غزة | بعد يومين من المتابعة الميدانية وحالة الهدوء على طول حدود قطاع غزة، نقل المصريون الأجواء الإيجابية إلى الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وأن الأوضاع جاهزة للبدء في تنفيذ تفاهمات تثبيت التهدئة والشروع في التحسينات الاقتصادية والإنسانية، في وقت لا يزال رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، مصرّاً على موقفه الرافض للذهاب إلى المصالحة إلا بتسليم القطاع كاملاً «فوق الأرض وتحتها» للسلطة، بالإضافة إلى إصراره أن تمر المشاريع الدولية بإشراف رام الله عليها.تشرح مصادر، في حديث إلى «الأخبار»، أن اتصالات عدة أجرتها حركة «حماس» بالمصريين صباح أمس ومساءه لتقييم حالة الهدوء منذ الجمعة الماضي، وجميعها كانت تشير إلى «تقييمات إيجابية» لدى كل من وزير «المخابرات العامة» المصرية عباس كامل، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. تقول المصادر إن الإسرائيليين أبلغوا المصريين بأن تقييماتهم إيجابية، وأنها تمهد لاتخاذ «المجلس الوزاري المصغر» (الكابينت) قرارات لتحسين الواقع في غزة مقابل ضمان استمرار الهدوء «وفق الشروط الإسرائيلية المتمثلة بوقف إطلاق البالونات الحارقة والاقتراب من السلك الفاصل أو تخريبه».

تحسينات «غير إعلامية»
على خط موازٍ، أبلغت القاهرة «حماس» أن السلطات الإسرائيلية لن يكون لها أي موقف معلن من التحسينات، بل ستعتمد استراتيجية التنفيذ الميداني الصامت لقراراتها وذلك على مراحل تبدأ هذا الأسبوع، وتتصاعد منتصف الشهر الجاري، في حال استمر الهدوء. وبخلاف ما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن معارضة المصريين والسلطة إدخال الأموال القطرية لصرف الرواتب في غزة، قالت المصادر نفسها إن المفترض السماح بدخول الأموال قبل نهاية الأسبوع الجاري، وفق تطمينات نقلها الوفد المصري من جهة، والسفير القطري محمد العمادي من جهة أخرى، إلى قيادة «حماس» في القطاع.
أبلغت القاهرة «حماس» أنه لن يكون لتل أبيب موقف معلن من التحسينات


وكانت مواقع إسرائيلية قد تحدثت عن رفض مصري متعلق برفض من السلطة وبموقف سابق من الدوحة، لكن عملياً يتضح أن قرار إدخال المنحة القطرية هو في يد إسرائيل التي ستعطي الموافقة على ذلك في غضون يومين، وفق الإعلام العبري. أيضاً نقلت القناة الـ12 في التلفزيون الإسرائيلي أن اجتماع «الكابينت» أمس ناقش آلية إدخال هذه الأموال بصورة نهائية، وأنه «إذا استمر هذا الاتجاه من الهدوء مع غزة، فإن الطريق ممهدة إلى وقف إطلاق النار والدخول إلى التسوية وتنفيذ مشاريع إنسانية».
مع ذلك، قالت القناة «العاشرة» إنه في الاجتماع نفسه «نشأ خلاف مرة أخرى بين وزير الأمن أفيغدور ليبرمان والوزراء الآخرين بعدما كرر موقفه بأن حماس يجب أن تتعرض لضربة في غزة لكنه لم يقدم أي خطة، فيما انتقد الحاضرون رأيه وقدموا وجهة نظر معاكسة، كما وصفوا موقف ليبرمان بغير المفهوم»، كما طالب وزير التعليم نفتالي بينت بالسماح بدخول عمال من القطاع إلى فلسطين المحتلة. وفي وقت متأخر، قال موقع «والا» إن نتنياهو عقد اجتماعاً في الليل مع المبعوث الأميركي جيسون غرينبلات لبحث قضايا من بينها الخطة الأميركية للتسوية ووضع التفاهمات في شأن القطاع.
وعلى رغم الأجواء الإيجابية التي نقلتها القاهرة، وإصدار «القوى الوطنية والإسلامية» في غزة بياناً أمس تثمن فيه «الجهود المصرية الرامية لرفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني»، وكذلك إيقاف النشاطات المرافقة للمسيرات، أعلنت «هيئة الحراك الوطني لكسر الحصار» انطلاق المسير البحري الـ15 غداً بعنوان «مسيراتنا مستمرة حتى رفع الحصار»، في أقصى شمال غربي قطاع غزة.

