من الحدود مع كولومبيا، إلى أروقة مجلس الأمن الدولي، نقلت الولايات المتحدة ساحة الهجوم على فنزويلا. إلا أن الوضع في نيويورك بدا منازلة دولية، لم يقف فيها نظام كاراكاس وحيداً. من جديد، استخدمت كلّ من روسيا والصين حق النقض (الفيتو)، محبطتَين مشروع القرار الأميركي في شأن الأزمة الفنزويلية، والذي حظي بتأييد 9 أعضاء، فيما رفضته جنوب أفريقيا بجانب موسكو وبكين، وامتنع 3 آخرون عن التصويت هم مندوبو: إندونيسيا وغينيا الاستوائية وساحل العاج.المنازلة الدولية هذه المرة لم تقتصر على إحباط القرار الأميركي، بل تعدّته إلى طرح موسكو مشروع قرار بديلاً، يندّد بـ«التهديدات باستخدام القوة» ضد فنزويلا، والذي تلوّح باللجوء إليه الولايات المتحدة. المشروع الروسي، الذي طُرح أيضاً في جلسة أمس، حظي بتأييد الصين وجنوب أفريقيا وغينيا الاستوائية، لا سيما النص الذي يؤكد على «الحاجة إلى الاحترام التام لمبادئ الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلال في تقديم المساعدة الدولية».
وقفة تضامنية مع فنزويلا في صنعاء أمس أمام مبنى السفارة الأميركية المغلقة (الأناضول)

وكان مشروع القرار الأميركي يدعو إلى إجراء «انتخابات رئاسية حرة ونزيهة»، إضافة إلى دعم إدخال المساعدات الإنسانية الأميركية «بلا عراقيل»، وهو ما أفشلته القوات الفنزويلية على الحدود مع كولومبيا، وتصرّ كاراكاس على رفضه والتشكيك في الهدف منه. ورأى السفير الروسي، فاسيلي نيبيزا، أن مشروع القرار الأميركي لا سابق له، ومؤدّاه «عزل رئيس دولة»، متهماً الولايات المتحدة بـ«التعنّت في تصعيدها»، وبأن الهدف منه هو «تغيير النظام». وهو ما دفع موسكو إلى تضمين مشروع قرارها المضاد عبارة «احترام الحياد والنزاهة والاستقلال في تقديم المساعدة الدولية»، في إشارة إلى الأهداف الأميركية وراء المساعدات المقدَّمة لفنزويلا.
وشهدت جلسة مجلس الأمن مواقف صخبة من الأطراف، إذ هاجم المندوب الفرنسي، فرنسوا ديلاتر، المشروع الروسي، معتبراً أنه لا يتضمّن بتاتاً كلمة «إنسانية»، فيما «لا يمكن أن ينكر أحد الأزمة الإنسانية وتداعياتها على المنطقة بأسرها». من جهته، رأى المبعوث الأميركي في شأن فنزويلا، إليوت أبرامز، أن «الوقت حان لانتقال سلمي إلى الديموقراطية» في فنزويلا.
فشلت موسكو أيضاً في تمرير مشروعها المضاد


وإزاء الفشل الدولي في تمرير موقف رسمي من الأمم المتحدة ضد كاراكاس ورئيسها نيكولاس مادورو، يواصل رئيس البرلمان المعارض، الانقلابي خوان غوايدو، جولة إقليمية لتحشيد الدعم لصالحه ضد النظام الفنزويلي. وزار غوايدو البرازيل، حيث أعلن، إثر اجتماعه بالرئيس جايير بولسنارو، أنه ينوي العودة إلى فنزويلا «في الأيام القليلة المقبلة على رغم التهديدات»، في تحدٍّ لقرار السلطات الفنزويلية اعتقاله كونه خالف أمراً قضائياً بعدم مغادرة البلاد. ويبدو أن غوايدو سيواصل حملة تحشيد الدعم الإقليمي؛ إذ بعد كولومبيا والبرازيل سينتقل إلى باراغواي، حيث كتب رئيسها ماريو عبدو بنيتز في تغريدة: «سيزورنا في القصر الرئاسي صديقنا العزيز الرئيس خوان غوايدو».
في الأثناء، نشر جهاز الهجرة الكولومبي معلومات عن أن 567 عنصراً في القوات المسلحة الفنزويلية اتصلوا بالجهاز طلباً للمساعدة، وانشقوا عن قواتهم، ووصلوا عبر المناطق الحدودية إلى كولومبيا، وذلك منذ 23 شباط/ فبراير الماضي، تاريخ إفشال القوات الفنزويلية مساعي إدخال المساعدات الأميركية. لكن السلطات الكولومبية لم تفصح عن تفاصيل في شأن المنشقين المزعومين، واكتفت بالقول إنه ستتم دراسة كل حالة و«إذا كانوا لا يشكلون تهديداً لأمن البلاد، فإنهم سيُمكَّنون من ملء طلبات اللجوء».