غزة | على عكس التوقعات التي رافقت زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، إلى القاهرة، تعقّدت الحوارات بين الحركة والسلطات المصرية. فعلى صعيد المصالحة الفلسطينية، لم يعد المصريون عاجزين عن التقدم في الملف فحسب، بل عن جمع الأطراف الفلسطينية على طاولة حوار واحدة. أما في ملف التهدئة، فلم تقدّم القاهرة جديداً غير المهدئات لمنع الانفجار.وفي وقت غادر وفد «الجهاد الإسلامي» قبل يومين، ووصل أمس وفدا «الجبهة الشعبية» و«الديموقراطية»، كانت هناك صعوبات في التواصل مع وفد «حماس» هناك على مدى الأيام الماضية، ما فتح المجال واسعاً أمام الإشاعات حول قضايا عدة بين الحركة والمصريين. لكن ما أكدته مصادر مطلعة على اللقاءات خلال الأسبوع الماضي، أن ملف المصالحة تَعرقل كلياً بعد رفض «فتح» مبدأ الحوار المباشر مع «حماس»، أو حتى وقف إجراءاتها الأحادية المتعلقة بتشكيل حكومة جديدة، وكذلك زيادة العقوبات على قطاع غزة. وعلمت «الأخبار» أن «فتح» اعتذرت عن عدم تلبية طلب القاهرة عقد لقاءات لديها، طالبة تأجيل ذلك إلى نهاية الشهر الجاري بحجة انشغالها بإجراءات تشكيل الحكومة الجديدة، مع أن مصر اقترحت أن يشمل الحوار جميع فصائل «منظمة التحرير»، و«حماس» و«الجهاد»، علماً أن الأخيرتين رأتا أن أي لقاء من دون حضور رئيس السلطة محمود عباس، شخصياً، يشير إلى «تهرب فتحاوي واضح» من المصالحة.
رفضت «المخابرات المصرية» طلباً لهنية بالسفر إلى موسكو


مع ذلك، يواصل المصريون محاولاتهم إقناع «فتح» بعقد لقاءات جديدة في ظلّ وجود هنية في القاهرة. وفي الوقت نفسه تستمر القاهرة في رفض أي تدخلات عربية أو دولية في هذا الملف، مشددة في اللقاءات الأخيرة على ممانعتها خروج هذا الملف من يدها، لأن أياً من الدول الأخرى (في إشارة إلى روسيا) «ليست لديها خبرة أو قدرة على الضغط كما تفعل مصر، التي تدير المصالحة سياسياً وأمنياً منذ أول اتفاق للفصائل الفلسطينية عام 2005».

أزمة سفر هنية
انطلاقاً من ذلك، رفضت «المخابرات المصرية» طلباً لهنية بالسفر إلى موسكو لتلبية دعوة الأخيرة للحوار، إذ قالت إن الدعوة «غير رسمية»، ولا تشمل كبار قادة الفصائل، وإنها موجّهة من مركز دراسات تابع للخارجية الروسية. هذا الرفض أثار غضب «حماس» التي قابلته بطلب لخروج هنية في جولة خارجية الآن، هدفها ترتيب ملفات الحركة والالتقاء بأطرها في الخارج، إلى جانب عقد لقاءات مع فصائل أخرى في عدد من الدول العربية والإسلامية. في المقابل، ذكرت مصادر أخرى في «حماس» أن موضوع سفر هنية «لم يكن مطروحاً خلال المحادثات أصلاً»، وأن برنامج زيارته كان محصوراً بمصر فقط. وأضافت هذه المصادر أن «الدعوة التي وجّهتها موسكو يقيمها مركز دراسات، وتقرّر أن يشارك عضوا المكتب السياسي موسى دودين، وموسى أبو مرزوق، فيها» فقط، بخلاف الدعوة الرسمية من الخارجية التي تأجّلت إلى شهرين على الأقل.
وفي شأن العلاقات الثنائية، علمت «الأخبار» أنه تم الاتفاق على تسوية الخلافات بين «حماس» والمصريين، إذ ناقش هنية قضية عناصر الحركة المخطوفين، طالباً الإيفاء بتعهّدات وزير المخابرات عباس كامل، العام الماضي في هذا الملف، وهو ما وعدت السلطات المصرية بحلّه قريباً. أيضاً، جدّدت مصر تعهّداتها بالتخفيف عن الفلسطينيين في غزة عبر فتح معبر رفح البري بصورة متواصلة، وزيادة عدد الشاحنات التجارية التي تدخل القطاع، على رغم رفض السلطة الفلسطينية هذين البندين. يشار هنا إلى أن وزير الأوقاف في رام الله، يوسف ادعيس، أعلن قبل أيام موافقة السلطات المصرية على إعادة تسير رحلات العمرة من غزة، إذ ستسمح بسفر 1060 معتمراً أسبوعياً.

شهيدان في غزة
ميدانياً، استشهد فلسطينيان وأصيب 17 آخرون، جراء اعتداء جيش الاحتلال على المشاركين في «مسيرات العودة» شرق قطاع غزة أمس. إذ أعلنت وزارة الصحة استشهاد حمزة اشتيوي (18 عاماً) جراء تعرّضه لعيار ناري في الرقبة، إضافة إلى الفتى حسن إياد شلبي (14 عاماً) برصاصة في الصدر، فيما كانت إحدى الإصابات خطيرة جراء رصاصة في الرأس.
إلى ذلك، أُعلن أمس وفاة الأسير ياسر حامد اشتية (36 عاماً، من بلدة تل، غرب مدينة نابلس، شمال الضفة المحتلة) داخل سجن «ايشل» في بئر السبع، في ظروف غامضة، ليكون الأسير الثاني الذي يقضي داخل سجون العدو خلال أسبوع واحد. ويتهم العدو، حامد، بقتل مستوطن عام 2009 فتم الحُكم عليه إثرها بالسجن المؤبد. وقبل أيام، استشهد الأسير فارس بارود (53 عاماً)، بعدما قضى 28 سنة في السجون، جراء الإهمال الطبي المتعمّد.