تكن النجف، مقر «المرجعية»، أفضل حالاً من الناصرية والبصرة التي شهدت اقتحاماً للشركات الأجنبية العاملة فيها، وإيقاف حركة الشاحنات في الموانئ. وأقدم محتجون على اقتحام مطار النجف الدولي، في خطوة تصعيدية هي الأولى من نوعها في المحافظة. وأكد الناشط في تظاهرات النجف، سيف المنصوري، في حديثه إلى «الأخبار»، اقتحام المحتجين مقر «حزب الفضيلة»، ومبنى المحافظة، ومطار النجف، حيث مكثوا فيه على شكل مجموعات. وقال المنصوري إن «التظاهرات ستأخذ منحىً تصعيدياً خلال الساعات المقبلة»، مشيراً إلى أن «المتظاهرين يدرسون تحويل تظاهراتهم إلى اعتصامات مفتوحة، حتى تحقيق مطالبهم المتمثلة بتحسين الواقع الخدمي، وتعيين الشباب المتخرجين».
بدوره، أكد المرشح عن «تحالف سائرون»، رامي السكيني، زيارة وفد من «التيار الصدري» البصرة للقاء ممثلين عن متظاهري المحافظة، تمهيداً لنقل مطالبهم إلى زعيم «التيار»، مقتدى الصدر. وقال السكيني، في تصريح صحافي، إن «الوفد مستعد للقاء أي ممثل عن المتظاهرين، سواء شيوخ العشائر أو الوجهاء أو اللجان الشعبية، للاستماع إلى المطالب الحقيقية والمشروعة، تمهيداً لنقلها إلى الصدر للنظر بها».