ينعقد مجلس الوزراء اليوم متخففاً من خطة الكهرباء التي لم تنه اللجنة الوزارية مناقشتها بعد، إذ ستعقد اجتماعاً مباشرةً بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء لاستكمال عملها. لكن في المقابل، فإن بنداً آخر سيحتل صدارة الاهتمام، وهو بند إعفاء 14 من كبار مكلَّفي الضرائب (مصارف وشركات عقارية وتجارية) من دفع غرامات مُتراكمة عليها منذ أكثر من عقد، وتصل قيمتها إلى 115 مليون دولار.وبعد أن كشفت «الأخبار» أمس إدراج رئاسة مجلس الوزراء كتاباً مرفوعاً إليها من وزير المال، علي حسن خليل، منذ أيلول 2017، على جدول أعمال جلسة اليوم، أوضح خليل أن الوزارة لم تقترح إعفاءً إنما الواجب القانوني بموجب القانون 662 المادة الثالثة، يفرض أن تعرض الغرامات التي تفوق مليار ليرة على مجلس الوزراء. وقال، في تصريح من السراي الحكومي، إن وزارة المال أرسلت إلى مجلس الوزراء هذا الطلب لسببين، الاول عدم تمكّنها من تحصيل واردات ضريبية من الاشخاص الذين يتعاملون مع هذه الشركات لانهم لم يستطيعوا الاستحصال على براءات ذمة، والثاني عدم تمكننا من القيام بالتحصيل الجبري على هذه الشركات بغراماتها من دون أن يبت مجلس الوزراء بهذا الطلب، لأن القانون ينص على أنه عندما يتقدم صاحب التكليف بطلب إعفاء، على مجلس الوزراء أن يبت بهذا الطلب إما رفضاً أو قبولاً وتحديد النسب. وأكد خليل أهمية أن يتخذ المجلس قراراً، موضحاً أن رفض مجلس الوزراء للإعفاء سيسمح للوزارة بأن تفرض على الشركات جبرياً التحصيل، فيما هم اليوم يمتنعون عن تسديد ما هو متوجب عليهم، إلى حين البت بطلبهم.
وعليه، فإن مجلس الوزراء سيكون اليوم أمام الاختيار بين الحرص على المال العام وعدم تشجيع المتهرّبين من الضرائب على التمادي في مخالفاتهم، وبين الاستمرار في نهج عفا الله عما مضى، الذي اعتاد عليه أصحاب الرساميل، ومعظمهم ممثل في السلطة، لتخطي القانون.
كذلك، فإن وجود رئيس الحكومة على رأس السلطة التي ستبحث طلبات إعفاء 14 مكلفاً من الغرامات التي نتجت عن تهرّبهم من موجب التصريح عن أعمالهم وأرباحهم والرواتب والأجور والـTVA، وكذلك التهرّب من موجب تسديد الضريبة، يجعله في موقع المقرر والمستفيد معاً. وهو ما يشكل تضارباً فاضحاً في المصالح، فرئيس الحكومة يملك أسهماً في أكبر مؤسستين متهربتين من الضريبة، أي سوليدير وبنك البحر المتوسط، اللتين تتخطى الغرامة عليهما معاً الخمسين مليون دولار.

لجنة الكهرباء
بعد الجلسة مباشرة، ستكون اللجنة الوزارية المكلفة درس خطة الكهرباء المقدمة من وزيرة الطاقة ندى بستاني على موعد مع استكمال عملها، بعد أن اتفقت أمس على أكثر من نقطة أبرزها الدمج الكامل بين المرحلتين المؤقتة والدائمة، فلا يمكن لأي شركة أن تقدم عرضاً منفصلاً لهذه المرحلة أو تلك. كما أن السعر للمرحلتين سيقدم منذ اللحظة الأولى، بما يضمن الإسراع بالبدء بالمرحلة الدائمة (التي سينخفض فيها السعر)، كما يضمن عدم تعطيل تلك المرحلة. كذلك، سيفتح المجال أمام العارضين لتقديم أكثر من سعر، تبعاً لنوع الفيول المستعمل.
خليل: رفض مجلس الوزراء للإعفاءات سيسمح بالتحصيل جبرياً

