لا أحد في عالم الأمن يتوقع توقف التفجيرات، بل على العكس، هناك معلومات أكيدة عن استعدادات لعمليات إجرامية جديدة «حيث أمكن»، بحسب قاموس هذه المجموعات التي تتلقى أمراً واحداً: المطلوب جعل جمهور حزب الله يدفع ثمن ما يقوم به الحزب. الجهد العسكري القائم في سوريا لمواجهة قواعد أساسية لهذه المجموعات يواكبه عمل أمني من نوع خاص. نوع من المكافحة والاستعلام الذي يتيح اختراق هذه المجموعات، وبالطرق التي تتيح التعرف إلى خارطة العمل، ومناطق التحرك، وبنك الأهداف، وأدوات الجريمة، وبنية اتخاذ القرار، وفريق التجهيز، ومكانه، وكيفية اصطياد الشباب الانتحاريين، وكيفية تجهيزهم ليوم الموت.

هذا النوع من الأمن يحتاج الى جهد خاص، الى بشر من نوع خاص، والى عقل قيادي من نوع خاص، والى إرادة من نوع خاص، والى مثابرة من نوع خاص، وكل ما يضاف من إمكانات مادية ولوجستية، يتحول عاملاً مسرعاً في تحقيق النجاحات الكبيرة القائمة، علماً بأنه ليس من مصلحة أحد نشر كل الإنجازات التي حالت دون موت العشرات في عدد من مناطق لبنان.
ما تعرّف إليه المواطنون، أمس، كان ثمرة لهذا النوع من العمل الأمني الخاص الذي لا يصل الى نتيجة كاملة لولا أن من يقوم به يعرف أن عليه هو، وهو فقط، تقع مسؤولية منع الجريمة. وهو، في موقعه، ليس متطوعاً أو موظفاً ينتظر راتب آخر الشهر، وهو، أيضاً، ليس شخصاً لا نعرفه، لكنه شخص يعرف أن الخط الذي انتمى اليه يحتاج إليه هذه الايام بأكثر ممّا احتاج إليه في كل الوقت الذي مضى. وهو شخص له حاجاته، وعنده طموحاته، ولديه عائلة، أم وأب وإخوة وزوجة وأولاد وجيران وأصحاب، ويعلم علم اليقين أن هؤلاء صاروا هدفاً دائماً، مفتوحاً ليل نهار، وأن علاج هذه الجريمة لا يقف عند معاقبة القاتل أو من أرسله فقط، بل يقع النجاح الحقيقي في منع وقوع الجريمة.
في لبنان، اليوم، رجال منتشرون في أمكنة ومؤسسات مختلفة؛ مقاومون، جنود وضباط، مواطنون مخلصون. لهؤلاء جميعاً، الذين لن نتعرف إلى أسمائهم جميعاً، ولا حتى ـــ ربما ـــ بعد استشهادهم... لهؤلاء جميعاً كل الحُبّ!