فصلٌ جديد من «حرب الوكالة» التي يخوضها التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، بدأ خلال اليومين الماضيين، بعد ادعاء مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس على المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، بجرم مخالفة قرار قضائي، يتعلّق بعدم استجابة عثمان لاستنابات القضائية أصدرها جرمانوس. ومع أن كلا الطرفين، قوى الأمن الداخلي وفرع المعلومات من جهة، وجرمانوس من جهة ثانية، يدّعيان «المهنية» و«الحرب على الفساد»، إلّا أن أحداً من السياسيين في البلاد، لا يصدّق بأن المعارك الأخيرة ليست جزءاً من الصراع على النفوذ الأمني والقضائي بين التيارين. وأن الحرب الحالية، هي جزء من رسم مشهد التحولات في النظام السياسي، الذي بدأ بوصول العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، وتآكل دور رئاسة الحكومة والحريرية السياسية شيئاً فشيئاً، وتالياً المؤسسات التي تعبّر عنها وعلى رأسها قوى الأمن الداخلي.وبحسب المعلومات التي حصلت عليها «الأخبار»، فإن جرمانوس ادعى على عثمان بجرم «مخالفة قرار قضائي» وهو عدم استجابة عثمان للاستنابات القضائية المتعلّقة بمخالفات حفر الآبار الارتوازية والبناء من دون ترخيص. وأحال جرمانوس ادعاءه على قاضي التحقيق العسكري فادي صوّان.
وبصرف النظر عن آراء القوى السياسية، فإن مصادر متبعة تسجّل مخالفتين واضحتين سجّلهما كل من عثمان وجرمانوس. فالأول لم ينفّذ الاستنابات القضائية المتعلقة بمخالفات حفر الآبار الارتوازية والبناء، لأنه المسؤول الأول عن هذه المخالفات. وكان سبق لـ«الأخبار» أن أشارت إلى هذه المخالفات في تحقيقات منذ ما قبل الانتخابات النيابية. في المقابل، كان سبق لجرمانوس، أن رفض طلب السلطة القضائية الاستماع إليه في ملف ورد اسمه فيه على خلفية التحقيق مع مشتبه بهم كونهم «سماسرة قضائيين»، ورفض الخضوع للتحقيق لدى هيئة التفتيش القضائي بذريعة أنّ القضاة العاملين في المحكمة العسكرية غير مشمولين بسلطة التفتيش القضائي. وبحسب المصادر، فإنّ مسعى سياسياً بُذل للحؤول دون خضوعه للتحقيق بداية، قبل أن يعود ويمثل مقدِّماً دفعاً بأنّ هيئة التفتيش القضائي لا يُمكنها مساءلته، لكون مركزه العسكري يُخرجه من دائرة القضاة الخاضعين لسلطة هيئة التفتيش. إلا أن حالات مشابهة حصلت في السابق، تُظهر أنّ اثنين من القضاة المدنيين العاملين في المحكمة العسكرية سبق أن جرى استدعاؤهما للمثول أمام هيئة التفتيش القضائي حيث جرت مساءلتهما، ليُصار إلى اتهام أحدهما ومحاكمته ثم إنزال عقوبة بحقه. وفيما تحمّل مصادر معنية التيار الوطني الحر مسؤولية دعم قرار جرمانوس، ترد مصادر التيار بأن ما يجري في ملف مكافحة الفساد وتبعاته امور قانونية لا صلة للتيار بها. ولم يتّضح بعد موقف الرئيس سعد الحريري من قرار جرمانوس، إلا أن معنيين توقعوا أن يتدخّل الحريري بدوره لحماية عثمان.
من جهة ثانية، استمرت الحكومة أمس في نقاش مواد مشروع الموازنة. ووصل النقاش أمس إلى المادة 25، وجرى نقاش عدّة نقاط مهمة أبرزها حول صندوق تعاضد القضاة وقوى الأمن الداخلي، وإقرار تنزيل الإعفاءات عن الغرامات من 90% إلى 85%. واعترض عدد من الوزراء أبرزهم التيار الوطني الحر على بند الإعفاءات، في مقابل دفاع وزراء تيار المستقبل بذريعة الأزمة المالية وضرورة مساعدة الشركات التي تتعثر بالغرامات.
جرمانوس رفض الخضوع للتحقيق امام التفتيش القضائي بذريعة عمله في المحكمة العسكرية


وتتحدث المادة 15 في الموازنة، عن تعديل مواد في قانون السير الصادر العام 2012، والتي تعطي الحق لصندوق تعاضد قوى الأمن الداخلي وصندوق تعاضد القضاة بتوزيع قيمة محاضر السير على الصندوقين. وكان وزير المال قد اقترح في مشروع الموازنة بأن يتم استيفاء الغرامات كاملة لصالح الخزينة العامة. إلّا أن وزيري العدل الحالي ألبرت سرحان والسابق وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، قادا جبهة المعترضين على هذا الاقتراح. بدوره سأل الوزير جبران باسيل عن خطة الحكومة في حال اعترض القضاة وقاموا باضرابات، مشيراً إلى أن القضاة في المرة الماضية اعترضوا على القرارات الحكومية فاضطرت الحكومة إلى العودة عنها، وعمّا إذ كان سيحصل ذات الأمر هذه المرّة. وبعد نقاش طويل، تم التوصّل إلى طرح تنزيل 30 أو 35% من قيمة استفادة صندوقي التعاضد لصالح خزينة الدولة من محاضر السير، وتقرّر تأجيل البحث في هذه النقطة لحين إعداد نص جديد للاقتراح. وبحسب مصادر «الأخبار»، فإن أحد الوزراء توجّه إلى زملائه بالحكومة سائلاً إياهم عمّا ستكون ردّة فعل المساعدين القضائيين وعناصر الشرطة، وعمّا إذا كانت هذه الخطوة ستدفعهم إلى التوقف عن القيام بواجباتهم باندفاع!
وحول قوانين البرامج، شرح وزير المال أن المبالغ التي وضعت في الموازنة «صفر» أمام بعض البرامج، مثل طريق القديسين، مرفأ جونيه، مرفأ عدلون، طريق كفرمان ــ مرجعيون، سببها أن أموال هذه المشاريع أقرت في العام 2018 ولم تستخدم وأنها ستصرف خلال العام الحالي، وتقرّر أيضاً تأجيل إقرار المادة حتى كتابة نص واضح.
وأقرت المواد 16 و17 و18، بتعديل الرسوم التي تستوفيها المديرية العامة للأمن العام، مثل إجازات عرض الدعايات وإجازات عمل الفنانين وفرض غرامات جديدة على الشركات السياحية التي تستقدم وفودا أجنبية في حال تخلّف من في عهدتها عن المغادرة، واستحداث رسوم تستوفيها المديرية العامة للأمن العام عن كل إعلان طرقي ومعاملة نقل كفيل للعمال الأجانب ولقاء منح تصريح سنوي لدخول حرم المرافئ البحرية لكل عميل جمركي.