والظاهر أن معسكر العبادي ـــ الصدر، وفي أعقاب فشل الاجتماع الشهير في فندق بابل في بغداد، أراد إلقاء آخر خراطيشه، وقلب الطاولة على منافسيه، واستباق أي تطور قد تشهده الجلسة الأولى للبرلمان، والتي يُفترض أن تنعقد صباح اليوم، بعدما رفض رئيس الجمهورية، فؤاد معصوم، تلبية «طلبات كثيرة» بتأجيلها، «التزاماً بالتوقيتات الدستورية». وبحسب مصدر قيادي في تحالف «الفتح» (بزعامة هادي العامري) تحدث إلى «الأخبار»، فإن مبعوث الرئيس الأميركي إلى العراق، بريت ماكغورك، كان يحاول الدفع في اتجاه تأجيل الجلسة، عن طريق ممارسة ضغوط على بعض الكتل السياسية، من أجل أن تطلب ذلك من معصوم، حتى لا يتسنّى لمعسكر «الفتح» ـــ «دولة القانون» (بقيادة نوري المالكي) إعلان «الكتلة الأكبر» خلال الجلسة المنتظرة.
هدّد العبادي بمقاضاة الفياض إذا تحدث باسم «النصر»
ومع فشل خطة تأجيل انعقاد البرلمان، وجد الأميركيون أنفسهم أمام تحدي اجتذاب «السنّة» إلى معسكر العبادي ـــ الصدر بأسرع ما يمكن. وهذا ما كان، إذ تدخّل وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، بنفسه لدى القوى والشخصيات «السنية»، وفي مقدمها رئيس «تحالف القرار» أسامة النجيفي، لثنيها عن الانضمام إلى معسكر العامري ـــ المالكي. لكن إذا كانت واشنطن قد نجحت في اجتذاب بعض القوى والشخصيات «السنّية»، فإن اجتياز العقبة الكردية ليس بالسهولة نفسها، بالنظر إلى أن التحالف الكردستاني ليس مستعداً للانضمام إلى حكومة يقودها العبادي، الذي باتت واشنطن تخوض معركة ولايته الثانية علناً ومن دون حرج. ووفقاً لآخر المعلومات التي وردت ليلاً من بغداد، فإن اجتماعات مكثفة انعقدت بين ممثلي تحالف «الفتح» ـــ «دولة القانون» وممثلي «التحالف الكردستاني»، في ظل أجواء «إيجابية ومثمرة»، على حدّ وصف المتحدث باسم «الفتح» أحمد الأسدي، ما يشي بإمكانية أن تشهد جلسة اليوم إعلان «الكتلة الأكبر» من قِبَل هذا الفريق، الذي بات جلياً انضمام كتلة وازنة من «النصر» إليه.
الانشطار داخل «النصر»، والذي أفقد العبادي عملياً السيطرة على تحالفه، بدت آثاره واضحة في التصريحات النارية التي أطلقها رئيس الوزراء أمس، والتي هاجم فيها بحدّة رئيس «هيئة الحشد الشعبي» المقال، مُهدِّداً بمقاضاته. وقال العبادي، في حوار متلفز، إن «ائتلاف النصر سيحضر غداً (اليوم) إلى البرلمان، وأنا كذلك بصفتي رئيس مجلس وزراء وفائزاً في الانتخابات، لكنني لن أؤدي اليمين الدستورية، لأن ذلك سيمنعني من أداء مهامي التنفيذية»، مضيفاً أن «الفياض لا يمثل ائتلاف النصر وسنقاضيه إذا تحدّث باسمه». وتابع «(أننا) لن نجازف بمصلحة شعبنا لأجل إيران أو أي دولة أخرى»، في ما بدا تناغماً واضحاً مع التحركات الأميركية، التي وصلت بحسب القيادي في «دولة القانون»، كاطع الركابي، حدّ «تهديد تحالف المحور الوطني (الكتلة السنّية) بإرجاع تنظيم داعش الإجرامي إلى المناطق السنية مجدداً»، و«قيام السعودية بضخّ المليارات لقيادات الكتل السياسية والأحزاب بتوجيه من الولايات المتحدة من أجل عرقلة تشكيل الكتلة الأكبر»، وفق النائب عن «دولة القانون» منصور البعيجي.