ورغم أن وزير الإعلام جمال الجراح أعلن، بعد اجتماع اللجنة، أن هذا الحل لا يستبعد أي خيار للفترة المؤقتة، إذا كانت كلفته أقل، طالما أنه جزء من الحل الدائم، بغض النظر إن كان معملاً على البر أو في البحر، فإن مصادر في اللجنة أكدت أن هذه النقطة لم تُحسم تماماً، إذ أن هناك سعياً لأن يكن المؤقت جزءاً من الدائم لا منفصلاً عنه من الناحية التقنية، منعاً لتكبد تكاليف إضافية يمكن تجنبها. ولذلك، فإن أحد الحلول المطروحة هو أن يبدأ العمل فوراً على إنشاء المعامل الدائمة، بحيث يبدأ تشغيل المجموعة الأولى من المعمل، فور انتهاء إنشائها، وهكذا دواليك.
كذلك حسمت اللجنة مسألة الاستملاكات في سلعاتا، حيث تم التراجع نهائياً عن الاستملاكات التي كانت مقترحة في الخطة، والتي قدرت كلفتها بـ200 مليون دولار. وتبين للجنة، بحسب أحد أعضائها، أن الكلفة التقديرية التي قدمتها كهرباء لبنان، تشمل الاستملاك لبناء معملين في سلعاتا وليس واحداً، الأول جزء من الخطة الحالية والثاني يبدأ بناؤه عام 2027. ولذلك، صرفت اللجنة النظر عن المعمل الثاني. وتبين أن للوزارة قطعة أرض قد تكفي لبناء المعمل الأول، وفي الحد الأقصى قد يحتاج الأمر لاستملاكات بسيطة.
أما بشأن الجهة التي ستجري المناقصة، فلم يحسم الأمر بعد، وإن رست الخيارات على اثنين، إما في إدارة المناقصات أو عبر اللجنة الوزارية (بالتعاون مع إدارة المناقصات) التي ستتحول إلى إدارة تستلم وتفض العروض! ورغم أن هذا الأمر سيكون مدار بحث اليوم، إلا أنه صار محسوماً أن اللجنة ستنقل الخيارين إلى مجلس الوزراء على أن يتخذ القرار بشأن وجهة المناقصة. وإلى ذلك الحين، تسعى اللجنة إلى تمهيد الأرضية اللازمة التي تسمح لإدارة المناقصات بإجراء المناقصة. إذ خرجت آراء تؤكد أن قانون المحاسبة العمومية يتعامل مع العقود التي تنفذ لصالح الدولة، ولا يلحظ إجراء إدارة المناقصات لمناقصات على أساس عقود BOT.

حصر إجراء مناقصة الكهرباء بين إدارة المناقصات واللجنة الوزارية


ولأنه في كل الأحوال يُفترض أن يصار إلى تمديد العمل بالقانون 288 الذي يسمح للقطاع الخاص بإنتاج الطاقة، قبل إنشاء هيئة المنظمة لقطاع الكهرباء، فإن اقتراحاً يتم تحضيره ويقضي بالسماح بتخطي البنود التي تعرقل إجراء إدارة المناقصات للمناقصة. وبالرغم من هذا التوجه، إلا أن في اللجنة من يؤكد أن إدارة المناقصات قادرة على إجراء المناقصة حالياً، والأمر لا يحتاج إلى أي تعديل.
في خلفية كل النقاشات، تبقى الأولوية لعدم زيادة العجز، علماً أن هناك شكوكاً جدية في إمكانية خفض الهدر وزيادة الجباية والتحصيل قريباً. ومع ذلك، أشار الجراح إلى أنه ابتداء من العام 2019، سيتم خفض الهدر التقني وغير التقني، بما يحقق وفرا يقدر بين 200 و400 مليار ليرة. أضاف: «حين نكون قد أمّنا طاقة دائمة بحدود العشرين ساعة، نبدأ بالتفكير في زيادة التعرفة، مع الحفاظ على كمية كهرباء معينة للطبقات الفقيرة كي لا يرتفع السعر عليها». وبكثير من التفاؤل، قال الجراح: «إذا انتهينا خلال هذا الأسبوع، نحتاج بين ثلاثة وأربعة أشهر لنتمكن من التلزيم، ستة أشهر للانتهاء من المعامل المؤقتة، ما يعني أنه في الأشهر الأولى من العام 2020 نكون قد أمنا الـ1450 ميغاواط أو أقل بقليل».