خمسة انتصارات في خمس مباريات، وتعادل وحيد من دون أي خسارة. هذا هو رصيد المدرب بوريس بونياك مع فريق النجمة حتى هذه اللحظة، أي إن الصربي لم يتذوّق طعم الخسارة، لكن رغم كلّ شيء طفت في الأيام القليلة الماضية إلى العلن المطالبات بإقالته من منصبه، والسبب هو الأداء لا النتائج. الواقع أنه لا يختلف اثنان على أن أداء النجمة لم يكن الأفضل في المراحل الأولى من عمر البطولة، لكنه بالتأكيد حقق المطلوب بحصده الانتصار تلو الآخر. مسألة أبقت النار تحت الرماد حتى سقط بونياك وفريقه في فخ التعادل، فكانت المناسبة لمراجعة المدرب الصربي والعمل على مناقشته في الملاحظات وسؤاله عن استراتيجيته الجديدة المطلوبة. وحسب كثيرين، فإنه من الظلم انتقاد النجمة إلى حدٍّ كبير ومدربه أيضاً بسبب التعادل السلبي في البقاع، ولو أن أيّ كلام يجب أن يلحظ الصعوبات التي عاناها الفريق، فهناك في ملعب بلدة النبي شيت خاض «النبيذي» اللقاء على أرضية لا تناسب لاعبيه المحاربين، ولا تسمح لهم بالتحرك بحريّة بسبب ضيق الملعب، وهي نقطة استغلها البقاعيون لفرض التعادل على ضيوفهم وعرقلتهم للمرة الأولى هذا الموسم. ذلك لا يلغي طبعاً أن أداء النجمة كان سيئاً رغم النتائج في المراحل السابقة، ما أقلق جماهير «نادي الوطن» العريضة.
بونياك في الأصل مدرب عنيد لا يقبل التدخل في عمله

لكن «الأخبار» علمت أنه تمّ تسجيل ملاحظات كثيرة، ومن أكثر من جهة، حول مقاربة بونياك للقاء، بعضها ربما محق والبعض الآخر قد يكون بعيداً عن الواقع، وخصوصاً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الفترة القصيرة التي قضاها الصربي مع الفريق لتحضيره، وعدم تمكّنه من اختيار عناصر الفريق باستثناء المهاجم البرازيلي فيليبي دوس سانتوس، والتحاق اللاعبين الجدد بشكلٍ متأخر في تشكيلته. في المحصلة، الجميع يتفق على أن أداء النجمة كان دون المستوى المأمول أمام البقاع، وهنا وبحسب المعلومات تمّ تحميل المسؤولية للمدرب في شقين: الأول هو خوضه اللقاء بتحفّظٍ دفاعي، والثاني حول خياراته في التشكيلة وتحديداً على صعيد المراكز. ويعتبر القيّمون على نادي النجمة أن الفريق «النبيذي» يمتلك لاعبين أصحاب مستوى عالٍ على الصعيد الفردي، ولديهم القدرة على فرض شخصيتهم على كل الخصوم، لكن هذا لا يحصل بسبب الاستراتيجية التي يتبعها المدرب على أرض الملعب، وهو أمر أكده مدير الكرة مازن خالد الذي أعدّ تقريراً فنياً حول المراحل التي مرّت وقدّمه إلى رئيس النادي أسعد صقال قبل أن يجتمع الاثنان مع بونياك. ويوضح خالد: «الفريق لم يظهر بهوية نادي النجمة، وملاحظتنا هي حول التحفظ الدفاعي المبالغ فيه أحياناً. قلنا للمدرب إننا نريد فريقاً بشخصية قوية يفرضها على خصومه في الملعب، فنحن تمكنّا من فعلها حتى في أيام النتائج المعلّبة التي عرفها الدوري». وهذه النظريات، تعيد السؤال الرئيسي إلى الواجهة: هل النجمة فريق متكامل يعتمد على لاعبين مميزين في المراكز كافة، أم أنه «يتّكل» على مهارات بعض اللاعبين وعلى «التوفيق الإلهي»؟ في هذه الأجواء، تُركت الحرية لبونياك للعمل منذ بداية الموسم. هو أصلاً مدرب عنيد لا يقبل أيّ تدخّل في عمله، إذ حتى عندما استبعد بشكلٍ مفاجئ السنغالي ادريسا نيانغ عن تشكيلته الأساسية مُشركاً علي بزي بدلاً منه، لم يتجرأ أحد على مناقشته بهذا القرار، علماً أنه ومنذ وصوله أراد استبدال نيانغ بلاعبٍ أجنبيّ آخر من دون أن يحصل على مبتغاه. لكن ما طلبه القيّمون على النجمة من بونياك هو خلق شكل واضح للفريق دفاعياً وهجومياً، فهم توقفوا عند اختيار التشكيلة، وتحديداً على صعيد مراكز بعض اللاعبين، رغم أن المدرب الصربي نجح في قراءة المباريات التي خاضها وكان واقعياً، وحتى في اللقاء أمام البقاع اتّخذ قراراً بدا صحيحاً بإدخال ابو بكر المل ومحمد جعفر في الشوط الثاني لإدراكه أنه لن يتمكن من تسجيل هدفٍ إلا بوجود لاعبين مهاريين يمكنهم خرق التكتل الدفاعي لأصحاب الأرض. لكن خالد يعتقد أن الاتهامات للمدرب بعدم تطوير الفريق ربما مبالغ فيها «لكننا لا نخفي أن عدم رضانا عن أداء الفريق كان منذ الجولة الأولى، ولا نزال ننتظر أن يتغيّر الوضع، ولدينا الثقة بإمكانية حدوث التغيير، إذ خلال اجتماعنا مع المدرب بدا مقتنعاً بما عرضناه أمامه ومنفتحاً على كل الحلول». وأكد خالد بأنه شخصياً لم يفرض أيّ أسماء على بونياك لدخول التشكيلة الأساسية «وقد سأله الرئيس عن هذا الموضوع، وأكد أنني أتناقش معه بأي شيء فنيّ انطلاقاً من مبادئ كروية لا من خلال عرض أي فكرة عليه أو وضع ضغطٍ لاختيار هذا اللاعب أو ذاك في التشكيلة».
وعلمت «الأخبار» أنه رغم الجو الإيجابي سيكون بونياك تحت المجهر في الأسابيع المقبلة، انطلاقاً من التمارين المنتظر أن تحاكي ظروف المباريات المقبلة للنجمة، وذلك في موازاة الطلب إليه توظيف اللاعبين بحسب قدراتهم وبحسب نقاط قوة وضعف الخصوم. وهنا سيكون الاختبار التكتيكي لبونياك بالنسبة إلى القيّمين على النجمة، إذ بدا جليّاً أن الفريق لا يمكن أن يعتمد على نجمه حسن معتوق فقط، فإذا أُوقف الأخير بخطة دفاعية كما حصل في النبي شيت عجز الفريق عن التسجيل.
لكن هل «الحق» كلّه على المدرب؟ في الأصل، فئة كبيرة من مشجعي النجمة لم تكن موافقة على طريقة مجيئ بونياك، وكانت تفضّل أداء النجمة مع طارق جرايا. والجمهور نفسه، لا يرحم لا المدرب ولا اللاعبين. لقد صبّ جام غضبه على بعض اللاعبين عقب المباراة أمام البقاع واتهمهم بالتخاذل وعدم أحقيتهم بارتداء قميص النجمة، إذ غاب عن بعضهم في مباريات كثيرة الأداء التنافسي والرغبة في الفوز، فبدا الفريق محدوداً من الناحية الهجومية مثلاً، وخصوصاً بوجود لاعبين ليس لديهم الجرأة أو الإمكانات للاندفاع إلى الأمام أو لأن المدرب طلب منهم مهاماً محدودة. وفي هذا الإطار، كشف خالد عن مواجهة حصلت مع اللاعبين لوضعهم أمام مسؤولياتهم: «إذ إن ارتداء قميص النجمة هي مسؤولية كبيرة. لكن في المقابل، بعض اللاعبين غير معتادين على الطريقة الدفاعية وغير قادرين على الالتزام بها، وهذا ما نسعى لمعالجته سريعاً». يشير كلام الأخير إلى عدم رضى تام عن المدرب، لكنه يؤكد في الوقت عينه: «رغم الهجمة الكبيرة والاجتهادات الكثيرة لا نفكر حالياً في استبدال بونياك بل سننتظر الأفضل وطبعاً لقب البطولة في نهاية المطاف».