عباس يواصل عناده
أما عن اللقاء الأخير بين عباس والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فقالت مصادر سياسية لـ«الأخبار» إن الأول لا يزال مصراً على شروطه اتجاه غزة، سواء في ملف المصالحة أو اتفاق التهدئة، إذ أكد معارضته الذهاب إلى المصالحة ما لم تلبِّ «حماس» الشروط المتمثلة في تسليم القطاع كلياً لحكومة «الوفاق الوطني». المصادر ذكرت أن «أبو مازن»، الذي غادر مصر مساء أمس متجهاً إلى العاصمة الأردنية عمان، أبدى تفهماً أمام السيسي للخطوات المصرية لاحتواء الموقف ومنع حالة الانفجار في غزة، لكنه أبدى رفضاً شديداً لتجاوزه في أي مشاريع كبرى، خصوصاً مشاريع الأمم المتحدة التي جاء بها المبعوث الأممي نيكولاي ملادينوف، والمتوقع البدء فيها خلال الأشهر المقبلة من دون إشراف السلطة عليها مباشرة.
في المقابل، حاول الرئيس المصري إقناع عباس بضرورة تمرير المشاريع التي تقر لغزة بسبب وجود إرادة دولية وموافقة أميركية وإسرائيلية عليها، ناصحاً إياه بالعودة إلى المصالحة وفق الرؤية المصرية، فيما ردّ عباس بأنه إذا استلم غزة، فإنه يريدها كاملة «فوق الأرض وتحتها». وواصل السيسي نصائحه لرئيس السلطة بألا يضع اشتراطات على المشاريع الدولية كي تمر عبر السلطة، وكذلك رجا منه وقف خطواته ضد الموظفين التابعين لسلطة غزة وإعادة رواتبهم كما كانت في السابق، «لأن ذلك لا يشكل ضغطاً على حماس» كما يظن أبو «مازن».
في غضون ذلك، قالت إذاعة «كان» الإسرائيلية أن رام الله تطالب «حماس» بتسليمها صلاحيات الشرطة في غزة ضمن المرحلة الأولى من أي اتفاق مصالحة بين الجانبين. ونقلت الإذاعة عن مصدر فلسطيني أن هذه الجزئية طُرحت خلال الاجتماع بين عباس والسيسي، كما شدد الأول على أن السلطة تريد تولي المسؤولية عن جباية الضرائب والجهاز القضائي والمعابر والوزارات، فيما وعد رئيس السلطة بأنه لا ينوي في الوقت الراهن تشديد الإجراءات العقابية على القطاع، وأنه سيمنح القاهرة الوقت الكافي لاستكمال مساعي المصالحة.
في المقابل، تتمترس «حماس» حول موقفها الداعي إلى تنفيذ المصالحة وفق اتفاقي عام 2011 و2017، علماً أن الاتفاق الثاني يقضي باستلام الحكومة الوزارات في غزة بالتزامن مع اعتراف رام الله بالموظفين الذين عينتهم الحركة ودفع رواتبهم الشهرية.
إلى ذلك، نقلت مصادر إسرائيلية خبر استشهاد الشاب عماد شاهين من غزة في مستشفى «سوروكا» في مدينة بئر السبع المحتلة، إثر إصابته برصاص الاحتلال مساء أول أمس بعد اجتيازه حدود غزة واعتقاله.